اعتبر رجال دين مسيحيون، الخميس، أن الدعوة التي أطلقها قس مسيحي أميركي لحرق نسخة من المصحف يوم الحادي عشر من أيلول لا يمثل الدين والمبادئ المسيحية، إنما تمثل اندفاعات باتجاهات معينة، مطالبين أميركا والمجتمع الدولي بمنع وقوع هكذا أعمال لما لها من ضرر وتأثير على الإنسانية. وقال الكاردينال عمانوئيل دلي في حديث صحفي على هامش مؤتمر عقد ببغداد لرجال دين مسيحيين ومسلمين بشأن دعوة حرق المصحف "نستنكر ما أتى به هذا الشخص الذي يدعي أنه قسيس وهو ليس بقسيس، بل أنه لا يستحق أن يحمل هذا الاسم لأنه يريد أن يمزق الكتاب الكريم الذي يحمل كلام الله ويدعو الناس إلى المحبة"، لافتاً إلى أن "هذا المؤتمر عقد للرد على هذا الشخص باسمي كرئيس للطائفة الكلدانية في العراق وباسم جميع العراقيين مسيحيين ومسلمين". وتنوي كنيسة مركز الحمامة لنجدة العالم المعمدانية في ولاية فلوريدا الأميركية، حرق نسخة من القرآن الكريم أمام الملأ السبت المقبل في الذكرى التاسعة لاعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة وسط انتقادات وجهت لها من داخل الولايات المتحدة وخارجها.وأضاف الكاردينال عمانوئيل دلي الذي يرأس أيضا مجلس الطوائف المسيحية في العراق أن "عدداً كبيراً من الكنائس في البلدان العربية والعالم وبخاصة الكنيسة الكاثوليكية ردوا على هذا الشخص ورفض تصرفه واستنكروا تصريحاته ونيته السيئة بتمزيق كتاب كريم يحمل كلام الله ويدعونا به إلى المحبة والأخوة والتسامح".وكان تيري جونز خادم كنيسة دوف التبشيرية في ولاية فلوريدا الأمريكية الذي يريد حرق نسخة من القرآن الكريم في 11 ايلول (سبتمبر) أكد، أمس الأول الثلاثاء، انه ينوي بإصرار المضي في تنفيذ ما توعد به، مضيفا أن "هذا العمل قد يسيء إلى الأشخاص وإلى المسلمين، وأنا سأكون مستاء أيضا عندما يحرقون العلم الأمريكي أو عندما يحرقون الكتاب المقدس، إلا إننا نعتقد أننا لا نستطيع التراجع".من جهته قال معاون بطريارك الكلدان في العراق المطران شليمون وردوني في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "ما قاله هذا القس هو قول غير مسؤول ويعد فاضحا وواضحا على إخوتنا المسلمين في معتقدهم وهو ضد الحرية الدينية"، مضيفاً أن "ما قاله القس ليس محبة ولكنه بغض وهو يزرع الانقسام ويريد ابتعاد الناس بعضهم عن بعض ونحن نريد التقارب".وأضاف وردوني أننا "نشجب وندين بكل قوة هذه الأعمال التي يقوم بها هذا القس اللامسؤول والذي يدعي التدين لكنه بعيد عن الدين"، لافتا إلى أن "قداسة البابا وجميع الأساقفة في أوربا أدانوا وشجبوا هذه الأفعال". وكان رئيس أساقفة كركوك لويس ساكو قال في حديث سابق نشجب وندين دعوة خادم كنيسة دوف التبشيرية في ولاية فلوريدا الأمريكية تيري جونز إلى إحراق نسخ من المصحف الشريف وأننا نعد هذا العمل فعلا مشينا ولا أخلاقيا وتعديا صارخا ليس على الديانة الإسلامية فحسب بل على الديانات كافة.من جانبه قال شيخ طائفة الآشوريين في العراق إياد الآشوري إن "ما يقوم به احد القساوسة الأميركيان مدفوع من جهات سياسية من بعض القيادات الأمريكية"، محملاً "حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية الاستخفاف بمشاعر المسلمين". وأشار إلى أن "القس عندما صرح بأنه سيحرق المصحف تناسى أن القران الكريم انزل على البشرية جميعا وليس على المسلمين فقط"، مطالباً "الحكومات العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع الولايات المتحدة التي تحاول تدمير العالم"، على حد قوله.وكان رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي اعتبر في وقت سابق من اليوم الخميس خلال لقائه السفير الأميركي وقائد القوات الأميركية في العراق أن إقدام قس أميركي على حرق المصحف سيلحق ابلغ الضرر بالعلاقات بين الأديان والتواصل الإنساني والحضاري بين الشعوب، إضافة إلى اتخاذ ذلك من قبل بعض المتطرفين ذريعة للمزيد من عمليات القتل والقتل المضاد، داعياً إلى العمل بكافة السبل لمنع هذا العمل.وبشأن عقد هذا المؤتمر قال مستشار رئيس الوزراء جورج باكوس إن "تنظيم هذا المؤتمر جاء من اجل إيصال رسالة من سيادة الكاردنال كرئيس الكنيسة الكاثوليكية في العراق وكرئيس مجلس الطوائف المسيحية في العراق بأن العراقيين بمختلف دياناتهم يعيشون بمحبة، إضافة إلى أن هذا القس لا نعرف إن كان مسيحيا أو تقف وراءه حركات مشبوهة من اجل تحقيق أهداف معينة خارج اطر وسياقات الإيمان الموجودة في الديانات الثلاث".وبين أن "الكردنال أكد بأنه ليس مسيحيا بل انه مندفع باتجاهات معينة علمت من خلال تصريحاته وأعماله التي ينوي القيام بها مع شهر رمضان المبارك وعيد الفطر"، واصفاً أعماله وتصرفاته بـ"السراب الذي يأتي ويذهب، فيما تبقى العلاقات بين كافة الأديان متينة". بدوره قال الأمين العام لنقابة السادة الأشراف في العراق عبد الهادي آل الحسيني إن "المؤتمر بادرة ومناسبة لعرض كل مواقف أطياف الشعب العراقي وليس المسيحيين فقط المعروفين بموقفهم الثابت تجاه احترام الأديان لاسيما كتاب الله القران الكريم". وطالب الحسيني "الحكومة الأمريكية والأمم المتحدة أن يكون لها دور لإفشال هذا المخطط من خلال عقد المؤتمرات التي تدعو إلى الوحدة بين الأديان والتسامح الديني"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن "الاحتلال الأمريكي دنس المصحف الكريم وهو لا يمثل عمل المسيحيين وكذلك أعمال 11 أيلول لا تمثل عمل المسلمين". وأكد الأمين العام لنقابة السادة الأشراف في العراق عبد الهادي أن"جميع المراجع الإسلامية وبكافة مذاهبها رفضت أعمال الحادي عشر من أيلول سبتمبر وكل عمل يستهدف الأبرياء والمباني والمراكز المدنية والحكومية".ويضم العراق أربع طوائف مسيحية رئيسية هي الكلدانية أتباع كنيسة المشرق المتحولون إلى الكثلكة، والسريانية الأرثوذكسية، والسريانية الكاثوليكية، والطائفة اللاتينية الكاثوليكية، والآشورية أتباع الكنيسة الشرقية، إضافة إلى أعداد قليلة من أتباع كنائس الأرمن والأقباط والبروتستانت.وكانت الدعوة التي أطلقتها كنيسة أمريكية لإحراق القران الكريم في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) لاقت انتقادات واسعة، إذ ندد الفاتيكان، أمس الثلاثاء، بالدعوة وأعتبرها متعارضة تماما مع الإيمان المسيحي، فيما أعلن قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس، الاثنين الماضي، أنه يشعر بقلق بالغ للانعكاسات الممكنة إذا ما نفذت الكنيسة ما توعدت به، مضيفاً أن ذلك يمكن أن يعرض القوات الدولية والجهود الشاملة في أفغانستان للخطر، في حين استنكر الأمين العام للأمم المتحدة بان كين بشدة إقدام دعوة القس الأميركي لحرق مصحف المسلمين.
https://telegram.me/buratha