الصفحة الإسلامية

(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) (الارادة، المن، المستضعفون)

154 2025-06-25

الدكتور فاضل حسن شريف

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) الأصل في معنى المن - على ما يستفاد من كلام الراغب - الثقل ومنه تسمية ما يوزن به منا، والمنة النعمة الثقيلة ومن عليه منا أي أثقله بالنعمة. قال: ويقال ذلك على وجهين أحدهما بالفعل كقوله: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا" أي نعطيهم من النعمة ما يثقلهم والثاني بالقول كقوله: "يمنون عليك أن أسلموا" وهو مستقبح إلا عند كفران النعمة. انتهى ملخصا. وتمكينهم في الأرض إعطاؤهم فيها مكانا يملكونه ويستقرون فيه، وعن الخليل أن المكان مفعل من الكون ولكثرته في الكلام أجري مجرى فعال. فقيل: تمكن وتمسكن نحو تمنزل انتهى. وقوله: "ونريد أن نمن" إلخ الأنسب أن يكون حالا من "طائفة" والتقدير يستضعف طائفة منهم ونحن نريد أن نمن على الذين استضعفوا إلخ وقيل: معطوف على قوله: "إن فرعون علا في الأرض" والأول أظهر، و"نريد" على أي حال لحكاية الحال الماضية. وقوله: "ونجعلهم أئمة" عطف تفسير على قوله: "نمن" وكذا ما بعده من الجمل المتعاقبة. والمعنى: أن الظرف كان ظرف علو فرعون، وتفريقه بين الناس واستضعافه لبني إسرائيل استضعافا يبيدهم ويفنيهم والحال أنا نريد أن ننعم على هؤلاء الذين استضعفوا من كل وجه نعمة تثقلهم وذلك بأن نجعلهم أئمة يقتدى بهم فيكونوا متبوعين بعد ما كانوا تابعين، ونجعلهم الوارثين لها بعد ما كانت بيد غيرهم ونمكن لهم في الأرض بأن نجعل لهم مكانا يستقرون فيه ويملكونه بعد ما لم يكن لهم من المكان إلا ما أراد غيرهم أن يبوئهم فيه ويقرهم عليه، ونري فرعون وهو ملك مصر وهامان وهو وزيره وجنودهما منهم أي من هؤلاء الذين استضعفوا ما كانوا يحذرون وهو أن يظهروا عليهم فيذهبوا بملكهم ومالهم وسنتهم كما قالوا في موسى وأخيه لما أرسلا إليهم: "يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى" (طه 63). والآية تصور ما في باطن هذا الظرف الهائل الذي قضى على بني إسرائيل أن لا يعيش منهم متنفس ولا يبقى منهم نافخ نار وقد أحاطت بهم قدرة فرعون الطاغية وملأ أقطار وجودهم رعبه وهو يستضعفهم حتى يقضي عليهم بالبيد هذا ظاهر الأمر وفي باطنه الإرادة الإلهية تعلقت بأن تنجيهم منهم وتحول ثقل النعمة من آل فرعون الأقوياء العالين إلى بني إسرائيل الأذلاء المستضعفين وتبدل من الأسباب ما كان على بني إسرائيل لهم وما كان لآل فرعون عليهم والله يحكم لا معقب لحكمه.

 

جاء في معاني القرآن الكريم عن كلمة نريد: رود الرود: التردد في طلب الشيء برفق، يقال: راد وارتاد، ومنه: الرائد، لطالب الكلإ، وراد الإبل في طلب الكلإ، وباعتبار الرفق قيل: رادت الإبل في مشيها ترود رودانا، ومنه بني المرود. وأرود يرود: إذا رفق، ومنه بني رويد، نحو: رويدك الشعر يغب (قال في اللسان: أغب: بات، ومنه قولهم: رويد الشعر يغب، معناه: دعه يمكث يوما أو يومين. انظر: اللسان (غب) ، والأمثال: ص 217). والإرادة منقولة من راد يرود: إذا سعى في طلب شيء، والإرادة في الأصل: قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل، وجعل اسما لنزوع النفس إلى الشيء مع الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل، أو لا يفعل، ثم يستعمل مرة في المبدإ، وهو: نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى، وهو الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، فإذا استعمل في الله فإنه يراد به المنتهى دون المبدإ، فإنه يتعالى عن معنى النزوع، فمتى قيل: أراد الله كذا، فمعناه: حكم فيه أنه كذا وليس بكذا، نحو: "إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة" (الأحزاب 17)، وقد تذكر الإرادة ويراد بها معنى الأمر، كقولك: أريد منك كذا، أي: آمرك بكذا، نحو: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" (البقرة 185)، وقد يذكر ويراد به القصد، نحو: "لا يريدون علوا في الأرض" (القصص 83)، أي: يقصدونه ويطلبونه. والإرادة قد تكون بحسب القوة التسخيرية والحسية، كما تكون بحسب القوة الاختيارية. ولذلك تستعمل في الجماد، وفي الحيوانات نحو: "جدارا يريد أن ينقص" (الكهف 77)، ويقال: فرسي تريد التبن. والمراودة: أن تنازع غيرك في الإرادة، فتريد غير ما يريد، أو ترود غير ما يرود، وراودت فلانا عن كذا. قال: "هي راودتني عن نفسي" (يوسف 26)، وقال: "تراود فتاها عن نفسه" (يوسف 30)، أي: تصرفه عن رأيه، وعلى ذلك قوله: "ولقد راودته عن نفسه" (يوسف 32)، "سنراود عنه أباه" (يوسف 61).

 

عن تفسير الميسر: قوله تعالى "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) وَنُرِيدُ: وَ حرف عطف، نُرِيدُ فعل. نمن فعل. اسْتُضْعِفُوا: اسْتُضْعِفُ فعل، وا ضمير. أَنْ نَّمُنَّ: أن ننعم. ونريد أن نتفضل على الذين استضعفهم فرعون في الأرض، ونجعلهم قادةً في الخير ودعاةً إليه، ونجعلهم يرثون الأرض بعد هلاك فرعون وقومه.

 

عن مركز الاشعاع الاسلامي ما معنى الإرادة و المشيئة بالنسبة إلى الله تعالى و ما الفرق بينهما؟ للشيخ صالح الكرباسي: المقصود من قولنا "أن الله مُريد" هو أنه تعالى مختارٌ و ليس بمجبورٍ و لا مضطرٍ. أما الإرادة ـ بمعناها المعروف في الإنسان و الذي هو أمر تدريجي و حادث ـ لا مكان لها في الذات الإلهية المقدسة، بل يجب تجريدها ـ أي الإرادة ـ من شوائب النقص و حملها على الله بالمعنى الذي يليق بساحته، مُجردة عن سمات الحدوث و الطروء و التدرّج و الانقضاء بعد حصول المراد، فان ذلك كله من خصائص إرادة الإنسان، و لإستلزام ـ الإرادة بهذا المعنى ـ طروء الحدوث على ذاته سبحانه و تعالى. من أجل هذا وُصفت الإرادة الإلهية في أحاديث أهل البيت عليهم السَّلام بأنها نفس إيجاد الفعل و عينُ تَحقّقهِ، منعاً من وقوع الأشخاص في الانحراف و الخطأ في تفسير و توضيح هذه الصفة الإلهية. عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ، وَ مِنَ الْخَلْق؟ قَالَ، فَقَالَ: " الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ، وَ أَمَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ، وَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَ هِيَ صِفَاتُ الْخَلْقِ، فَإِرَادَةُ اللَّهِ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ، يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَ لَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَ لَا هِمَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا كَيْفَ لِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا كَيْفَ لَهُ ". إذن فوصفُ الله سبحانه و تعالى في مقام الذات بأنه مريد يكون بمعنى أنه مختار، و وصفه به في مقام الفعل يكون بمعنى أنه مُوجِدٌ و مُحْدِث. ثم إن ما يمكن تصوره بالنسبة إلى الفعل الصادر عن الفاعل هو إحدى الصور الأربعة التالية: 1. أن يكون الفاعل فاقدا للعلم، و هو لا يجوز بالنسبة إلى الله تعالى. 2. أن يكون الفاعل عالماً فاقدا للإرادة و هذا لا يجوز أيضا بالنسبة إلى الله تعالى. 3. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً و لكن عن كراهة لفعله و ذلك لأجل وجود قدرة قاهرة عليه مثلاً، أو لأنه ليس أمامه إلاّ أحد أمرين، إما الفعل و إما الترك، و هذا لا يجري على الله تعالى كما هو واضح. 4. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً راضياً بفعله، و فاعلية الباري سبحانه و تعالى تكون من هذا النوع، فهو فاعل مريد مالك لزمام فعله و عمله، يقول سبحانه و تعالى في القرآن الكريم: "وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ" (يوسف 21).

 

يقول الشيخ حسن العامري: حينما نتأمل القرآن الكريم نجد مجموعة كبيرة من آياته لا يمكن أن تفسر الا بالامام المهدي. والوعود الربانية لن تتحقق إلا بالإمام المهدي عليه السلام وهي واضحة الدلالة. ومن هذه الآيات المباركة "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الانبياء 105)، و "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) فهذه الآيات لا تنطبق الا عليه عليه السلام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك