ألغت المحكمة العليا للاحتلال قانون "عدم المعقولية" المنصوص عليه في التعديلات القضائية، والذي يحد من إشرافها على الحكومة والوزراء، يأتي ذلك وسط تزايد الانتقادات الداخلية الموجهة لإدارة حكومة الاحتلال والحرب على غزة.
وكان كنيست الاحتلال، في 24 يوليو/تموز الماضي، أقر مشروع القانون الذي اقترحته حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لتقييد بعض صلاحيات المحكمة العليا على الرغم من الاحتجاجات الواسعة للمعارضة التي تعهدت بشطبه عندما تعود للسلطة.
ماذا يعني قانون "الحد من المعقولية"؟
يعدل قانون عدم المعقولية أو الحد من المعقولية القانون الأساسي وهو معنى بالسلطة القضائية داخل الاحتلال، والذي من شأنه أن يمنع محاكم الاحتلال، بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرَف باسم “معيار المعقولية” على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.
يوضح المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد أن محكمة الاحتلال العليا والمحاكم الأخرى تحظى بـ "صلاحية المعقولية"، ويعني أن أي قرار تتخذه الحكومة أو أي مؤسسة حكومية ضد أفراد أو مؤسسات أو أشخاص، وتوجه هؤلاء للمحكمة للطعن، فإن المحكمة بإمكانها إلغاء القرار لو شعرت بعدم منطقه أو معقوليته.
ويشير شديد في حديثه لـ "شبكة قدس" إن كنيست الاحتلال في ظل حكومة نتنياهو وقد أصبح تحت سيطرة اليمين، قرر أن يلغي قانون المعقولية، وبذلك مرر قانون "الحد من المعقولية"، كقانونٍ أساسي قريبٍ من القانون الدستوري.
ويضيف شديد أن إلغاء المحكمة العليا لهذا القانون، يمكن أن يكون سابقة في تاريخ الاحتلال، أن تلغي المحكمة قانونًا صادر عن "الهيئة التشريعية لدى الاحتلال"، موضحًا: "في السابق كانت محكمة الاحتلال تلغي قرارات، أما أن تلغي قانونًا فيعني ذلك أن يصل الصراع بين الجهازين القضائي والتنفيذي لمرحلة مفصلية.
الاحتلال المنقسم يزيد انقسامًا
يقول المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إن جهاتٍ التمست لمحكمة الاحتلال العليا بإلغاء قانون "عدم المعقولية"، وأن الإلغاء يعود للجهاز القضائي صلاحياته في التحكم بالقرار الحكومي، مضيفًا، أن أخبار إلغاء القانون سربت بشكلٍ يبدو مقصودًا، بهدف محاولة إثارة الداخل الإسرائيلي.
ويلفت هلسة في حديثه لـ "شبكة قدس" إلى ردود فعلٍ وجدلٍ منقسم في داخل الاحتلال المنقسمٍ أصلًا بفعل الحرب، منها مطالبة أرييه درعي رئيس حزب شاس بتأجيل قرار الإلغاء خوفًا من الإضرار بمجريات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتمزيق الحالة الداخلية للاحتلال.
ويؤكد هلسة أن إلغاء القانون في أوج الحرب، وفي ظل الانتقادات بحق الحكومة وفشلها في 7 أكتوبرتشرين الأول، سيزيد من تعميق الحالة الإسرائيلية الممزقة، وزيادة الشرخ بين الجبهة الداخلية والحكومة، وفي المقابل، زيادة غضب اليمين المتطرف الذي يقف وراء هذه التعديلات، ما يعني أن تعود كرة النار إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر من احتجاجات واسعة داخل الاحتلال.
في المقابل، عارض حزب "المعسكر الرسمي" بقيادة بيني غانتس، و"إسرائيل بيتنا" بقيادة أفيغدور ليبرمان، مبادرة درعي لتأجيل نشر الحكم.
وقال زعيم المعارضة لدى الاحتلال يائير لبيد إنه يدعم قرار المحكمة العليا بشكل كامل بعد إلغائها قانون "المعقولية" الذي يحد من إشرافها على الحكومة والوزراء.
وبحسب غانتس، فإن الحديث عن منع نشر الحكم "سابقة خطيرة تمس باستقلالية المحكمة".
من جهة أخرى، انتقد وزير أمن الاحتلال إيتمار بن غفير إلغاء القانون، قائلا إنه خطير ويضر بالمجهود الحربي، وفق تعبيره.
فيما اتهم وزير عدل الاحتلال ياريف ليفين المحكمة العليا بـ "الاستيلاء على كافة الصلاحيات"، وتابع أن نشر حكمها بشأن قانون المعقولية في هذا التوقيت مخالف لروح الوحدة المطلوبة أثناء الحرب.
وقال حزب الليكود الحاكم إن إبطال المحكمة العليا قانون المعقولية في خضم "الحرب يتعارض مع إرادة الشعب."
https://telegram.me/buratha