الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في معاني القرآن الكريم: الثلاثة والثلاثون، والثلاث والثلثمائة، وثلاثة آلاف، والثلث والثلثان. وعن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن الرقم ثلاثة "فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ" ﴿البقرة 196﴾ ثلاثة اسم، الْعِقَابِ: الْ اداة تعريف، عِقَابِ اسم، حاضري اسم، حاضري المسجد الحرام اي الساكنين في ارض الحرم، خافوا الله تعالى وحافظوا على امتثال أوامره واجتناب نواهيه، واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره، وارتكب ما عنه زجر. قوله جل جلاله "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ" ﴿البقرة 228﴾ يَتَرَبَّصْنَ: يَتَرَبَّصْ فعل، نَ ضمير، يتربصن: ينتظرن، و التربص: الانتظار و التمكُّث، والمطلقات ذوات الحيض، يجب أن ينتظرن دون نكاح بعد الطلاق مدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات على سبيل العدة، ليتأكدن من فراغ الرحم من الحمل. ولا يجوز لهن تزوج رجل آخر في أثناء هذه العدة حتى تنتهي. ولا يحل لهن أن يخفين ما خلق الله في أرحامهن من الحمل أو الحيض، إن كانت المطلقات مؤمنات حقًا بالله واليوم الآخر. وأزواج المطلقات أحق بمراجعتهن في العدة. وينبغي أن يكون ذلك بقصد الإصلاح والخير، وليس بقصد الإضرار تعذيبًا لهن بتطويل العدة. وللنساء حقوق على الأزواج، مثل التي عليهن، على الوجه المعروف، وللرجال على النساء منزلة زائدة من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف والقِوامة على البيت وملك الطلاق. والله عزيز له العزة القاهرة، حكيم يضع كل شيء في موضعه المناسب. قوله سبحانه "قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ" ﴿آل عمران 41﴾ بالعشي: الباء حرف جر، ال اداة تعريف، حتى يستجيب الله الدعاء عليك بذكر الله دائما ولتسبيح بالعشي والابكار،. قوله عز اسمه "وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ" ﴿النساء 171﴾ يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم، ولا تقولوا على الله إلا الحق، فلا تجعلوا له صاحبةً ولا ولدًا. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق، وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم، وهي قوله: كن، فكان، وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه، فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له، وصدِّقوا رسله فيما جاؤوكم به من عند الله واعملوا به، ولا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين. قوله عز من قائل "لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿المائدة 73﴾ لقد كفر من النصارى من قال: إنَّ الله مجموع ثلاثة أشياء: هي الأب، والابن، وروح القدس. أما عَلِمَ هؤلاء النصارى أنه ليس للناس سوى معبود واحد، لم يلد ولم يولد، وإن لم ينته أصحاب هذه المقالة عن افترائهم وكذبهم ليُصِيبَنَّهم عذاب مؤلم موجع بسبب كفرهم بالله.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ" ﴿البقرة 228﴾ إشعار بأن هذا التربص يجب أن يكون من ذات أنفسهن وليس من عامل خارجى، وذلك لأن المرأة المطلقة كثيرا ما تشعر بعد طلاقها بأنها في حاجة إلى أن تثبت أن إخفاقها في حياتها الزوجية السابقة ليس لنقص فيها. قوله تعالى "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَة " (المائدة 73) أي أحد الثلاثة: الأب والابن والروح، أي هو ينطبق على كل واحد من الثلاثة، وهذا لازم قولهم: إن الأب إله، والابن إله، والروح إله، وهو ثلاثة، وهو واحد يضاهئون بذلك نظير قولنا: إن زيد بن عمرو إنسان، فهناك أمور ثلاثة هي: زيد وابن عمرو والإنسان، وهناك أمر واحد وهو المنعوت بهذه النعوت، وقد غفلوا عن أن هذه الكثرة إن كانت حقيقية غير اعتبارية أوجبت الكثرة في المنعوت حقيقة، وأن المنعوت إن كان واحدا حقيقة أوجب ذلك أن تكون الكثرة اعتبارية غير حقيقية فالجمع بين هذه الكثرة العددية والوحدة العددية في زيد المنعوت بحسب الحقيقة مما يستنكف العقل عن تعقله. ولذا ربما ذكر بعض الدعاة من النصارى أن مسألة التثليث من المسائل المأثورة من مذاهب الأسلاف التي لا تقبل الحل بحسب الموازين العلمية، ولم يتنبه أن عليه أن يطالب الدليل على كل دعوى يقرع سمعه سواء كان من دعاوي الأسلاف أو من دعاوي الأخلاف. قوله تعالى "وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ" (المائدة 73) (إلى آخر الآية) رد منه تعالى لقولهم"إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَة " (المائدة 73) بأن الله سبحانه لا يقبل بذاته المتعالية الكثرة بوجه من الوجوه فهو تعالى في ذاته واحد، وإذا اتصف بصفاته الكريمة وأسمائه الحسنى لم يزد ذلك على ذاته الواحدة شيئا ولا الصفة إذا أضيفت إلى الصفة أورث ذلك كثرة وتعددا فهو تعالى أحدي الذات لا ينقسم لا في خارج ولا في وهم ولا في عقل. وقوله: "وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ" (المجادلة 7) أي ولا أقل مما ذكر من العدد ولا أكثر مما ذكر. قوله تعالى "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ" (الطلاق 4) المراد بالارتياب الشك في يأسهن من المحيض أهو لكبر أم لعارض، فالمعنى: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم وشككتم في أمر يأسهن أهو لبلوغ سنهن سن اليأس أم لعارض فعدتهن ثلاثة أشهر. قوله سبحانه "طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ" (النور 58) أي هم كثير الطوف عليكم بعضكم يطوف على بعض للخدمة فالاستيذان كلما دخل حرج عادة فليكتفوا فيه بالعورات الثلاث.
عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وعلا "سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ" (الكهف 22) اختلف الناس في مكان الكهف: أين كان؟ فقيل: كان في فلسطين بالقرب من بيت المقدس. وقيل: في الموصل. وقيل: في الأندلس من جهة غرناطة، إلى غير ذلك من الأقوال. وأيضا اختلفوا في زمانهم: هل كان قبل السيد المسيح أوبعده؟. بل وفي الطعام الذي أوصى أهل الكهف أحدهم أن يشتريه لهم، هل هو التمر أوالزبيب أواللحم. بل وفي لون الكلب: هل كان أسمر أوأنمر أي فيه بقع سوداء وأخرى بيضاء، إلى كثير من هذه الخلافات. إذن، فلا غرابة إذا وقع النزاع والاختلاف في عدد أهل الكهف. وفي تفسير الرازي والطبرسي انه لما وفد نصارى نجران إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم جرى ذكر أهل الكهف، فقال اليعقوبية منهم: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وقال النسطورية: كانوا خمسة سادسهم كلبهم. فقال المسلمون: بل سبعة وثامنهم كلبهم.. ثم قال الرازي: وأكثر المفسرين على أنهم سبعة وثامنهم كلبهم، وذكر أربعة أوجه لصحة هذا القول، ثلاثة منها فيها نظر، والرابع له وجه، ويتلخص بأن اللَّه سبحانه وصف كلا من القول بالثلاثة والقول بالخمسة بأنه رجم بالغيب، دون القول بالسبعة، فوجب أن يكون هو الحق. " قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ" (الكهف 22). بعد أن أشار سبحانه إلى اختلاف الناس في عدد أصحاب الكهف، وان أقوالهم كلها أوبعضها رجم بالغيب - قال لنبيه الكريم: ان هذا الاختلاف لم يقع في شيء هام، وان على الإنسان أن يوكل علمه إلى اللَّه تعالى، وأن يعتبر بما جرى لأصحاب الكهف، ويتخذ منه دليلا على البعث، لا أن يجادل في عددهم أومكانهم أوزمانهم. فإن الغرض من هذه القصة هوالاعتبار والاتعاظ، بل إن جميع قصص القرآن تخضع لهذا الغرض الديني، فهو الأول والأخير: "لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبابِ" (يوسف 111). والمعنى إذا جادلك يا محمد في عدد أهل الكهف أحد من أهل الكتاب فلا تهتم بشأنه، ولا تسأل العلماء منهم لتحتج بقوله على من جادل، فإن هذه المسألة ليست بذات بال، بل قل للمجادل قولا لينا، مثل اللَّه أعلم، أولا جدوى من هذا الجدال، ونحو ذلك.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله سبحانه "في ظلمات ثلاث" (الزمر 6) إشارة إلى ظلمة بطن الأمّ وظلمة الرحم وظلمة المشيمة (الكيس الخاص الذي يستقر فيه الجنين) التي هي في الحقيقة ثلاثة أغلفة سميكة تغطي الجنين. فالمصورون الآن بحاجة إلى ضوء ساطع ونور من أجل التصوير، أمّا خالق الإنسان فيخطط في تلك الظلمة بشكل عجيب ويصور بشكل يدهش العقول، ويمدّه بأسباب العيش في مكان لا يمكن لأحد أن يوصل إليه رزقه الذي هو في أمسّ الحاجة إليه للنمو. الإمام الحسين عليه السلام سيد الشهداء يقول في دعائه المعروف بدعاء عرفه، الذي يعدّ دورة دراسية كاملة وعالية في التوحيد، يقول عند استعراضه للنعم التي منّ بها الباري عزّوجلّ عليه: (وابتدعت خلقي من مني يمنى، ثمّ أسكنتني في ظلمات ثلاث: بين لحم وجلد ودم لم تشهدني خلقي، ولم تجعل إليّ من أمري ثمّ أخرجتني إلى الدنيا تامّاً سويّاً). (ممّا يذكر أنّنا قد تطرقنا إلى عجائب خلق الجنين ومراحل خلقه في ذيل الآية (6) من سورة آل عمران وفي ذيل الآية (5) من سورة الحج). و ليس الإنزال دائما إرسال الشيء من مكان عال، كقوله تعالى: "وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ" (الزمر 6). واضح أن الأنعام لم تهبط من السماء، من هنا فالإنزال في مثل هذه المواضع: إمّا أن يكون (نزولا مقاميا) أي نزولا من مقام أسمى إلى مقام أدنى. أو أن يكون من (الإنزال) بمعنى الضيافة، يقال أنزلت فلانا: أي أضفته، و النزل (على وزن رسل) ما يعدّ للنازل من الزاد. قوله تعالى "انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب" (المرسلات 30) توجهوا نحو ظلّ من دخان خانق له ثلاث شعب: شعبة من الاعلى، وشعبة من الجهة اليمنى، وشعبة من الجهة اليسرى، وعلى هذا الأساس فإنّ دخان النّار المميت هذا يحيط بهم من كل جانب ويحاصرهم. قوله عز من قائل "وعلى الثلاثة الذين خلفوا" (التوبة 118) أنّ اللطف الإلهي لم يشمل هؤلاء المتخلفين بهذه السهولة، بل عند ما عاش هؤلاء- وهم كعب بن مالك ومرارة بن ربيع وهلال بن أمية، الذين مر شرح حالهم في سبب النزول- مقاطعة اجتماعية شديدة، وقاطعهم كل الناس بالصورة التي تصورها الآية، فتقول: "حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ". بل إنّ صدور هؤلاء امتلأت همّا وغمّا بحيث ظنوا أن لا مكان لهم في الوجود، فكأنّه ضاق عليهم "وضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ" فابتعد أحدهم عن الآخر وقطعوا العلاقة فيما بينهم. عند ذلك رأوا كل الأبواب مغلقة بوجوههم. فأيقنوا "وظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ" فأدركتهم رحمة اللّه مرّة أخرى، وسهلت ويسرت عليهم أمر التوبة الحقيقية، والرجوع إلى طريق الصواب ليتوبوا: "ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (التوبة 118).
https://telegram.me/buratha