الدكتور فاضل حسن شريف
في باب تفسير القرآن کتاب مسند الإمام الجواد أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام للشيخ عزيز الله العطاردي: عن سورة المائدة: العياشي، باسناده عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد و صديقه بشدّة قال: رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتمّ، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم اني قد متّ منذ عشرين سنة، قال: قلت له و لم ذاك؟ قال: لما كان من هذا الاسود أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسى اليوم بين يدي امير المؤمنين المعتصم. قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: انّ سارقا أقرّ على نفسه بالسرقة و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه و قد أحضر محمّد بن عليّ عليه السلام، فسألنا عن القطع في أيّ موضع يجب أن يقطع؟ قال: فقلت من الكرسوع قال: و ما الحجّة في ذلك؟ قال: قلت: لانّ اليد هي الاصابع و الكف الى الكرسوع، لقول اللّه في التيمّم: "فامسحوا بوجوهكم و ايديكم" (المائدة 6) و اتّفق معي على ذلك قوم. و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: و ما الدليل على ذلك؟ قالوا لانّ اللّه لما قال: "و ايديكم الى المرافق" (المائدة 6) في الغسل دلّ ذلك على ان حدّ اليد هو المرفق قال: فالتفت الى محمّد بن عليّ عليه السلام فقال: ما تقول في هذا يا ابا جعفر؟ فقال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني مما تكلّموا به أيّ شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين. قال: اقسمت عليك باللّه لمّا أخبرت بما عندك فيه فقال اما اذا أقسمت عليّ باللّه اني اقول انهم اخطئوا فيه السنّة فان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الاصابع فيترك الكف. قال: و ما الحجّة في ذلك؟ قال: قول رسول اللّه عليه و آله السلام: السجود على سبعة أعضاء الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين، فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها. و قال اللّه تبارك و تعالى: "وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ" (الجن 18) يعني به هذه الاعضاء السبعة التي يسجد عليها "فلا تدعوا مع اللّه أحدا" (الجن 18)، و ما كان للّه لم يقطع قال: فأعجب المعتصم ذلك و امر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكفّ قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي و تمنّيت اني لم أك حيّا.
وعن سورة يوسف يقول الشيخ عزيز الله العطاردي: العياشي، باسناده عن محمّد بن سعيد الازدي صاحب موسى بن محمّد بن الرضا عن موسى قال لاخيه: انّ يحيى بن اكثم كتب إليه يسأله عن مسائل، فقال: اخبرني عن قول اللّه: «وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً" (يوسف 100) أسجد يعقوب و ولده ليوسف؟ قال: فسألت أخي عن ذلك، فقال: امّا سجود يعقوب و ولده ليوسف فشكرا للّه، لاجتماع شملهم أ لا ترى انّه يقول في شكر ذلك الوقت: "رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ" (يوسف 101) الآية. وعن سورة الجمعة: المفيد، باسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن البرقي، عن جعفر بن محمّد الصوفيّ قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ ابن الرّضا عليهما السلام قلت له: يا ابن رسول اللّه لم سمّي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الامّي؟ فقال: ما يقول الناس؟ قلت: جعلت فداك يقولون: إنّما سمّي الامّي لأنّه لم يكن يكتب. فقال عليه السلام: كذبوا عليهم لعنة اللّه أنّى يكون ذلك و يقول اللّه عزّ و جلّ في كتابه: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ" (الجمعة 2) فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن، و اللّه لقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقرأ و يكتب باثنتين و سبعين أو ثلاث و سبعين لسانا و إنّما سمّي الامّي لأنّه من أهل مكّة. ومكّة من امّهات القرى و ذلك قول اللّه في كتابه: "لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها" (الشورى 7).
وعن سورة القيامة يبين الشيخ العطاردي في كتابه: الصدوق، باسناده عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، قال: سألت محمّد ابن عليّ الرضا عليه السلام، عن قوله عزّ و جلّ "أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى" (القيامة 34-35) قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: بعدا لك من خير الدنيا بعدا و بعدا لك من خير الآخرة. وعن سورة الليل الصدوق، باسناده، عن عليّ بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: قوله عزّ و جلّ: "وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى * وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى" (الليل 1-2) و قوله عزّ و جلّ: "وَ النَّجْمِ إِذا هَوى" (النجم 19) و ما أشبه هذا، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقسم من خلقه بما يشاء و ليس لخلقه أن يقسموا إلّا به عزّ و جلّ. وعن سورة الغاشية: الكشي، باسناده عن محمد بن الحسن قال: حدثني أبو عليّ عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عمن حدثه قال: سألت محمد بن عليّ الرضا عليه السلام عن هذه الآية "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ * عامِلَةٌ ناصِبَةٌ" (الغاشية 2-3) قال: نزلت في النصاب و الزيدية و الواقفة من النصاب.
وعن سورة القدر يقول الشيخ عزيز الله العطاردي: الكليني، عن محمّد بن أبي عبد اللّه و محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد؛ و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر قد قيّض له فقطع عليه اسبوعه حتّى أدخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل إليّ فكنّا ثلاثة فقال: مرحبا يا ابن رسول اللّه ثمّ وضع يده على رأسي و قال: بارك اللّه فيك يا أمين اللّه بعد آبائه. يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني و إن شئت فأخبرتك و إن شئت سلني و إن شئت سألتك، و إن شئت فاصدقني و إن شئت صدقتك؟ قال: كلّ ذلك أشاء، قال: فايّاك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره، قال: إنّما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه و إنّ اللّه عزّ و جلّ أبى أن يكون له علم فيه اختلاف قال: هذه مسألتي و قد فسّرت طرفا منها. أخبرني عن هذا العلم الّذي ليس فيه اختلاف، من يعلمه؟ قال: أمّا جملة العلم فعند اللّه جلّ ذكره، و أمّا ما لا بدّ للعبد منه فعند الأوصياء، قال: ففتح الرّجل عجيرته و استوى جالسا و تهلّل وجهه، و قال: هذه أردت و لها أتيت، زعمت أنّ علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟ قال: كما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يعلمه إلّا أنّهم لا يرون ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يرى، لأنّه كان نبيّا و هم محدّثون، و أنّه كان يفد إلى اللّه عزّ و جلّ فيسمع الوحي و هم لا يسمعون، فقال: صدقت يا ابن رسول اللّه سآتيك بمسألة صعبة. أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله؟ قال: فضحك أبي عليه السلام و قال: أبى اللّه عزّ و جلّ أن يطلع على علمه إلّا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يصبر على أذى قومه، و لا يجاهدهم إلّا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتّى قيل له: اصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين. و أيم اللّه أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، و لكنّه إنّما نظر في الطاعة، و خاف الخلاف فلذلك كفّ، فوددت أنّ عينك تكون مع مهديّ هذه الامّة، و الملائكة بسيوف آل داود بين السماء و الأرض تعذّب أرواح الكفرة من الأموات، و تلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء. ثمّ أخرج سيفا ثمّ قال: ها إنّ هذا منها، قال: فقال: أبي إي و الّذي اصطفى محمّدا على البشر، قال: فردّ الرّجل اعتجاره و قال: أنا إلياس، ما سألتك عن أمرك و بي منه جهالة غير أنّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوّة لأصحابك و سأخبرك بآية أنت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا. قال: فقال له أبي: إن شئت أخبرتك بها؟ قال: قد شئت، قال: إنّ شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول لرسوله صلى اللّه عليه و آله: "إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" (القدر 1) إلى آخرها- فهل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يعلم من العلم- شيئا لا يعلمه- في تلك اللّيلة أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها؟ فإنّهم سيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بدّ من أن يظهر؟ فيقولون: لا. فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من علم اللّه عزّ ذكره اختلاف؟ فان قالوا: لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم اللّه فيه اختلاف فهل خالف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله؟ فيقولون: نعم- فإن قالوا: لا، فقد نقضوا أوّل كلامهم- فقل لهم: ما يعلم تأويله إلّا اللّه و الرّاسخون في العلم.
https://telegram.me/buratha