الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية في كتاب حياة الامام الجواد للشيخ القرشي (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب حياة امام محمد الجواد عليه السلام للشيخ باقر شريف القرشي: وفود الفقهاء والعلماء: ووفدت إلى يثرب جمهرة من كبار العلماء والفقهاء وقد انتدبوا من قِبل الأوساط الشيعية في بغداد وغيرها من الأمصار وذلك للتعرّف على معرفة الإمام بعد وفاة الإمام الرضا وكان عددهم فيما يقول المؤرّخون ثمانين رجلاً، ولما انتهوا إلى يثرب قصدوا دار الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌ السلام ففرش لهم بساط أحمر، وخرج إليهم عبد الله ابن الإمام موسى عليه‌ السلام فجلس في صدر المجلس، مُضفياً على نفسه المرجعيّة للأمّة وانّه الإمام بعد الإمام الرضا عليه‌ السلام وقام رجل فنادى بين العلماء: هذا ابن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم فمن أراد السؤال فليسأل، فقام إليه أحد العلماء فسأله: (ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟). فأجابه عبد الله بجواب يخالف فقه أهل البيت عليهم‌السلام قائلاً: (طُلِّقت ثلاثاً دون الجوزاء). وذهل العلماء والفقهاء من هذا الجواب الذي شذّ عمّا قرّره الأئمة الطاهرون من أنّ الطلاق يقع واحداً، ولا نعلم ـ لِمَ استثنى عبد الله الجوزاء عن بقية الكواكب؟ وانبرى شخص فعرّفهم بأنّه الإمام بعد أبيه، والحجّة الكبرى على المسلمين فقام إليه صاحب السؤال الأوّل فقال له: (ما تقول: فيمن قال: لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء؟). فأجابه الإمام عليه‌ السلام: (يا هذا اقرأ كتاب الله تبارك وتعالى: "الطلاّقُ مرَّتانِ فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسانٍ" (البقرة 229) وبهر الحاضرون من مواهب الإمام، وقد أيقنوا أنّهم وصلوا إلى الغاية التي ينشدونها.

 

وعن روايته عن أبيه يقول الشيخ باقر شريف القرشي: روى عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: حدّثني أبو جعفر الثاني عليه‌ السلام قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: دخل عمرو ابن عبيد على أبي عبد الله عليه‌ السلام فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآية "الذِينَ يجتنُبِونَ كَبَائرَ الإثْمِ والفَواحِشِ" (النجم 32) ثمّ أمسك. قال له أبو عبد الله: ما أسكتك؟ قال عمرو: أحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزوجل. قال أبو عبد الله: نعم يا عمرو، أكبر الكبائر الإشراك بالله، يقول الله: "مَن يُشرِكْ باللهِ فقد حرَّم الله عليهِ الجنَّة" (المائدة 72) وبعده اليأس من روح الله لأنّ الله عزوجل يقول: "لاَ ييأسُ مِن رَوْح اللهِ إلاَّ القومُ الكافرون" (يوسف 87) ثمّ الأمن من مكر الله لأنّ الله عزوجل يقول: "فلا يَأمنُ مكر الله إلاّ القوم الخاسرون" (الأعراف 99) ومنها عقوق الوالدين لأنّ الله سبحانه جعل العاق جبّاراً شقياً، وقتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحقّ لأن الله عزوجل يقول: "فجزاؤُهُ جهنَّم خالداً فيها" (النساء 93) وقذف المحصنة لأن الله عزوجل يقول: "لُعنُوا فِي الدنيا والآخرةِ ولهم عذابٌ عظيمٌ" (النور 23) وأكل مال اليتيم لأنّ الله عزوجل يقول: "إنما يأكلون في بطُونِهِم ناراً وسيصلون سعيراً" (النساء 10) والفرار من الزحف لأنّ الله عزوجل يقول: "ومَن يُولِّهم يومئذٍ دبُرهُ إلاَّ متحرِّفاً لقتالٍ أو متحيزاً إلى فئةٍ فقد باء بغضَبٍ من الله ومأواهُ جهنَّمُ وبئس المصير" (الأنفال 16) وأكل الربا لأنّ الله عزوجل يقول: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقومُ الذي يتخبطُهُ الشيطانُ من المسِّ" (البقرة 275) والسحر لأن الله عزوجل يقول: "ولقد علموا لمن اشتراه مالهُ في الآخرة من خلاقٍ" (البقرة 102).

 

ويستطرد الشيخ القرشي قدس سره عن روايته عن أبيه عليهما السلام قائلا: والزنا لأنّ الله عزوجل يقول: "ومن يفعل ذلك يلق آثاماً * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً" (الفرقان 68-69) واليمين الغموس الفاجرة لأنّ الله عزوجل يقول: "الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة" (آل عمران 77) والغلول لأنّ الله عزوجل يقول: "ومن يغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة) ومنع الزكاة المفروضة لأنّ الله عزوجل يقول: "فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم" (التوبة 35) وشهادة الزور، وكتمان الشهادة لأنّ الله عزوجل يقول: "ومن يكتُمها فإنَّه آثم قلبُهُ" (البقرة 283) وشرب الخمر لأنّ الله عزوجل نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان، وترك الصلاة متعمّداً أو شيئاً مما فرض الله عزوجل لأن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قال: من ترك الصلاة متعمداً أو شيئاً ممّا فرض الله عزّ وجلّ لأنّ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قال: من ترك الصلاة متعمّداً فقد برئ من ذمّة الله وذمّة رسوله، ونقض العهد، وقطيعة الرحم لأنّ الله عزّ وجلّ يقول: "لهُمُ اللعنَةُ ولهُمْ سُوءُ الدار" (الرعد 25) قال: فخرج عمرو له صراخ من بكائه وهو يقول هلك من قال: برأيه ونازعكم في الفضل والعلم. وحذّر هذا الحديث الشريف من اقتراف الجرائم التي تمسخ ضمير الإنسان، وتهدّد الحياة الاجتماعية بالخطر، وتقف عائقاً في طريق حضارة الإنسان وتقدّمه.

 

وعن التوحيد يقول الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه: سأل أبو هاشم الجعفري عن قوله تعالى: "لاَ تُدرِكُهُ الأبصارَ وهُوَ يُدرِكُ الأبصارَ" (الأنعام 103)، فقال عليه‌ السلام: (يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند، والبلدان التي لم تدخلها، ولم تدركها ببصرك، فأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟) إنّ ذات الله تعالى لا تدركها أوهام القلوب على مدى ما تحمله من سعة الخيال فضلاً عن إدراكها بالعين الباصرة فإنّ كلاً منهما محدود بحسب الزمان والمكان وذات الله تعالى لا يجري عليها الزمان والمكان فإنّه تعالى هو الذي خلقهما. وعلى أي حال فإنّ العقول في جميع تصوّراتها محدودة لا يمكن أن تكتشف الأمور التي لا تخضع للحدّ زماناً ومكاناً، يقول الشافعي: (إنّ للعقل حدّاً ينتهي إليه كما أن للبصر حدّاً ينتهي إليه). سأل أبو هاشم الجعفري الإمام أبا جعفر الجواد قال: ما معنى الواحد؟ فأجابه عليه‌ السلام: (الذي اجتمعت الألسن عليه بالتوحيد كما قال الله عزوجل: "ولَئنِ سألْتَهُم مَن خَلَقَ السماواتِ والأرضَ ليقُولُنَّ اللهُ" (لقمان 25)).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك