محمد صادق الحسيني ||
لو كانت الولايات المتحدة تريد حرباً كبرى مع إيران لما استخدمت سياسة العقوبات القصوى. سياسة العقوبات القصوى هذه مفاعيلها تكبيلية. هي عمليا بديل الحرب. العجز عن اتخاذ قرار الحرب يعني التسليم بالواقع القائم، أي بلحظة التوازن القائمة في ميزان القوى والتي تجد ترجمتها العملية في الاستعصاء الشامل في ساحات الصراع في الإقليم. الصراع يتم بالنقاط دون قدرة الطرف المهاجم على كسر كامل النسق. كسر النسق مثلا بالحفر في حقل كاريش يستلزم تلويح بالرد العسكري لإيقاف الحفر. لحظة التوازن تفرض على طرفي الصراع خوضه دون تعديل في القواعد العامة التي تحكمه.
إذا كانت الحرب على روسيا قد وضعت العالم في كارثة كبيرة، فالحرب على إيران بالتزامن معها ستأخذ العالم كله إلى الجحيم. لذلك، وبترتيب الأولويات، الولايات المتحدة معنية بالحرب مع روسيا والصين، بالتزامن مع تشديد قبضتها على منطقتنا ومحاولة فرض قواعد حاكمة لها. إيران تشكل المانع الوحيد لاستتباب هذه القواعد. تشديد الحصار على إيران دفعها تلقائيا لتعميق وتعزيز شراكتها مع الصين وروسيا. أصبح أي مكسب إيراني في الإقليم مكسبا موازيا في لعبة الصراع العالمي بحكم اقتراب إيران الحتمي مع المحور الناشئ بوجه الولايات المتحدة. هذا يربك الكيان المؤقت الصهيوني ويشعره بقلق وجودي لأن الشروط الموضوعية لنشأته واستمراريته تتغير بشكل عميق. الأرض تحت الكيان تميد وأسس البناء تتآكل. قد تكون المواجهة الكبرى حتمية، لكن توقيتها لا يحدده الكيان طالما الأميركي ممسك بزمام الأمور. الكيان الصهيوني المؤقت هذا يتصرف اليوم ككلب مسعور.
عصر _ مابعد _ امريكا
عالم ينهار
عالم ينهض