الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة (نعمة بفتح النون) في عدد من الآيات القرآنية "ونعمة كانوا فيها فاكهين" (الدخان 27)، و "وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا" (المزمل 11) . نعمة بكسر النون وردت في آيات عديدة أكثر من الايات التي وردت فيها نعمة بفتح النون. حلقات هذه السلسلة تبين تفاسير الآيات التي وردت فيها كلمة (نعمة بكسر النون) لمجموعة من المفسرين منهم الطبرسي والميسر والطباطبائي وطنطاوي ومغنية ومكارم الشيرازي.
جاء في موقع روائع البيان القرآني عن الفرق بين كلمة النِعمة والنَعمة في القرآن الكريم: (د.فاضل السامرائى) نِعمة بالكسر جاءت في مواضع كثيرة في القرآن منها في سورة النحل: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" (النحل 18) دائماً تأتي في الخير في القرآن. نَعمة بالفتح وردت في سورة الدِخان "وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ" (الدخان 27) وفي سورة المزمل "وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً" (المزمل 11) لم ترد في القرآن كلّه إلا في السوء والشر والعقوبات.
عن تفسير الميسر عن نعمة بفتح النون: قوله جل اسمه "وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ" ﴿الدخان 27﴾ وَنَعْمَةٍ: وَ حرف عطف، نَعْمَةٍ اسم. وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ: نضرة عيش ناعمين متفكهين. كم ترك فرعون وقومه بعد مهلكهم وإغراق الله إياهم من بساتين وجنات ناضرة، وعيون من الماء جارية، وزروع ومنازل جميلة، وعيشة كانوا فيها متنعمين مترفين. قوله سبحانه "وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا" ﴿المزمل 11﴾ النَّعْمَةِ: ال اداة تعريف، نَّعْمَةِ اسم. أولي النعمة: أرباب التنعّم، و غضارة العيش. وَذَرْنِي وَالمُكَذِّبِينَ أُوْلِي النَّعْمَةِ: تهديد ووعيد للمكذبين المترفهين. دعني أيها الرسول وهؤلاء المكذبين بآياتي أصحاب النعيم والترف في الدنيا، ومهِّلهم زمنًا قليلا بتأخير العذاب عنهم حتى يبلغ الكتاب أجله بعذابهم.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: عن نعمة بفتح النون: قوله جل اسمه "وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ" ﴿الدخان 27﴾ أي وتنعم وسعة في العيش كانوا ناعمين متمتعين كما يتمتع الآكل بأنواع الفواكه. قوله سبحانه "وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا" ﴿المزمل 11﴾ قال سبحانه مهددا للكفار "وذرني" يا محمد "والمكذبين" الذين يكذبونك فيما تدعوهم إليه من التوحيد وإخلاص العبادة وفي البعث والجزاء وهذا كما يقول القائل دعني وإياه إذا أراد أن يهدده وهو نصب على أنه مفعول معه "أولي النعمة" يعني المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا أي كل جزاءهم إلي ولا تشغل قلبك بمجازاتهم
جاء في موقع دار السيدة رقية للقرآن الكريم عن مراجعات قرآنية (اسئلة شبهات وردود) للسيد رياض الحكيم: "وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا * إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا" (11-12). لماذا خصّ الوعيد بأولي النعمة منهم مع أنّ العذاب الإلهي والجحيم لكل كافر؟ ج ـ باعتبار أنّ وطأة عداوة هؤلاء وإيذائهم كانت أشدّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غيرهم.
جاء في شبكة المعارف الاسلامية عن النعم الإلهية: ولذا، فإنّ وجوب الإطاعة يدور مدار الولاية في تفسير قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ" (النساء 57). كما إنّ الطاعة توجب النِّعم الإلهيّة والحشر يوم القيامة مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين، قال تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا" (النساء 69). ونحن نُردّد يومياً في صلواتنا: "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين" (الفاتحة 6-7). 3- ومن نِعَم الله تعالى على الإنسان الرزق والسعة في المال "اللّهمّ اعطني السعة في الرزق". وهنا لا بدّ أن يقطع الإنسان بأنّ مصدر الرزق هو الله تعالى "وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا" (هود 6). ولكنّ الأفضل من الرزق والسعة فيه هو "الصحّة في الجسد والقوّة في البدن". 4ـ نعمة الأمان في الوطن، وهي من النِّعم الأساس في حياة الفرد والمجتمع. وإذا كانت نعمة الأمان في الدنيا هي نعمة مطلوبة ومهمّة، فإنّ أمان يوم القيامة ويوم الفزع الأكبر هو أكثر أهميّة من أمان الدنيا والوطن. وهنا نسأل أنفسنا: هل تهيّأنا واستعددنا لذلك اليوم؟ وما هو المطلوب منّا لننال نعمة الأمان والرحمة الإلهيّة يوم القيامة؟ إن أهل الأمان يوم القيامة هم المحسنون في الدنيا، وأهل العمل الصالح، قال تعالى: "مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُون" (النمل 89). وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليّ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: "إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُون" (الأنبياء 21) وفيكم نزلت "لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" (الفرقان 74)).
https://telegram.me/buratha