سوريا - لبنان - فلسطين

سوريا.. من المنتصر؟!

1537 2019-01-25

 

في حروب عصر ما قبل التكنلوجيا والإنترنيت, كان يسهل تحديد من هو المنتصر في النزاعات, فالنتائج واضحة ولا تحتاج لتوضيح, والمهزوم يقبل بشروط المنتصر.. اليوم ومع كل هذا التداخل في النتائج, لم يعد تحديد المنتصر بهذه السهولة مطلقا. 

عندما بدأت "الحرب السورية" عام 2011, لم تكن حربا داخلية بالمعنى أو الصورة التي وصلتها لاحقا.. فقد بدأت بتظاهرات صغيرة وخجولة هنا أو هناك, وفي مدن بعيدة عن العاصمة, عرفت بوجود معروف للتيار السلفي فيها, لكن تلك التظاهرات صبغت بصورة مدنية تطالب بالحرية والديمقراطية لاحقا.. ساعد على كسبها التأييد, ما نقل عن قسوة النظام وتعسفه في الحكم, وسوء الحالة المعيشية للناس. 

تطورت تلك الحرب بعد مرور عام أو أكثر, لتصبح حربا داخلية أهلية واضحة, كان اللاعب الأبرز فيها إقليميا.. وبرزت فصائل وأجنحة متعددة, من أقصى اليمين المتطرف, لأقصى اليسار المتفق مع الغرب وتوجهاته, وكادت الفصائل المسلحة أن تطيح بالنظام, بعد أن إستولت على مدن سورية كبرى, وأصبحت على مرمى حجر من دمشق عاصمة البلاد. 

كان للتدخل الإيراني ودعم بعض الفصائل الشيعية, خصوصا بعد تهديد فصائل سلفية مدعومة من دول خليجية, بتهديم قبر السيدة زينب بنت علي, عليهما وألهما السلام, إبنة رابع الخلفاء الراشدين, وأبو الأئمة الإثنا عشر عند الشيعة, وهو واحد من أهم المراقد المقدسة لدى الشيعة, دورا في إعطاء الصراع بعدا طائفيا.. لكن هذا التدخل, كان لحظة فاصلة في إيقاف إنهيار النظام السوري. 

كبرت اللعبة بعد ذلك, حينما تدخلت روسيا وبشكل مباشر, في قبالة تدخل معتاد أمريكيا وغير مباشر, عن طريق وكلاء وعملاء, فكادت أن تصبح حربا عالمية بالوكالة.. لكن تدخل روسيا, كان لإثبات الوجود, وإستعادة المكانة والنفوذ عالميا, وإستعراض عضلات رهيب.. تصاغرت معه كل قوى الدعم الإقليمية والتمويل والتسليح الجانبي, حتى الأمريكي منها. 

نجح الدعم الروسي, في منح نظام الحكم في سوريا اليد العليا في الصراع بشكل واضح, فأستعاد النظام المدن الكبرى, وصارت له الأفضلية في أي مفاوضات تعقد, وساعده على ذلك, ما حصل بين قطر ودول الخليج, وتراجع الدور السعودي لإنشغالها بقضايا داخلية, تخص ولاية العهد وطريقة إدارة محمد بن سلمان للحكم.. فصار النظام يفرض شروطه, وتكاد قوى المعارضة تبحث عن سبيل لنيل ما يمكن من مكاسب من النظام, تضمن لها سلامتها فحسب.. وها هم العرب اليوم, يعودون خجولين لدمشق لفتح سفاراتهم, ويتحدثون عن دعوة سوريا للعودة للجامعة العربية! 

رغم بقاء جيوب صغيرة لفصائل, بمسميات مختلفة لكنها بهوية سلفية داعشية أو تابعة لتنظيم القاعدة بالعقيدة والأفعال.. لكن النظام أحكم قبضته, وسيتنفس الصعداء ربما قريبا, لكن ثمن ذلك عليه سيكون باهضا, فعقوبات متراكمة على النظام وشخوصه, وتحكم بالقرار السوري وتواجد روسي طويل الأمد, وفاتورة طويلة لتكلفة الحرب. 

هل هذا سيجعل النظام منتصرا في الصراع؟! وهل خصومه من دول الخليج ومن خلفهم خسروا الرهان؟! 

ليس واضحا من المنتصر هنا, فثمن إستعادة النظام لقوته لا يوازي النتيجة المتحققة.. وخصومه لم يخرجوا خالي الوفاض من اللعبة تماما, فقد حققوا أهدافا مرحلية في الأقل, تهمهم كلاعبين يرغبون بالجلوس على طاولة الكبار, وأن رأيهم بات مسموعا في مصير المنطقة, وهو إنجاز لا يستهان به. 

رغم صعوبة تحديد المنتصر.. لكن تحديد الشعب السوري كخاسر أكبر في هذا الصراع, قضية لا تحتاج لنقاش طويل أو تفكير معمق. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك