أثار إعلان روسيا أن لها الحق بتزويد نظام بشار الأسد بمنظومة الصواريخ المضادة للطائرات "S-300″، التكهنات بردٍّ إسرائيلي محتمل، قد يفضي إلى شنها مزيداً من الضربات العسكرية داخل سوريا، ويُدخلها في علاقات متوترة مع موسكو. وعندما غضبت روسيا من الضربة الثلاثية التي وجهتها أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، لبشار الأسد يوم 14 أبريل/نيسان 2018، فإنها حذرت منذ البداية بأن لهذه الضربة عواقب، وها هي قد بدأت بها، وفقاً لما ذكرته وكالة Bloomberg الأميركية.
والجمعة 20 أبريل/نيسان 2018، نقلت وكالة الأنباء الروسية عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله إن "الضربات الجوية الأميركية في سوريا هذا الأسبوع تحل روسيا من أي التزام أخلاقي يمنعها من تسليم أنظمة إس-300 الصاروخية المضادة للطائرات لحليفها الأسد".
ونسبت الوكالة أيضاً إلى لافروف قوله إنه قبل الضربات الأميركية على أهداف ضد مواقع للنظام في سوريا، أبلغت موسكو مسؤولين أميركيين بالمناطق السورية التي تمثل "خطوطاً حمراء" بالنسبة لها، وأضاف أن الجيش الأميركي لم يتجاوز هذه الخطوط. وأضاف الوزير قائلاً: "الآن، ليس لدينا أي التزامات أخلاقية. كانت لدينا التزامات أخلاقية وتعهَّدنا بألا نفعل ذلك، منذ 10 سنوات على ما أعتقد، بناء على طلب من شركائنا المعروفين". وأشارت الوكالة الأميركية إلى أن روسيا باعت في السابق أنظمة "S-300″ إلى إيران رغم معارضة إسرائيل والولايات المتحدة.
وكان الأسد في طريقه للحصول على المنظومة حتى عام 2013، عندما جمد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، العقد استجابة لمناشدات إسرائيل. لكنَّ بوتين قال آنذاك إنَّه إذا شنت الولايات المتحدة هجوماً على سوريا، فإنَّ موسكو قد "تفكر في كيفية التصرف في المستقبل". وعلى الرغم من الخطوة الروسية التي قد تغضب الولايات المتحدة، قال لافروف إنه مقتنع بأن الرئيس الروسي بوتين، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، لن "يسمحا بمواجهة مسلحة بين البلدين".
إسرائيل ستقصف
تسعى إسرائيل دائماً إلى تحقيق تفوق عسكري على البلدان المجاورة لها، ويثير إعلان روسيا التفكير في منح نظام الأسد صواريخ "S-300″ قلق تل أبيب. وأجمع محللون إسرائيليون على أنه في حال زوّدت روسيا نظام الأسد بالمنظومة المضادة للطيران المتطورة "S-300″، فإن تل أبيب قد تستهدفها، وفقاً لما جاء في تقرير لصحيفة "يسرائيل هيوم"، الجمعة 20 أبريل/نيسان 2018. وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا قد تزود نظام الأسد بالمنظومة المضادة للطيران، رداً على الضربة الثلاثية لأهداف في سوريا، الأسبوع الماضي.
ونقلت عن المحللين أن "إسرائيل قد تستهدف الإرساليات التي ستحمل المنظومة الروسية المتطورة؛ وذلك لمنع أي تغيير في التوازن العسكري لصالح النظام السوري". وفي الوقت ذاته، أبدى المحللون تخوّفاً من أن هجوماً إسرائيلياً يستهدف أسلحة تقدِّمها موسكو لدمشق، قد يؤثر بشكل سلبي على العلاقات الروسية-الإسرائيلية. ورجحت وكالة Bloomberg أيضاً أن تقوم إسرائيل بشن غارات جوية، مستندة بذلك إلى أقوال محللين ومسؤولين عسكريين إسرائيليين سابقين، قالوا إن "هنالك رداً واحداً محتملاً فقط من جانب إسرائيل، في حال تسلمت سوريا أنظمة صواريخ أرض-جو، وهو محاولةٌ فوريةٌ لتفجيرها".
والعلاقات ستتدهور مع روسيا
من شأن ذلك أنَّ يقلب العلاقةَ الحساسةَ بين إسرائيل وروسيا رأساً على عقب، وهي علاقة بقيت قائمة على الرغم من اختلاف رؤيتهما وسياستهما حيال سوريا، ويمكنه أيضاً أن يمثل تهديداً آخر؛ وهو إمكانية تصعيد الحرب في سوريا المستمرة منذ 7 سنوات.
ونقلت الوكالة الأميركية عن الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يادلين، أن إسرائيل ستردُّ على تهديد هذه الصواريخ بحسم. ويادلين هو أحد الطيارين الإسرائيليين الذين دمروا مفاعل أوزيراك النووي العراقي في عام 1981، قال إن احتمال نشر صواريخ "S-300″ في سوريا مصدر قلقٍ لعقدين من الزمن. وأضاف: "في نهاية المطاف، سيحدث ذلك. فقد وضعنا بالفعل خططاً مناسبة للتعامل مع هذا التهديد. وبعد التخلص منه، وهو ما سيحدث بالفعل، سنعود إلى نقطة البداية".
المنظومة تغطي مساحات واسعة
يمكن لأنظمة "S-300″ إطلاق صواريخ على 6 أهداف في آنٍ واحد، ولها مدى يصل إلى 200 كيلومتر (120 ميلاً)، ومن شأن ذلك أن يمتد إلى المجال الجوي اللبناني، الذي تستخدمه في بعض الأحيان الطائرات الإسرائيلية لضرب سوريا؛ بل وقد يمتد حتى إلى داخل إسرائيل نفسها.
قال مايكل أورين، وهو نائب وزير الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة وأحد مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إنَّه: "نظام متطور للغاية يمكن أن يغطي مساحات واسعة من الأراضي. سنعارض دائماً تسليمه لسوريا"، بحسب ما ذكرته Bloomberg. وبالنظر إلى رد إسرائيل المحتمل، يقول بعض المحللين في موسكو إنَّ الأمر الأكثر منطقية هو استخدام خاصية الانتشار التي تشكل تهديداً كورقة مساومة.
وقالت إيلينا سوبونينا، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية الذي يقدم المشورة للكرملين، إنَّ تسليم الأسلحة في واقع الأمر "من شأنه أن يغذي التوترات بالمنطقة ويسبب احتكاكاً كبيراً مع إسرائيل. يكفي تزويد سوريا بأنظمة دفاع جوي أخرى والتي لن تثير مثل هذا الرد".
وحتى الأنظمة السورية الحالية التي صممها الاتحاد السوفييت، وجرى تحديثها خلال الأشهر الـ18 الماضية تسببت في بعض الأضرار. وفي فبراير/شباط 2018، أُسقطت طائرة من طراز "F-16″، قيل إنَّها أول طائرة إسرائيلية فُقدت في أثناء الخدمة منذ بداية الثمانينيات. وفي حين تقول وزارة الدفاع الأميركية إنَّ جميع الصواريخ، التي يزيد عددها على 100 صاروخ والتي أطلقت في غارة الأسبوع الماضي، وصلت إلى أهدافها- تقول روسيا إنَّه جرى اعتراض ثلثيها، وقدمت مجموعة مراقبة سورية مؤيدة للمعارضة، مستشهدة بأقوال ضباط بالدفاع الجوي، تقديرات مماثلاً.
لكنها ليست مضمونة كليةً
وقال جيريمي بيني، محرر الشرق الأوسط وإفريقيا في مجلة Jane’s Defence Weekly: "سوريا لديها بالفعل بعض الأنظمة القصيرة والمتوسطة المدى، وبإضافة أنظمة S300، ستكون (القوات السورية) قادرة على تشكيل مظلة دفاع جوي شاملة إلى حد ما ومتعددة الطبقات في سماء بلادها".
وأشار بيني إلى أنه في أي محاولة لتدمير الأسلحة الجديدة، من المحتمل أن تستخدم إسرائيل طائرات "F-35″ أميركية الصنع والحرب الإلكترونية. في حين يقول خبراء عسكريون روس إنَّه في حين أنَّ أنظمة "S-300″ قوية للغاية، فهي ليست مضمونة كليةً. وبرأي فيكتور موراكوفسكي، وهو قائد سابق في الجيش الروسي يعمل الآن مستشاراً لدى الحكومة، فإنه "لا يوجد نظام دفاع جوي لا يُقهر. مثلما لا توجد مقاتلات لا تقهر".
وهناك خط أحمر
وبعد يوم من الضربات التي شنتها أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، على أهداف تابعة للنظام في سوريا، قالت القناة الإسرائيلية السابعة إن "تل أبيب ببعثت رسالة واضحة إلى روسيا، وبموجبها فإن بيع منظومة الدفاع الجوي المتطورة ضد الصواريخ S-300 يعتبر تجاوزاً للخط الأحمر بينهما".
وقال موقع "i24" الإسرائيلي نقلاً عن "مصدر سياسي"، قوله إن الرسالة نقلتها إسرائيل بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية أن موسكو ستعيد النظر حول بيع أسلحة للسوريين بعد الضربة الثلاثية التي قادتها الولايات المتحدة بالاشتراك مع بريطانيا وفرنسا. وأشار الموقع إلى أن امتلاك منظومة "S-300″ يمكن أن يشكل نقلة نوعية كبيرة جداً للدفاعات الجوية لدى قوات نظام الأسد، التي تعتمد اليوم على منظومة امتلكتها إبان فترة الاتحاد السوفييتي السابق، ومنذ ذلك الحين لم توافق أي دولة على أن تبيع الأسد الأب، أو الابن، منظومة متطورة من هذا القبيل. ولفت الموقع الإسرائيلي إلى أنه ليس من الواضح، إن كانت الرسالة التي نقلتها إسرائيل، يمكن أن تؤثر بالفعل على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحكومته.
ويُشار إلى أن إسرائيل صعّدت خلال الفترة الأخيرة من غاراتها على أهداف لنظام الأسد وإيران في سوريا. ومنذ عام 2011، نفذت إسرائيل ما لا يقل عن 150 غارة جوية بسوريا، كان آخرها في 9 أبريل/نيسان 2018، حين قصفت إسرائيل قاعدة الشعيرات الجوية في حمص، والتي يستخدمها الجيش الإيراني، وشملت ضرباتها أهدافاً أخرى مثل قوافل أسلحة متجهة إلى حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، والذي قاتل مراراً ضد إسرائيل.
وترى تل أبيب في هذه الأهداف محاولة من طهران -التي تشكل خطراً على إسرائيل- لتثبيت وجودها في سوريا.
المصدر :
https://www.sada-alkhaleej.com/news/2026
https://telegram.me/buratha