الصفحة الإسلامية

اشارات السيد مصطفى الخميني قدس سره عن القرآن الكريم من سورة الفاتحة (ح 15)

125 2025-01-11

الدكتور فاضل حسن شريف

عن كتاب بصر الهدى للسيد مصطفى الخميني: مالك يوم الدين: إذا بلغت القراءة إلى "مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ" (الفاتحة 3)، فإن كان القلب مذعناً لتلك المواقف والعقبات، ومعتقداً بتلك الأيّام والسّاعات، ومتوجّهاً إلى تبعات الأقوال والأعمال، فترتعد منها عظامه، وترتعش منها أفئدة القارئين، وإذا كان عالماً بأنّه تعالى لا يقول لغواً ولا شططاً ولا غلطاً، ولا يكون مستهزئاً ولا ممازحاً، بل كلماته كلّها صادقةٌ تطابق الواقعيّات، وهو بريءٌ من الأباطيل والأكاذيب، فيتحرّك نحو الفرار عن المعاصي والعمل بالطّاعات، ويتحلّى بحلية الأخلاق الحسنة، ويتجلّى بجلباب السّعادة، ويخلع ألبسة الشّقاق والشّقاوة، ويرتقي بأسباب العزّة والإسلام إلى الملكوت الأعلى ومقام (أو أدنى). فإيّاك يا أخي الأعزّ، ويا حبيبي وعزيزي، أن تكتفي بالقراءات وآدابها الأدبيّة والتّجويديّة، وعليك بالجدّ والاجتهاد، والسّعي إلى التّخلّق بأخلاق الله، حتى تسمع الآية من قائلها، وتصدر من حقيقتك ورقيقتك، فتكون بإذن الله تعالى مماثلاً للملكوتييّن في النّاسوت السّفلي، ومشابهاً للعلوييّن في هذه الطّبيعة الظّلماء، وليكن تمام السّعي والجدّ في أن تكون أنت مظهر هذا الاسم في ناحية من نواحي تلك النّشأة الكبرى، وفي ذلك اليوم الذي تخشى فيه القلوب وتبلغ لديه الحناجر. ولا يتمكّن من هذا المقام المنيع والمحل الرفيع، إلا بعد رفض الشيطان الرّجيم حقيقةً وواقعاً، لا تخيّلاً وتقوّلاً، فإن هذا من الأطباق الشّديدة الفخمة، لا يقتدر على هدمها إلا الأوحديّ.

 

جاء في کتاب تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى الخميني: قولهم: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) الأدلة السمعية والأحاديث الآمرة بالقراءة في الصلاة ففيه الخلاف بين الأعلام، فالمشهور عنهم عدم جواز الإنشاء لعدم إمكان الجمع بين اللحاظين، فلابد من قصد الحكاية حتى يحصل عنوان القراءة. والذي يظهر لنا هو الثاني، لأن الجمع المذكور كما تحرر في الأصول ممكن، مع عدم تقوم صدق القراءة بالحكاية، لأن معنى القراءة أعم مما توهم. وإذا كانت الفاتحة محتاجة في كونها من القرآن إلى قصد القرآنية، كان للتوهم المذكور ولما اشتهر وجه، ولكن القرآن يوجد وإن قصد غيره، لأنه موضوع لهذه التراكيب المخصوصة، والمؤلف من النسب والإضافات على هيئات خاصة. ولو كان ما يترنم به العبد غير قرآن عند عدم قصد القرآنية، يلزم كونه مماثلا للكتاب، مع أن العبد عاجز عن إيجاد مماثله ومعجز. ولذلك صار الاقتباس من اللطائف الكلامية، وهو تضمين الكلام بالقرآن أو حديث سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم. ولو كان قصد شعر الشاعر، دخيلا في كونه شعره، يلزم أن يكون جميع أفراد الإنسان شعراء، مع أن الضرورة قاضية بأن من أظهر مرامه بشعر المتنبي وامرئ القيس، لا يكون شاعرا، وما ترنم به هو شعرهما لا شعر الآخرين. بل لو فرضنا نسيانه الفاتحة، ولكنه أتى بها من تلقاء نفسه، كفى وإن كان من مصاديق توارد الخاطر، حسب ما اصطلح عليه في علم البديع.

 

جاء في كتاب بصر الهدى للسيد مصطفى الخميني: قراءة العارفين: أقول: في أهوال القيامة وأحوالها وشدائدها وكيفية العذاب والعقاب، أخبارٌ كثيرة، لا يناسبها المقام، وإنما المقصود بالأصالة الإيماء والإشارة إلى بعض الجهات الواردة على بعض أهل الإيمان، وإلى أنّ مجرّد قراءة "مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ" (الفاتحة 3) غير جائزٍ عند أرباب اليقين، بل لا بدّ وأن تكون القراءة مشفوعةً بالحالات والآثار، فيكون ناظراً من أوّل الشّروع فيها، ومتفكّراً في التّذكّر بها، إلى أن يكون من أصحاب اليمين من المتّقين، في استجلاب الصّفات الحسنة التي بها تصير الذّات محسنةً وكاملةً ومستكفيةً عن غير الله تعالى، فتكون خائفةً من الله، ومن عقوبته يوم الدّين، وشدائده، وأهواله، وحياء العرض على مالكه، فإنّ ذلك أمرٌ عظيمٌ جداً، والافتضاح على رؤوس الأشهاد. ومن ذلك ما روي من غشية الصّادق عليه السلام، عند تكرار "مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ" (الفاتحة 3)، وما روي عن السّجاد عليه السلام: أنّه إذا قرأه يكرّره حتّى كاد أن يموت. وبالجملة: للعارفين عند ذكر أسماء الله تعالى، حالاتٌ سنيّةٌ، ولذّاتٌ فاخرةٌ، وتفرّجاتٌ عاليةٌ في متنزّهات دار الجلال، وتأنّساتٌ ناعمةٌ من تجلّيّات أنوار صفات الجمال في دار الوصال. وبالجملة، بعد التّوجه إلى الله تعالى، وربوبيّته، ورحمته الرّحمانية والرّحيميّة ومالكيّته، يسير في هذه الأسماء في جميع العوالم، من مبدئها إلى منتهاها، ويتفرّج بالتّدبّر في مالكيّته ليوم العقوبة والدّين في تفاصيل عوالم القيامة، ويتوجّه إلى أنّ جميع صفاته الجلاليّة فانيّة في الجماليّة، وفي الخبر: (قد سبقت رحمتُه غضبَه)، فلا يكون للعارف الكامل خوفٌ من ناره وجحيمه، بل خوفه من نار فراقه وطول عكوفه عليه، فإذا وصل نوبة قراءته إلى "مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ"، تفزع وتضطّربُ جميع أعضائه ومراتبه، حتّى يغشى عليه، ولكنّه طليعة تضمحل بظهور رحمته ورأفته ولطفه ومحبته.

 

وعن کتاب تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى الخميني: السور المنزلة مفرقة فهي كثيرة، وأما التي نزلت جمعا فهي سورة الفاتحة والإخلاص والكوثر وغيرها، وقد عرفت من السمرقندي دعوى نزولها مفرقا، جمعا بين كونها مدنية ومكية. حول كلمة البسملة الشريفة "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1) وهي الآية الأولى وهنا مسائل: المسألة الأولى عما كان يبتدأ به قبل الإسلام في المكاتيب قال السيوطي في (الأوائل): أول من كتب بمكة ب‌ " باسمك اللهم " أمية بن أبي الصلت إلى أن جاء الإسلام، فكتب "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1). وفي " أدب الكتاب " لمحمد بن يحيى الصولي قال: (سأل ابن عائشة عبيد الله بن محمد بن حفص عن ابتداء الكتاب ب‌ "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1) فقال: حدثني أبي: أن قريشا كانت تكتب في جاهليتها ب‌ (اسمك اللهم) وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك. ولكن يعارضها مكاتبة الحديبية، ففي (الوثائق السياسية) لحيدر آبادي: (باسمك اللهم. هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل ابن عمرو). انتهى. ولعله لعدم اتفاقهم على غير ذلك، كما لا يخفى. وفي بعض التواريخ: " ولما كتب علي عليه السلام في صلح الحديبية بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1)، قال سهيل بن عمرو: ما ندري ولكن اكتب ما نعرف: باسمك اللهم). وفي المروي عن الشعبي والأعمش: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكتب: (باسمك اللهم) حتى أمر أن يكتب: (بسم الله) فكتبها. وفي سنن أبي داود: (قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابت بن عمارة: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكتب "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1) حتى نزلت سورة النمل). انتهى

 

جاء في کتاب تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى الخميني: وعن العياشي، عن صفوان، عن الصادق عليه السلام: (ما أنزل الله من السماء كتابا إلا وفاتحته "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1)، وإنما كان يعرف انقضاء السورة بنزول "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1) ابتداء للأخرى). وفي ما رواه الصدوق بإسناده عن علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرا لمؤمنين (عليهم السلام) أنه قال: "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1) آية من فاتحة الكتاب. إلى أن قال: وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عز وجل خص محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وشرفه بها، ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان، فإنه أعطاه منها "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة 1) وحكى عن بلقيس حين قالت: ("إني القي إلي كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" (النمل 29-30))، الحديث. نوع معارضة مع ما سبق. ووجه الجمع: أن النازل على سليمان عربي وعلى غيره غير عربي، أو أن سليمان كان له أن يبتدئ بها في مكاتيبه دون غيره. وربما يشكل الخبران الأولان بما مر في المسألة الثانية، من خلو الكتب السماوية منها.

 

وعن کتاب تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى الخميني: أن بسملة الحمد متعلقة بقوله: "الحمد لله رب العالمين" (الفاتحة 2)، وبيان ذلك يأتي في تفسير قوله تعالى: "الحمد لله رب العالمين" (الفاتحة 2) ومسلكهم هذا أيضا قريب من أفق علم النحو والإعراب، فكأنه يقول: حمدت أو أحمد الله تعالى حمدا يليق به باستعانة اسم الله الرحمن الرحيم، فما يتعلق به هو الفعل المتخذ من الحمد المصدري أو الاسم المصدري، أو متعلق بنفس المصدر. فالأولى كون الباء للاستعانة، فإن الحامد في توجيه حمده إلى الله تعالى، يطلب الاستعانة بمعناها الحرفي من اسم الله الرحمن الرحيم، كما يطلب الاستعانة بمعناها الاسمي، عند قوله: "إياك نعبد وإياك نستعين" (الفاتحة 5). أو للتعليل لمفاد الجملة الثانية، أي إن علة انحصار المحامد برب العالمين

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك