فشل البرلمان اللبناني يوم الأربعاء للمرة الثامنة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو أيار الماضي ليستمر بذلك فراغ سدة الرئاسة في هذا البلد الذي يعاني من تجدد العنف.
وأدت الحرب الأهلية في سوريا إلى تفاقم الانقسامات السياسية وتعقيد مسألة التوافق على رئيس جديد. ويأتي الجمود السياسي في وقت يشهد تدهورا في الوضع الأمني في لبنان حيث وقعت ثلاثة انفجارات انتحارية في أواخر الشهر الماضي استهدفت العاصمة ونقطة تفتيش على الطريق المؤدي إلى سوريا.
وتسببت الأزمة السورية والمأزق السياسي الداخلي بضرب الاقتصاد اللبناني مما دفع البنك المركزي لتقديم حزم التحفيز.
وأرجأ رئيس البرلمان نبيه بري جلسة انتخاب رئيس جديد إلى الثالث والعشرين من يوليو تموز بسبب عدم اكتمال نصاب الثلثين لعدد النواب الحاضرين في جلسة ليتسنى التصويت على رئيس جديد.
وقاطعت الجماعات السياسية جلسات الانتخاب في الأسابيع الأخيرة واتهم كل منها الآخر بالوصول إلى طريق مسدود.
ووفقا للنظام السياسي في لبنان فإن السلطة تتوزع بين الطوائف الدينية المختلفة وقد أسندت رئاسة الجمهورية إلى الطائفة المارونية المسيحية ورئاسة البرلمان إلى مسلم شيعي. وقد تولت حكومة رئيس الوزراء السني تمام سلام صلاحيات الرئاسة ريثما يتم اختيار رئيس جديد للبلاد.
وكانت صلاحيات الرئيس قد تآكلت في لبنان بموجب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في البلاد ومنح صلاحيات أكبر للحكومة ورئيس الوزراء. ومع ذلك فإن موقع رئاسة الجمهورية مهم بسبب شعور المسيحيين بالغبن.
وينبع المأزق السياسي الذي وصلت إليه الأمور في لبنان من الانقسامات العميقة التي زادها سوء التوتر الطائفي جراء الصراع في سوريا بين الفريقين السياسيين الأساسيين في البلد تكتل قوى الثامن من مارس آذار بقيادة حزب الله الذي يدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتكتل قوى الرابع عشر من آذار المنافس له والذي يدعم خصوم نظام الأسد.
ويأتي الفراغ الرئاسي في وقت يحتاج فيه لبنان بشدة إلى قيادة تركز على التعامل مع امتداد آثار الحرب الأهلية في سوريا وقضية وجود أكثر من مليون لاجيء سوري على أراضيه إلى جانب عجز مالي في الموازنة يقارب العشرة في المئة من اقتصاده والإخلال بالتوازن الطائفي الدقيق في البلد.
والجمود السياسي ليس مستغربا في بلد طائفي تعمقت فيه الانقسامات وكثيرا ما اعتمد على القوى الإقليمية لتسوية الخلافات بين الأطراف المتنافسين.
لكن الدول الإقليمية المؤثرة في لبنان منشغلة بالنزاع المدمر في سوريا حيث المملكة العربية السعودية التي تدعم قوى 14 آذار بزعامة رئيس الوزراء السابق المسلم السني سعد الحريري في حين تدعم إيران حزب الله الشيعي وحلفاؤه.
وكان الزعيم المسيحي المتحالف مع حزب الله ميشال عون قد دعا يوم الثلاثاء إلى تعديل الدستور لانتخاب رئيس جديد بالاقتراع المباشر بدلا من تصويت أعضاء البرلمان في مبادرة أعلنها لإنهاء الفراغ المستمر منذ أكثر من شهر في سدة الرئاسة.
لكن هذه الدعوة لم تلق آذانا صاغية عند خصومه السياسيين في قوى الرابع عشر من آذار وقال المرشح للانتخابات الرئاسية المناهض لسوريا سمير جعجع في مؤتمر صحفي إن "هدف طرح التعديل الدستوري هو حرف الانتباه عن الانتخابات الرئاسية."
https://telegram.me/buratha