نبيل صافية *||
أشرت في الجزء السّادس عشر لدور النّخب السّياسيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة في سورية وأثرها لتفيد منها في الخلاص من الأزمة ضمن إطار تطوير عمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في سورية ، وتركت الفقرة العشرين لتكون ختام البحث ضمن إطار عمل منظومة كما أشرت في الجزء الخامس عشر أثناء مناقشة الفقرة الرّابعة والعشرين وهي تشير لضرورة تغيير السّياسات الحكوميّة التي أسهمت سابقاً في كثير من حالاتٍ بخلق الأزمات المختلفة للشّعب العربيّ السّوريّ وتلك السّياسات ينفيها الوزراء ويثبتها السّيّد الرّئيس ، ورسم أو وضع سياسات اقتصاديّة وسياحيّة استراتيجيّة تسهم في ازدهار المجتمع السّوريّ لتحقيق أدنى مقوّمات الازدهار له ، وسأشير في الجزء الحالي لبعض تلك الوزارات ، ولعلّ من المعلوم أنّ مقوّمات نجاح أيّة دولة تأتي من قوّة اقتصادها ، ولعلّ الاقتصاد يعدّ محرّكاً أساسيّاً في رسم السّياسة الاقتصاديّة لأيّة دولة في العالم ، وكانت المعايير الاقتصاديّة عبر التّاريخ هي الخطوة الأولى نحو تحقيق الازدهار والنّمو الاقتصاديّ ، وبالتّالي تحديد الرّؤى السّياسيّة والاجتماعيّة للدّول ..
ولو تساءلنا :
هل استطاعت سورية أن ترسم سياسة اقتصاديّة واضحة لها لتحقيق ازدهارها وتطوّرها ، وأن تعدّ الخطط الاستراتيجيّة التي تؤدّي إلى الاكتفاء الذّاتي للدّولة ، وبالتّالي تساهم في تحقيق راحة المواطن ورفاهيته ؟، وما معالم تلك الخطط في ضوء مناقشتها أمام مجلس الشّعب وتحت قبّته بما أنّه يمثّل سلطة الشّعب في السّعي لتحقيق النّمو والازدهار الاقتصاديّ للدّولة ؟!.
ولعلّ المعايير الأساسيّة التي تحقّق ذلك الازدهار تأخذ في الحسبان النّاتج المحليّ الزّراعيّ والصّناعيّ وقوّة التّصدير مقابل الاستيراد ، وكذلك الثّروات الباطنيّة ودورها في النّاتج المحلّي والموازنة العامة للدّولة ، وبطبيعة الحال المخزون الاستراتيجيّ للذّهب والعملات الأجنبيّة ودورهما وأثرهما أيضاً ...
ولو تساءلنا :
هل كان الشّعب العربيّ السّوريّ على دراية تامة بتلك السّياسات عبر مراحل الحكومات السّوريّة التي تمّ تأليفها ؟ وما خططها حتّى يستطيع ذلك الشّعب الذي يتمّ التّحكّم باقتصاده وثرواته لبيان ما تحقّق منها بعد الاطّلاع على ما تخطّط حكومته ؟!، وهل الحكومة سهّلت أعمال المواطنين وقامت بخدمتهم أو أنّها سهّلت عليهم في تلك الخدمات ؟!، وإنّي على استعداد لتقديم الأفكار التّطويريّة في مختلف الجوانب الاقتصادية والثّقافيّة والعلميّة وسواها أيضاً لمقام السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد بما يفيد في التّنمية الاقتصاديّة لسورية والاكتفاء الذّاتي لسورية .
وفي ظلّ غياب الجانب السّياحيّ خلال فترة الأزمة ، وربّما أستطيع أن أقول قبلها _ عندما كانت العبارات تقول في بعض المحافظات العربيّة السّوريّة على الطّرقات العامة " تركيا قطعة من الجنّة " أو " تركية جنّة الله في الأرض " ، فهل هذا يعكس سياسة سياحيّة اقتصاديّة لصالح سورية ؟ وهل هناك سياسة سياحيّة واضحة من خلال معظم الحكومات التي تعاقبت في سورية ، ولم نلحظ أيّ وزير سياحة قد حدّد معالم سياسة سياحيّة بصورة جليّة واضحة مع مرور الزّمن ؟!، وهنا أودّ الإشارة للجوانب الآتية التي يمكن أن تسهم في تطوير السّياحة السّورية ، وتتجلّى باستثمار البيئات والآثار السّياحيّة وتفعيل الاستثمار السّياحيّ ، ووضع الشّاخصات ذات الدّلالة السّياحيّة لعدم وجودها في الطّرقات العامة بالتّعاون مع وزارة الدّاخليّة ، وسوى ذلك كثير ممّا أشرت إليه .
وكذا الحال في الجانب الزّراعيّ _ رغم كثرته وما أحمله من أفكار لتطوير الجانب الزّراعيّ في سورية والتّنمية الاقتصاديّة لسورية والاكتفاء الذّاتي لسورية أيضاً _ منها : التّوجيه لاستثمار الأراضي المهملة ذات المساحات الشّاسعة في مجال زراعة القمح وتأمين الخدمات اللازمة لذلك ، وحفر آبار جوفيّة بحريّة من القطاع الخاص عبر حالة استثماريّة وزراعة القمح في المساحات الشّاسعة المهملة بتجربة ألفي دونم كمثال ، استثمار زراعة التّنباك والسّيجار والاستفادة من تجربة كوبا ، والإحصاء الإلكترونيّ للثّروة الحيوانيّة وأهمّيّة ذلك في الاقتصاد الوطنيّ ، واستغلال مياه البحر في زراعة تربية الأسماك ، والقروض للمزارعين على مدى عشر سنوات بفائدة ميسّرة بغضّ النّظر عن التّعقيدات ، مثل ترخيص الآبار الزّراعيّة كون 95% من الآبار غير مرخّصة ، وضرورة إيصال الدّعم لمستحقّيه ، واستحداث طريقة فاعلة لإيصاله لمربّي الأغنام والدّواجن بعيداً عن حالات الفساد من اللجان ، والإكثار من زراعة الأشجار الحراجيّة لما لها من أهمّيّة في مكافحة التّصحّر والصّناعات الخشبيّة .
وسنكون في الجزء الثّامن عشر مع دور الجبهة الوطنية التّقدّمية في تطوير وزارات الدّولة وفلسفتها والنّهوض بها أيضاً بعد الإشارة لوزارتي السّياحة والزّراعة ، وبعض الأفكار التّطويريّة في مجال العمل بهما ، وسأكون في الجزء القادم مع الجانب المتعلّق بوزارة الاقتصاد والصّناعة والإدارة المحلّيّة ومجال الطّرق والنّقل والمواصلات .. فأرجو المتابعة .
بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية
ــــــــ
https://telegram.me/buratha