سوريا - لبنان - فلسطين

الحرب على سوريا وتأثيراتها الإقليمية.


بقلم ..ربى يوسف شاهين

منذ عقود ومنطقة الشرق الأوسط تعيش تحولات عديدة على الصعيدين السياسي والعسكري، نظرا لما يمثله الشرق الأوسط من مركزاً هاماً واستراتيجياً، فأصبح بوتقة للنزاعات والتحالفات الدولية، وما يجري في الساحة العربية وخصوصا في سوريا، ما هو إلا نوعاً من التزاحم الدولي لتحقيق السيطرة والنفوذ في هذه المنطقة، ذات الأبعاد السياسية والاستراتيجية الهامة .

الاقطاب إن كانت على مستوى الحلفاء أم الأعداء لكل مصالحه، ولكن ما يختلف هنا الآلية أو المنهج الذي تسلكه الدولة في معالجتها لمفهوم القوة، فالصراع بين امريكا وروسيا قائم، والحرب في سوريا رجحت كفة الميزان لصالح روسيا، وبدا واضحا في المشهد السوري مدى قدرتها السياسية والعسكرية، وكذلك بوجود القوة الإقليمية الإيرانية أيضاً، حيث بدا واضحاً من خلال السياسة الأمريكية الضاغطة على إيران، كيف انسحبت من التفاهم حول الملف النووي الإيراني من دون تصعيد للموقف معها، فالترسانة الإيرانية العسكرية وتفوقها في الشرق الأوسط، شكلت في أحد الجوانب رادعاً لواشنطن لجهة العمل العسكري ضد ايران، ولعل الرسائل الصاروخية التي وجهتها إيران تشهد لها بالتفوق النوعي، حينما اسقطت طائرة الاستطلاع الامريكية في الأجواء الايرانية، لتبدأ الهجمات السياسية والاقتصادية عليها، والتي جعلت الضائقة الاقتصادية تتفجر في الجمهورية الإسلامية على شكل احتجاجات لأجل ارتفاع أسعار الوقود، ومحاولة الحكومة الإيرانية إيجاد توازن يصب في مصلحة الطبقة متوسطة الدخل.

استغلال التطورات على الساحة اللبنانية والعراقية والإيرانية، لمصلحة القوى المعادية التي صنعت الفوضى الخلاقة او الربيع العربي، إضافة إلى سياسة أمريكا المتعددة الجوانب، والتي تأتي في إطار فرض الوقائع السياسية، فقد انسحبت واشنطن من التسوية في الملف الفلسطيني، واكتفت بالإعلان عن صفقة القرن، وبالتالي كل هذه المعطيات تؤكد فشل الإدارة الأمريكية في سياستها الخارجية، لتشتد التجاذبات السياسية المتعددة الاطراف بالنسبة للقضية الفلسطينية، من انتهاكات ضد الشعب الفلسطيني عبر هدم المنازل وضرب قيادة حركة الجهاد الإسلامي، وخلق نوع من الخرق لمحور الفصائل الفلسطينية، وعبر اعتراف ترامب بان اقامة المستوطنات الإسرائيلية لا يشكل خرقا للقانون الدولي. اللعبة السياسية المتعددة الاطراف التي تنتهجها واشنطن تكمن من خلال انتهاز الفرص التي افتعلتها، عندما فرضت سياستها المدمرة للاقتصاد الشرق أوسطي عبر الإرهاب الاقتصادي.

و بات من الواضح أن الميدان السوري شكل تحولاً جوهرياً في سياسة واشنطن الخارجية في الكثير من القضايا الإقليمية، فأصبح تمركزها ووجودها في سوريا تواجد شكلي لضرورة مواكبة المعطيات السياسية والميدانية المستجدة على الساحتين الإقليمية و الدولية، خاصة بعد الهزيمة الكبيرة التي منيت بها فصائلها المتواجدة من داعش والنصرة وغيرهم من الفصائل الإرهابية، فضلاً عن كسر خطوط واشنطن الحمراء في سوريا من قبل الدولة السورية وحلفاؤها، ولذلك اتى قرارها بالبقاء عند منابع النفط السوري لتتمكن من الاستفادة من المتغيرات الحاصلة في دول الجوار لبنان والعراق وإيران، فالفرصة قد تكون مواتية لتغيرات هامة في شؤون هذه البلدان، لتعزز مكانتها تحت مُسمى الدولة "الديمقراطية".

حين نتحدث عن موازيين القوى، يتبادر إلى الأذهان قدرة الرئيس بشار الأسد، على المعالجة السياسية الذكية لمجريات الأمور والتطورات في سوريا و المنطقة منذ اليوم الأول للعدوان الكبير على سوريا، و خلال سنوات الحرب على سوريا اصبح واضحاً مدى حكمة الدولة السورية وحلفاؤها في التعاطي مع مسارات الحرب المفروضة على سوريا، وهذا ما جعل الأمريكي يفقد الكثير من أوراق القوة والضغط ، فالروسي أتخذ القرار الاستراتيجي للتموضع في سورية بعد موافقة الحكومة السورية، من أجل الوقوف في وجه الخطط الأمريكية الرامية أصلا إلى تقسيم المنطقة، لإضعافها من أجل حماية دولة الكيان الاسرائيلي، ولتهديد المصالح الروسية في الشرق الأوسط، و كذلك فعل الإيراني؛ هذه الاستراتيجية التي اعتمدها حلفاء سوريا أظهرت مدى التخبط لدى الأمريكي وأدواته ليس في الساحة السورية فحسب، بل على الساحتين الاقليمية و الدولية، الأمر الذي انعكس سلبا في تعاطي واشنطن وأدواتها مع قضايا المنطقة، وهذا ما يظهر من أثار الإرهاب الاقتصادي والسياسة الامريكية المتبعة في الشرق الاوسط.

الحرب على سوريا كانت مُحركا دولياً للأزمات في عموم المنطقة، ونظراً لتشعب الموضوع وقراءاته السياسية الكثيرة، يمكننا أن نقول بأن فشل واشنطن وأدواتها في سوريا انعكس على الساحة الإقليمية، وتحديداً في اليمن والعراق ولبنان؛ حيث شهدنا في الأعوام الأخيرة فشل واشنطن ومنظومتها السياسية في إدارة قضايا الشرق الأوسط، وهذا ما يهيئ وبشكل واضح إلى خروجها من منطقة الشرق الأوسط، والذي بات وشيكا، لأن صمود سوريا افشل المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة العربية، ولذلك كان لابد من فتح معابر تكون سهلة لانزلاق بعض التيارات الضعيفة فيها، وبالتالي تفاقم الهوة بين حكومة هذه البلدان والشعب، وعليه ينتقل التأثير لمحور المقاومة، الذي هو الهدف الاساسي لمحور التحالف الامريكي.

كاتبة وإعلامية سورية

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك