الدكتور فاضل حسن شريف
يتضمن الكتاب أصحاب الحسين عليه السلام، الرحمة والشفقة على الأعداء، الوعي والبصيرة، نزول كربلاء، مسلم بن عوسجة، حنظلة بن سعد، بنو تغلب، صبغة الله، رد على شبهات، يزيد الكندي البهدلي، الحر ابن زياد، عمار بن حسان الطائي، والطفل الرضيع. حلقات سلسلة المقالات هذه تتضمن آيات قرآنية من كتاب موسوعة في ظلال شهداء الطف للشيخ حيدر الصمياني.
جاء في کتاب موسوعة في ظلال شهداء الطف للشيخ حيدر الصمياني: محمد بن العباس، قال: حدثنا همام عن عبد الله بن جعفر عن الحسن بن زيد عن آبائه، قال: نزل جبرئيل على النبي’ فقال: يا محمد يولد لك غلام تقتلهُ أمتك من بعدك، فقال: يا جبرئيل لا حاجة لي فيه فقال: يا محمد إن منه الأئمة والأوصياء قال وجاء النبي’ إلى فاطمة فقال لها إنك تلدين ولداً تقتله أمتي من بعدي فقالت لا حاجة لي فيه فخاطبها ثلاثاً ثم قال لها إن منه الأئمة والأوصياء فقالت: نعم يا أبي فحملت بالحسين عليه السلام فحفظها الله وما في بطنها من إبليس فوضعته لستة أشهر، ولم يسمع بمولودٍ ولد لستة أشهر إلا الحسين عليه السلام ويحيى بن زكريا، فلما وضعته وضع النبي’ لسانه في فيه فمصه ولم يرضع من أنثى حتى نبت لحمه ودمه من ريق رسول الله’ وهو قول الله تعالى: "وَوَصَّيْنَا الإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمّه كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شهراً" (العنكبوت 8). أقول: ما تقدّم يمثل أهم الروايات التي يمكن ان تُدّعى على هذا الأمر، ولنا عليها النقاط التالية: أولاً: أن هذه الروايات ضعيفة السند إمّا لجهالة بعض رواتها وإمّا لإرسال البعض الآخر منها، كما أشار إلى ذلك العلّامة المجلسي في كتابه مرآة العقول.
يقول الشيخ الصمياني في موسوعته: روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن نبي الله موسى حينما كان طفلاً ورمي في البحر وكيف وجدته أُمّه آسية: (ففتحت التابوت فإذا هي بصبي صغير في مهده، فإذا نور بين عينيه، وقد جعل الله رزقه في البحر في إبهامه، وإذا إبهامه في فيه يمصه لبناً وألقى الله لموسى المحبة في قلب آسية فلم يبقَ منها عضو ولا شعر ولا بشر إلا وقع فيه الاستشعار فذلك قوله: "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي" (طه 39). إضافة لما رواه الفريقان في نبوع الماء من بين أصابعه الشريفة حتى سقى جيشاً كان يبلغ الفاً وخمسمائة رجل. فقد روت صحاح المسلمين كالبخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضوان الله عليه قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي’ بين يديه ركوة فتوضأ، فجهش الناس نحوه، فقال: مالكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا عشرة مائة. أقول: إذا كانت أصابع رسول الله’ قد سقت وأروت كل هذا العدد الكبير من الجيش، ولم نعترض عليه، أو نرى فيه محذوراً يمنعه، فلم نمنع أو نستكثر ان يتفجر من بين أصابعه الشريفة ما يمكن ان يغذي ولده الحسين عليه السلام. أن الحسين عليه السلام رضع من أُمّه فاطمة، دون غيرها من النساء، وإبهام رسول الله’، كما أشار إلى ذلك بعض العلماء، يقول السماوي في إبصار العين: كما صح في الأخبار أنه لم يرضع من غير ثدي أُمّه فاطمة وإبهام رسول الله’ تارة، وريقه تارة أخرى. وقد ورد في تفاسير أهل البيت، في تفسير الآية الكريمة من سورة هود: "بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (هود 86). حكاية عن حديث شعيب مع قومه، والتي سوف يقرأها الإمام المهدي عليه السلام بعد خروجه على قومه.
وعن الحسين يؤبن الشهيد عبد الله بن يقطر يقول الشيخ حيدر الصمياني: ورد في كتاب مقتل الحسين عليه السلام لأبي مخنف، أن الحسين عليه السلام لما أخبر بقتل رسوله عبد الله بن يقطر، تغرغرت عينه بالدموع، وفاضت على خديه، ثم قال: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب 23). الحسين يوسع من مفهوم الآية: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ" (الأحزاب 23): لقد أشار الحسين عليه السلام، وهو في معرض التأبين للشهيد عبد الله بن يقطر، إلى أن الآية الكريمة لا تنحصر في شهداء بدر فقط، كما تذهب إلى ذلك بعض الروايات، ينقل القرطبي في تفسيره عن أنس قال: قال عمي أنس بن النضر. يقول الشيخ مكارم الشيرازي في تفسيره الأمثل: للآية مفهوم واسع يشمل كل شهداء الإسلام الذين استشهدوا قبل معركة الأحزاب، وكل من كان منتظراً للنصر أو الشهادة، وكان على رأسهم رجال كحمزة سيد الشهداء وعليّ عليه السلام، ولذلك ورد في تفسير الصافي: أن اصحاب الحسين عليه السلام بكربلاء كان كلّ من أراد الخروج للقتال ودّع الحسين عليه السلام وقال: السلام عليك يا بن رسول الله فيجيبه: وعليك السلام ونحن خلفك، ويقرأ: "فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر" (الأحزاب 23). ويستفاد من كتب المقاتل أنّ الإمام الحسين عليه السلام تلا هذه الآية عند أجساد شهداء آخرين كمسلم بن عوسجة، وحين بلغه خبر شهادة عبد الله بن يقطر، ومن هنا يتضح أنّ للآية مفهوماً واسعاً يشمل كلّ المؤمنين المخلصين الصادقين في كلّ عصر وزمان، سواء من ارتدى منهم ثوب الشهادة في سبيل الله، أُمّ من ثبت على عهده مع ربه، ولم يتزعزع، وكان مستعداً للجهاد والشهادة.
https://telegram.me/buratha