الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: وعن الطفل عند ولادته: عرض الامام الرضا عليه السلام إلى المستحبات الشرعية التي ينبغي اجراؤها على المولود وهي: أ - العقيقة: ويستحب أن يعق عن المولود في اليوم السابع من ولادته بكبش إن كان ذكرا وشاة إن كان أنثى، وقد سن ذلك الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله حينما ولد سبطه وريحانته سيد شباب أهل الجنة الامام الحسن عليه السلام وفعل مثل ذلك حينما ولد سبطه الثاني سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين عليه السلام. ب - حلق رأس الطفل. ويستحب أن يحلق رأس الطفل في يوم السابع من ولادته ويتصدق بزنته ذهبا أو فضة على المساكين، وقد أجرى النبي صلى الله عليه وآله ذلك على سبطيه وريحانتيه سلام الله عليهما. ج - تسمية الطفل: من المستحبات الاكيدة تسمية الطفل يوم السابع من ولادته ويستحب أن يسميه بالاسماء المباركة الميمونة كاسماء النبي صلى الله عليه وآله واسماء اوصيائه الائمة المكرمين. قال عليه السلام: (وإن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير، لاخلق تكوين). أشار الامام عليه السلام إلى أفعال العباد وأعمالهم فان الله تعالى عالم بها، ولم يخلقها خلق تكوين ولا استندت إليه. قال عليه السلام: (ولا تقل بالجبر، ولا بالتفويض) وحكت هذه الكلمات ما تذهب إليه الشيعة من ابطالهم للجبر، والتفويض، والتزامهم بالامر مابين الامرين، وقد فندوا الجبر والتفويض، وحفلت كتبهم الاسلامية بالاستدلال على ذلك قال عليه السلام: ولا يأخذ الله عزوجل البرئ بجرم السقيم ولا يعذب الله الابناء والاطفال بذنوب الآباء، وانه قال: "ولا تزر وازرة وزر اخرى" (الانعام 164) "وان ليس للانسان الا ما سعى" (النجم 40).
وعن الأجسام الانسانية يقول الشيخ القرشي قدس سره في كتابه: قال الرضا عليه السلام: (إن الاجسام الانسانية جعلت في مثال الملك، فملك الجسد هو القلب، والعمال العروق والاوصال، والدماغ وبيت الملك قلبه، وأرضه الجسد، والاعوان يداه، ورجلاه وعيناه، وشفتاه ولسانه وأذناه، وخزانته معدته وبطنه، وحجابه صدره، فاليدان عونان يقربان، ويبعدان ويعملان على ما يوحي اليهما الملك، والرجلان تنقلان الملك حيث يشاء، والعينان تدلان على ما يغيب عنه، لان الملك وراء حجاب لا يوصل إليه الا بهما، وهما سراجاه أيضا، وحصن الجسد وحرزه، والاذنان لا تدخلان على الملك إلا ما يوافقه لانهما لا يقدران أن يدخلا شيئا، حتى يوحي الملك اليهما فإذا أوحى اليهما أطرق الملك منصتا لهما حتى يسمع منهما، ثم يجيب بما يريد فيترجم عنه اللسان بادوات كثيرة، منها ريح الفؤاد، وبخار المعدة، ومعونة الشفتين، وليس للشفتين قوة إلا بالانسان، وليس يستغني بعضها عن بعض). عرض الامام الحكيم إلى بدن الانسان، هذا البدن العجيب الذي تجلت فيه قدرة الله الهائلة، وابداعه المدهش، وتنظيمه المحكم، قال تعالى: "يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك" (الانفطار 6-8). هذا البدن الذي حوى من الاجهزة والخلايا ما يعجز عنه الوصف، ويقول فيه رائد الحكمة والبيان في الاسلام الامام أمير المؤمنين عليه السلام: اتحسب أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الاكبر نعم ان الانسان ليس هيكلا محدودا، ولا جرما صغيرا وانما حوى العالم باسره، فهو مجموعة من الاكوان والعوالم.
جاء في کتاب حياة الإمام الرضا للشيخ باقر شريف القرشي: قال عليه السلام: (والكلام لا يحسن إلا بترجيعه في الانف لان الانف يزين الكلام كما يزين النفخ المزمار، وكذلك المنخران هما ثقبتا الانف يدخلان على الملك بما يحب من الريح الطيبة فإذا جاءت ريح تسوء على الملك اوحى إلى اليدين، فحجبتا بين الملك وتلك الريح، وللملك على هذا ثواب وعقاب، فعذابه أشد من عذاب الملوك الظاهرة القاهرة في الدنيا، وثوابه افضل من ثوابهم، فأما عذابه فالحزن، واما ثوابه فالفرح وأصل الحزن في الطحال، واصل الفرح في الترب والكليتين ومنهما يوصلان إلى الوجه، فمن هناك يظهر الفرح والحزن فيرى علامتهما في الوجه، وهذه العروق كلها طرق من العمال إلى الملك، ومن الملك إلى العمال. ومصداق ذلك انه إذا تناولت الدواء ادته العروق إلى موضع الداء باعانتها). عرض سليل النبوة إلى عملية النطق والبيان، وهي اعجوبة بذاتها فالكلام يخرج منسجما متوازنا يهدف إلى معين، وهو من الظواهر الفذة العجيبة الدالة على عظمة الخالق العظيم، قال تعالى: "الرحمن * علم القرآن * خلق الانسان * علمه البيان" (الرحمن 1-4) فما يريد أن يؤديه الانسان يتكون قبل التلفظ به في الدماغ، وهو يوحي إلى اللسان بتأديته، وذلك بعملية عجيبة ذكرها المعنيون بهذه البحوث. وذكر الامام عليه السلام ثواب القلب والدماغ لجسم الانسان وعقابهما له، وكلاهما يظهران على سحنات الوجه، فالفرح يغطي الوجه بانبساطه، والحزن يغمر الوجه بانقباضه، وأفاد الامام ان أصل الحزن في الطحال، وأصل الفرح في الترب والكليتين، فمن هذه الاعضاء تنبعث هذه الظواهر في جسم الانسان. قال عليه السلام: (واعلم يا أمير المؤمنين أن الجسد بمنزلة الارض الطيبة متى تعوهدت بالعمارة والسقي من حيث لا يزداد في الماء فتغرق، ولا ينقص منه فتعطش دامت عمارتها، وكثر ريعها وزكى زرعها، وان تغوفل فسدت، ولم ينبت فيها العشب فالجسد بهذه المنزلة، وبالتدبير في الاغذية والاشربة يصلح، ويصلح، وتزكو العافية. فانظر يا أمير المؤمنين ما يوافقك، ويوافق معدتك، ويقوى عليه بدنك، ويستمريه من الطعام، فقدره لنفسك، واجعله غذاءك. واعلم يا أمير المؤمنين ان كل واحدة من هذه الطبايع تحب ما يشاكلها فاغتذ ما يشاكل جسدك، ومن أخذ من الطعام زيادة لم يغذه، ومن أخذه بقدر لا زيادة عليه ولا نقص في غذائه نفعه، وارفع يديك منه، وبك إليه بعض القرم، وعندك إليه ميل فانه أصلح لمعدتك ولبدنك، وأزكى لعقلك، وأخف لجسمك). ووضع الامام الحكيم المنهج العام للصحة العامة، واساسها التوازن، وعدم الاسراف في الاكل والشرب، وقد اعلن القرآن هذه القاعدة في حفظ بدن الانسان ووقايته من الاصابة بالامراض قال تعالى: "كلوا واشربوا ولا تسرفوا" (الاعراف 31). إن الجهاز الهضمي من أهم أجهزة الانسان، واكثرها حيوية وحساسية وهو يتأثر بالاسراف في الاكل الذي تنجم منه السمنة التي هي من اعظم الآفات المدمرة لبدن الانسان. ان العناية بالتغذية خصوصا في مقتبل العمر لها تأثير كبير على الحالة الصحية في السنوات التالية كما تطيل في فترات الشباب، وهي من أحدث الوسائل في الصحة الوقائية، فما يصيب الانسان على الاكثر من الامراض المتنوعة انما هي من النتائج المباشرة لاسرافه في الطعام، والشراب، وعدم توازنه في حياته الجنسية وغيرها من شؤون حياته. لقد شبه الامام الحكيم بدن الانسان بالارض الخصبة، وهو تشبيه بديع للغاية، فان الانسان إذا اعتنى بارضه، وسهر على اصلاحها اثمرت واعطت اطيب الثمرات، وإذا عرض عنها، واهملها فانها تتلف وتموت ولا تعطي أي ثمار، وكذلك بدن الانسان إذا اصلحه ولم يفسده بكثرة الاكل والشرب فانه يصلح، ويتمتع بالصحة التي هي من اثمن ما يظفر به الانسان في حياته.
يقول الشيخ القرشي قدس سره في كتابه: قال الامام الرضا عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من كنت مولا ه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره). اعلن النبي صلى الله عليه وآله هذه الكلمات المشرقة التي هي من أغلى الاوسمة التي منحها للامام يوم غدير خم، وهو من أهم اعياد المسلمين، فقد نصب الامام خليفة من بعده، وأمر المسلمين بمبايعته، وقد بايعته حتى نساء النبي صلى الله عليه وآله وبذلك اليوم الخالد تمت النعمة الكبرى على المسلمين، ونزلت فيه الآية الكريمة: "اليوم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا" (المائدة 3). الجمعة لله وليس فيه سفر قال الله تعالى: "فأذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله" (الجمعة 10). خص الامام عليه السلام يوم الجمعة بالمزيد من الفضل وجعله الله تعالى، ومن خصوصياته أنه يكره السفر فيه قبل الزوال حتى يؤدي المكلف صلاة الجمعة.
https://telegram.me/buratha