سوريا - لبنان - فلسطين

بين أيديولوجيا الفَرد والجماعة، كيف يستمر حزبُ الله؟


 

د. إسماعيل النجار ||

 

كثيرون يجهلون طبيعة الفكر الأيديولوجي السياسي لحزب الله في لبنان.

وكثيرون يُحَلِّلون ويقتبسون، أو ينقلون عنه أشياءَ كثيرةً، ربما لَم يصيبوا بها بشكلٍ دقيق،بسبب عملية الإطباق الفولاذية الشديدة التي يُحَصِن نفسه الحزب داخلها، إذ لا يستطيع أن يعبر إليه أي نمط سياسي غريب، ولا يَخرجُ من بين جدرانهِ المحَصنَة أيُّ بصيصِ نور يستفيد منه الأعداء في الخارج.

فقد غَلَّفَ حزب الله كينونيِّتهِ الداخلية، بغَمامةٍ ناصعةِ البياض يصعُب خرقها واكتشاف ما هو مكنونٌ ومكنوزٌ تحتها!

فهوَ، بجناحَيْهِ: السياسي والعسكري المقاوم، يحمل أيديولوجيتين مختلفتين، بنفس الوقت يتعامل مع طبيعة الواقع كما هو، بشِقَّيْهِ السياسي والعسكري.

كمااستطاع التوأمَةبينهما، بقدرة عالية وبحنكة سياسية قَل نظيرها.

لكن، ما هي أوجُه حزب الله المعروفة لدى الخارج والداخل؟

1- وجه سياسي داخلي، ووجه خارجي مختلفان تماماً.

2- وجه عسكري داخلي، ووجه خارجي مختلفان كذلك.

*هنا تستطيع أن تتعرف على الحزب، من خلال طبيعة تعاطيه السياسي والعسكري، في الداخل وفي الخارج، حيث تَرَى اختلافاً جذرياً في سلوكه يتجلَّى لك، بشكلٍ واضح وظاهر بعنوانين متناقضين: رحيم.. وشديد.

الأولى يتم تسييلها في الداخل، رغم قساوة الخصوم وعدائيّتهم، إلَّا أن الشراكة في الوطن هيَ الشفيعُ لهم،

 والأخيرة يتم التعامل بها مع الأعداء الخارجيين.

هذا في طبيعة النمطين السياسي والعسكري للحزب.

 أما على الصعيد التنظيمي الداخلي، فتختلف أيديولوجيا الأفراد في قيادته، عن غيرها من فَردٍ إلى آخر، حيث طَغَت على واجهةصفوفه صورة تعاطٍ نمطيةٌ، شكَّلَت، لدى الرأي العام، وجهين سياسيين: صقور وحمائم، أصبحت جذورهما صَلبة، وضاربة عميقاً في الحزب،لكن ليس من الصعب تغييرها،

رغم اعتقاد الكثيرين أنهم يشكلون دعامات هذه المؤسسة الكبيرة والقوية، وتصعُب إزاحتهم.

في حزب الله تكمن نقاط القوة لدى القائد، بالنجاح والثقة، ومن دونهما يصبح المسؤول عُرضَةً للإزاحة، لأن مسيرة المقاومة وواقعها السياسي، وحالة الحرب التي تخوضها، لا يمكن التسامح أو التساهل مع التقصير فيها، لذلك فإن سِرّ بقاء مسؤولين موجودين في الواجهة الأمامية للحزب عقوداً، معقودة بِاستمراريّة عطائهم ونجاحاتهم في عملهم وولائهم، وهيَ غير مرتبطة بمحبة أو عدم محبة جمهوره لهم، كَون الحزب لا يعمَل على العاطفة السياسية.

وفي المحصّلة، لا بُد من اختلافٍ بالأيديولوجيا السياسية، بين بعض أفراد الحزب القياديين، لكن من خلال نظرة الجميع إلى طبيعة الأهداف المعادية، تتغَلَّب قوَّة الفكر الجماعي وتنهزم الأيديولوجيا الفردية، وفي كثير من الأحيان تصبح الفردية ثقافةً مَنفيَةً تصل إلى حدِّ الإلغاء، بسبب عدم السماح بالديالكتيكية غير المبنية على أُسُسٍ وقواعدَ سياسيةٍ إسلاميةٍسليمة.

حزب الله أكبر حزب سياسي وعسكري في منطقة الشرق الأوسط.

ويُعتَبَر لاعباً إقليمياً قوياً،بقيَ متماسكاً وسيبقى كذلك، مهما أفرزَت السنين بداخله، من شخصيات لها نمط تفكيرها الخاص وقَدَّمَت الشخصنَة على المصلحة العامة، وسيبقىَ رمزاً للمقاومات في أنحاء العالم، تُعقَد عليه آمال كبيرة وكثيرة، على مستوَى العالمين العربي والإسلامي، ولن تخيب تلك الآمال، بإذن الله، مهما تنمّر العقل الشيطاني الاستكباري، في هذا العالم.

 

بيروت في...

           6/1/2022

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك