قالت هيومن رايتس ووتش اليوم ، الجمعة ، إن على السلطات العراقية أن تكف عن منع المظاهرات السلمية وأعمال الاعتقال والترهيب بحق مُنظّميها. وعلى قوات الأمن العراقية أيضاً احترام الحق في حرية التجمع، وألا تستخدم إلا الحد الأدنى من القوة المطلوبة في حالة وقوع العنف في المظاهرات.
وقالت المنظمة المعنية بمتابعة اوضاع حقوق الانسان في العالم ، ان ما يجري اليوم هو شبيه بما يحدث بالعراق القديم ، حيث تخويف الناشطين كي يلتزموا الصمت ويخفضوا رؤوسهم. العراقيون المهتمون بما يحدث في بلدهم ويريدون إبداء آرائهم في مشكلات العراق يجب أن يتم الاحتفاء بهم، لا ترهيبهم .
واكدت المنظمة انه وبعد خروج آلاف العراقيين إلى الشوارع في صيف 2010 احتجاجاً على القصور المزمن في الخدمات الحكومية، هاجمت السلطات العراقية المظاهرات. وأصدرت وزارة الداخلية قراراً متعسفاً عن الاحتجاجات العامة، ويبدو أن مكتب رئيس الوزراء أصدر أمراً سرياً لوزير الداخلية برفض التصريح للمظاهرات الخاصة بقضايا عجز السلطات عن توفير الخدمات.
وعلى مدار الشهور القليلة الماضية رفضت الحكومة التصريح بعدد كبير من المظاهرات العامة، دون إبداء أسباب. كما اعتقلت السلطات وأرهبت منظمي المظاهرات والمتظاهرين، وأدت أعمال الشرطة إلى وفيات وإصابات. وأدت الحملة إلى خلق أجواء من الخوف في صفوف المنظمين والمتظاهرين.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: مصادرة حقوق وحريات العراقيين التي وُعدوا بها مقابل كل المعاناة التي تحملوها منذ الحرب، تعني إجبارهم على تحمل ما لا يُطاق. متى يتعلم المسؤولون العراقيون أن إسكات صوت الشعب لا يتعدى كونه وصفة جاهزة للفرقة والشقاق؟
وعلى مدار الشهور الماضية، ازداد الغضب الشعبي في شتى أنحاء العراق من عجز الحكومة عن توفير الكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى بالشكل الكافي. فمع توفر الكهرباء ساعات قليلة كل يوم، ومع ارتفاع درجات حرارة الصيف نحو الخمسين درجة مئوية، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في شتى أنحاء العراق في يونيو/حزيران. احتجاجات البصرة بلغت ذروتها في 19 يونيو/حزيران، عندما قتلت قوات الأمن متظاهرين اثنين وأصابت اثنين آخرين
في 25 يونيو/حزيران، أصدرت وزارة الداخلية أنظمة جديدة متعسفة الأحكام، تؤدي عملاً إلى عرقلة حق العراقيين في تنظيم المظاهرات المشروعة. يطالب النظام المنظمين بالحصول على موافقة وزير الداخلية ورأي المحافظين قبل تقديم طلب إلى مديرية الشرطة المعنية، قبل 72 ساعة من المظاهرة. ولا يذكر النظام أي المعايير تلجأ إليها وزارة الداخلية والمحافظون أو الشرطة، في معرض الموافقة على المظاهرات أو رفضها، مما يمنح الحكومة سلطة مطلقة في تحديد من يحق له عقد مظاهرة. وليس من الواضح إن كان بإمكان منظم المظاهرة الطعن في قرار الرفض أم لا.
واكدت المنظمة من ان هذه الأنظمة قد تقوض من الضمانات المكفولة في الدستور العراقي، والخاصة بـ حرية التجمع والمظاهرات السلمية. كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - والعراق دولة طرف فيه - يضمن الحق في التظاهر السلمي وفي عدم التعرض للاعتقال والاحتجاز التعسفيين. ويوضح العهد أن القيود على التظاهر السلمي يجب أن تكون استثنائية وفي أضيق الحدود، إذا تبين أنها ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق وحريات الآخرين. من ثم قالت هيومن رايتس ووتش إن منح العراق سلطات مطلقة للحكومة في تقرير الحق في التظاهر يعني الإخفاق في الالتزام بمعيار الاستثنائية الوارد في القانون الدولي، فيما يخص التضييق على الحق في التجمع.
كما أن أنظمة وزارة الداخلية المذكورة تنطوي على إشكاليات بما أنها تسمح صراحة لقوات الأمن العراقية باستخدام قوة غير محدودة ضد المتظاهرين، سواء متناسبة أم لا، على حد قول هيومن رايتس ووتش. القرار ورد فيه أنه في حالة نشوب العنف أثناء مظاهرة فسوف تستخدم الوسائل المعروفة لتفريق المتظاهرين.
وفي 5 سبتمبر/أيلول، قال مسؤول رفيع بوزارة الداخلية لـ هيومن رايتس ووتش إن يوم صدور القرار، أرسل مكتب رئيس الوزراء أمراً سرياً إلى الوزارة يوجه فيه وزير الداخلية جواد البولاني إلى رفض الموافقة على جميع المظاهرات الخاصة بانقطاع الكهرباء أو القصور في الخدمات الحكومية الأخرى، يخبره في الأمر بأنه يجب اختلاق الأعذار إذا تطلب الأمر.
وقالت سارة ليا ويتسن: سحق قدرة العراقيين على التعبير عما لديهم من شكاوى عن إخفاق الحكومة في توفير الخدمات الأساسية سيجعل الناس بلا شك أكثر غضباً وإحساساً بالإحباط. وتابعت: إذا لم يكن بإمكان الحكومة حتى أن توفر الكهرباء للمدن والبلدات العراقية، فليس أقل من أن تتيح القنوات لبث الشكوى العامة
https://telegram.me/buratha