الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى "ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" (البقرة 2) عن شبكة الامام الهادي عليه السلام: ما ورد عنه عليه السلام في القرآن: غضاضة القرآن في كلّ زمان: الشيخ الطوسيّ رحمـه الله: قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال: حدّثنا أبو الحسين رجاء بن يحيى العبرتائيّ قال: حدّثنا يعقوب بن السكّيت النحويّ قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السلام: ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلّا غضاضة؟ قال:عليه السـلام إنّ اللّه تعالـى لم يجعله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهـو في كلّ زمان جديد، وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة..
جاء في كتاب مفاهيم القرآن للشيخ آية الله جعفر السبحاني: إنّ للإمام الهادي عليه السلام رسالة في الردّ على الجبر والتفويض، وإثبات المنزلة بين المنزلتين، فقد استعان في إبطال المذهبين الذين كان يدين بهما أهل الحديث، والمعتزلة بكثير من الآيات على شكل بديع، ولأجل إيقاف القارئ على نماذج من إحاطته بالآيات ونضدها بشكل يوصل الجميع إلى الغاية المطلوبة، نقتبس منها ما يلي: فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ، فهو قول من زعم أنّ الله جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها، ومن قال بهذا القول، فقد ظلم الله في حكمه وكذّبه ورّد عليه قوله: "وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" (الكهف 49) وقوله: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (يونس 44) . فمن دان بالجبر، أو بما يدعو إلى الجبر فقد ظلم الله ونسبه إلى الجور والعدوان، إذ أوجب على من أجبره العقوبة، ومن زعم أنّ الله أجبر العباد، فقد أوجب على قياس قوله: إنّ الله يدفع عنهم العقوبة (أي لازم القول بالجبر أنّ الله لا يعذّب العصاة، لأنّه دفعهم إلى المعاصي)، ومن زعم أنّ الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده، حيث يقول: "بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 81). وقوله: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا" (النساء 10) وقوله: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا" (النساء 56)، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا الفن ممّن كذب وعيد الله ويلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله، الكفر، وهو ممّن قال الله في حقّه: "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (البقرة 85). بل نقول إنّ الله عزّوجلّ يجازي العباد على أعمالهم ويعاقبهم على أفعالهم بالاستطاعة التي ملّكهم إيّاها، فأمرهم ونهاهم بذلك ونطق كتابه: "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (الأنعام 160). وقال جلّ ذكره: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ" (آل عمران 30) وقال: "الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ" (غافر 17) فهذه آيات محكمات تنفي الجبر، ومثلها في القرآن كثير. ثمّ شرع في إبطال التفويض وأبان خطأ من دان به وتقلده.
عن شبكة الامام الهادي عليه السلام: قولـه تعالـى: "أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسَْلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَنِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ" (البقرة 108) تفسير الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام: قال عليّ بن محمّد بن عليّ ابن موسى الرضا: "أَمْ تُرِيدُونَ" بل تريدون يا كفّار قريش واليهـود أَن (تَسَْلُواْ رَسُولَكُمْ) مـا تقترحونـه من الآيات التي لا تعلمون، هـل فيها صلاحكم أو فسادكم "كَمَا سُِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ" (البقرة 108) واقترح عليه لمّا قيل لــه: "لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّعِقَةُ" (البقرة 55). "وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَنِ" (البقرة 108) بعد جـواب الرسـول له، إنّ ما سألـه لا يصلح اقتراحه على اللّه، وبعد ما يظهر اللّه تعالى له ما اقترح إن كان صوابا. ومن يتبدّل الكفر بالإيمان بأن لا يؤمن عند مشاهدة ما يقترح من الآيات، أو لايؤمن إذا عرف أنّه ليس له أن يقترح، وأنّه يجب أن يكتفي بما قد أقامه اللّه تعالى من الدلالات، وأوضحه من الآيات البيّنات، فيتبدّل الكفر بالإيمان بأن يعاند، ولا يلتزم الحجّة القائمة عليه، " فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ" (البقرة 108) أخطأ قصد الطرق المؤدّية إلى الجنان، وأخذ في الطرق المؤدّية إلى النيران. قـال عليه السلام قـال اللّه تعالـى لليهود: يا أيّها اليهود "أَمْ تُرِيدُونَ" بل تريدون من بعد ما آتيناكم أَن "تَسَْلُواْ رَسُولَكُمْ".
عن كتاب أعلام الهداية للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: تحدث الإمام الهادي عليه السّلام في زيارته يوم الغدير عن جهاد الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام وبسالته وشجاعته وصموده في الحروب قائلا: (فقتلت عمرهم وهزمت جمعهم، وردّ اللّه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى اللّه المؤمنين القتال، وكان اللّه قويا عزيزا، ويوم أحد إذ يصعدون ولا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم وأنت تذود بهم المشركين عن النبي صلّى اللّه عليه واله ذات اليمين وذات الشمال حتى ردّهم اللّه تعالى عنها خائفين ونصر بك الخاذلين. ويوم حنين على ما نطق به التنزيل "إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ" (التوبة 25-26). والمؤمنون أنت ومن يليك، وعمك العباس ينادي المنهزمين يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة، فاستجاب له قوم قد كفيتهم المؤونة وتكلفت دونهم المعونة، فعادوا آيسين من المثوبة، راجين وعد اللّه تعالى بالتوبة، وذلك قول اللّه جل ذكره: "ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ" (التوبة 27). وأنت حائز درجة الصبر، فائز بعظيم الأجر. ويوم خيبر إذ اظهر اللّه خور المنافقين، وقطع دابر الكافرين والحمد للّه رب العالمين ولقد كانوا عاهدوا اللّه من قبل لا يولون الادبار، وكان عهد اللّه مسؤولا. وأضاف الإمام قائلا: وشهدت مع النبي صلّى اللّه عليه واله جميع حروبه ومغازيه، تحمل الراية امامه، وتضرب بالسيف قدامه، ثم لحزمك المشهور وبصيرتك في الأمور أمّرك في المواطن، ولم يكن عليك أمير). وعرض الإمام في زيارته إلى مبيت الإمام على فراش النبي صلّى اللّه عليه واله، ووقايته له بنفسه حينما أجمعت قريش على قتله، فكان الإمام الفدائي الأول في الاسلام، يقول عليه السلام: (وأشبهت في البيات على الفراش الذبيح عليه السلام إذ أجبت كما أجاب، وأطعت كما أطاع إسماعيل محتسبا صابرا إذ قال: "يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الصافات 102). وكذلك أنت لما أباتك النبي صلّى اللّه عليه واله وأمرك ان تضطجع في مرقده واقيا له بنفسك أسرعت إلى اجابته مطيعا، ولنفسك على القتل موطنا فشكر اللّه تعالى طاعتك وأبان من جميل فعلك بقوله جلّ ذكره: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ" (البقرة 207)).
عن شبكة الامام الهادي عليه السلام: قوله تعالى: "يَسَْلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسَْلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْأَيَتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ" (البقرة 219) العيّاشيّ رحمه الله، محمّد بن عيسى قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم ابن عنبسة يعني إلى عليّ بن محمّد عليهما السلام: قول اللّه: (يَسَْلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ" (البقرة 219) الآية، فما الميسر جعلت فداك،؟ فكتب عليه السـلام: كلّ ما قومر به فهو الميسر، وكلّ مسكر حرام.
https://telegram.me/buratha