حسين مرتضى
استطاعت قوات الجيش السوري أن تنفذ تكتيكاً جديداً انطوى على خدعة اعتمدت على إيهام الجماعات المسلحة أن معركة حلب ستشغل الوحدات العسكرية عن مناطق أكثر تحصيناً، لا سيما في ريف دمشق.
المسلحون، وبتوجيه من الجهات الداعمة، حشدوا كل طاقاتهم في مناطق حلب بعد إعلان الجيش السوري عن عملية “عاصفة الشمال”، ليتفاجأوا باستكمال الوحدات العسكرية عملياتها بنفس القوة النارية في عدة محاور، وخاصة في مناطق الغوطة الشرقية وفي حي القدم جنوب العاصمة دمشق، حيث تمكنت هذه الوحدات من تعطيل القدرة النارية للمسلحين في محيط مقام السيدة زينب (ع).
الصدمة التي أصابت المسلحين سجلتها وحدات الرصد اللاسلكية، التي كشفت قيام قيادات المجموعات بطلب الإمداد العسكري الذي بدأ ينفد بفعل الحصار المفروض على مناطق تحصنهم، وسيطرة الوحدات العسكرية على طرق الامداد، ويبدو أن عدم القدرة على تحديد المناطق المستهدفة من قبل الجيش السوري، أدى إلى انهيار ملحوظ في معنويات المسلحين بحسب ما تم رصده لاسلكياً.
وكانت معركة حلب بدأت على أكثر من محور، بالذات المحور الشمالي وصولاً إلى بلدة عندان التي تعتبر الحصن الرئيسي للمجموعات المسلحة في الريف الشمالي لحلب، وفي الشرق والجنوب، في هذا الوقت، استطاع الجيش السوري بسط سيطرته على أكثر من خمس وعشرين بلدة في ريف دمشق وحمص وعلى الحدود مع لبنان، جعلت خطوط الامداد أكثر امناً، وأبعدت الكتل النارية عن مراكز المدن والمحافظات. بالإضافة إلى الاستمرار في فرض حصار محكم حول عدد من المعابر وطرق الإمداد المتصلة بالأراضي اللبنانية والاردنية والعراقية.
وفي حلب أيضاً تقدم الجيش السوري في منطقة بستان القصر بعد اقتحامها ووصول الجيش إلى وسط هذا الحي الهام، الذي يتمركز مقاتلو المعارضة فيه منذ أكثر من عام و3 أشهر، وجرى ذلك بالتزامن مع عمليات في حي الصاخور سجل الجيش فيها تقدماً، بالتزامن مع هجوم على محاور عندان وحريتان وفبتان، لتتوسع رقعة الاشتباكات لتشمل كل المناطق التي يوجد فيها المسلحون، لمنعهم من مساندة بعضهم على عدة محاور، وبذلك يكون الجيش السوري قد حقق تقدماً بارزاً عبر السيطرة على تلال استراتيجية مطلة على بلدات وقرى عدة، ومن أبرزها تل عبد ربه الواقع شمال غرب مدينة حلب، والذي يعتبر نقلة نوعية في ظل ظروف القتال الصعبة نظراً للتضاريس الجغرافية في المنطقة.
وفرض الجيش السوري سيطرته على بلدتي الاحمدية والخامسية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، تمهيداً لدخول بعض المناطق الأخرى كدير سلمان والبلالية، وصولاً للنشابية الواقعة في العمق من الغوطة الشرقية لاستكمال فصلها بشكل كامل عن مطار دمشق الدولي ومناطق الغوطة الغربية، وصولاً إلى عدرا وزارع عالية في دوما وحرستا بريف دمشق، وما ميز عمليات السيطرة على الأحمدية والخامسية، أنها تمت بالسرعة والمباغتة والدخول من جهات عدة، مع إشغال ناري كثيف.
في الوقت نفسه، كانت معركة “أمان السيدة زينب(ع)” تعلن عن أحد انتصاراتها في بلدة البحدلية، التي لم تصمد طويلاً أمام الجيش السوري، ليبدأ حصار خانق للمسلحين في بلدتي الذيابية والحسينية، وامتداداً نحو مناطق البويضة وصهية والسبينة، حيث قام الجيش السوري بتوجيه عدة ضربات لتجمعات المسلحين في تلك المناطق، حيث كانوا يحاولون مساندة القوة المحاصرة في حي غربة، وتم قتل عدد منهم من جنسيات مختلفة، ليوسع الجيش السوري رقعة المنطقة الخالية من المسلحين لعدة كيلومترات مربعة، كما استطاع في عمليات خاصة إقامة حزام آمن شمالي وشرقي وجنوبي منطقة السيدة زينب (ع).
ويبدو أن الخطة العسكرية الجديدة، أثبتت نجاحها في الميدان، عبر اعتماد السيطرة على مجمل التلال والمناطق المرتفعة المحيطة بالقرى والبلدات الريفية، وعدم دخولها بشكل مباشر وإسقاطها عسكرياً، في وقت تم تحقيق قطع طرق الإمداد عن المسلحين، وتنظيف القرى والبلدات بشكل كامل من عناصر الجماعات المسلحة.
29/5/13623
https://telegram.me/buratha