الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن حطة "وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَـٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ" ﴿البقرة 58﴾ حطة اسم، حطة: صواب، أو حُطَّ عنا ذنوبنا. وقيل من الحطِّ بمعنى الإنزال من علو إلى أسفل، حِطَّةً: حط عنا ذنوبنا وخطايانا أي مغفرة، قولوا: مسألتنا يا ربنا أن تحط عنا خطايانا، واذكروا نعمتنا عليكم حين قلنا: ادخلوا مدينة (بيت المقدس) فكلوا من طيباتها في أي مكان منها أكلا هنيئًا، وكونوا في دخولكم خاضعين لله، ذليلين له، وقولوا: ربَّنا ضَعْ عنَّا ذنوبنا، نستجب لكم ونعف ونسترها عليكم، وسنزيد المحسنين بأعمالهم خيرًا وثوابًا، و "وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَـٰذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ ۚ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ" ﴿الأعراف 161﴾ قولوا حطّة: مسألتنا حطّ ذنوبنا عنّا، وَ قولوا حِطَّةٌ: حط عنا ذنوبنا و تب علينا، واذكر أيها الرسول عصيان بني إسرائيل لربهم سبحانه وتعالى ولنبيهم موسى عليه السلام، وتبديلهم القول الذي أمروا أن يقولوه حين قال الله لهم: اسكنوا قرية (بيت المقدس)، وكلوا من ثمارها وحبوبها ونباتها أين شئتم ومتى شئتم، وقولوا: حُطَّ عنا ذنوبنا، وادخلوا الباب خاضعين لله، نغفر لكم خطاياكم، فلا نؤاخذكم عليها، وسنزيد المحسنين مِن خَيْرَيِ الدنيا والآخرة.
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام عن باب حطة: وهو الباب الذي أمر الله بني إسرائيل أن يدخلوا منه الأرض المقدسة ويقولوا حين الدخول حطة، لِيغفر لهم ذنوبهم، وقد ورد في بعض الروايات من المصادر الشيعية والسنية تشبيه الإمام علي عليه السلام وأهل البيتعليهم السلام بهذا الباب. الأمر لبني إسرائيل: ذكرت الآيات القرآنية أنَّه عندما عزم بنو إسرائيل على دخول إحدى مدن الأرض المقدسة أمرهم الله أن يدخلوا من باب محدّد، ويقولوا حين الدخول: حِطَّةٌ، وقد سُمّي هذا الباب في بعض الروايات ب (باب حطة)، وذهب أكثر المفسرين بأنَّ القرية في الآية هي مدينة أريحا وذهب آخرون إلى أن ﴿البَابَ﴾ في الآية تشير إلى أحد أبواب بيت المقدس. والحطة معناها نقصان المنزلة، ووضع أثقال التكاليف أو أوزار الذنوب عن الإنسان. التشبيه لأهل البيت عليهم السلام: قد ورد تشبيه أهل البيت عليهم السلام بباب حطة، كما نُقل عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: مَنْ دَانَ بِدِينِي وَسَلَكَ مِنْهَاجِي وَاتَّبَعَ سُنَّتِي فَلْيَدِنْ بِتَفْضِيلِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي عَلَى جَمِيعِ أُمَّتِي فَإِنَّ مَثَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَثَلُ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. وكذلك نقل أبو سعيد الخدري عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: أن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائل من دخله غفر له. وقيل في وجه التشبيه: إنَّ الإمام عليعليه السلام وأهل البيت عليهم السلام مقاييس وموازين إيمان أمة النبي صلی الله عليه وآله وسلم كما كان باب حطة مقياس وميزان إيمان بني إسرائيل، وأن كلّ من لجأ إلى باب حطة غُفر له وكذلك أهل البيتعليهم السلام فمن لجأ إليهم نجا.
عن المصادر التي ذكرت الحديث باب حطة جاء عن مركز الأبحاث العقائدية: الأول: في كتاب سليم بن قيس ص 457: قال سليم بن قيس: بينما أنا وحنش بن المعتمر بمكة إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب، ثم نادى بأعلى صوته في الموسم: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن جهلني فأنا جندب بن جنادة، أنا أبو ذر. أيها الناس، إني سمعت نبيكم يقول: (مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تركها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل). أيها الناس، إني سمعت نبيكم يقول: (إني تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي) إلى آخر الحديث. الثاني: وفي كتاب سليم بن قيس ايضا ص 127: فقال عليه السلام: يا أخا عبد القيس، أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (إن مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وكمثل باب حطة في بني إسرائيل)؟ فقلت: نعم. قال: من حدثك؟ فقلت: قد سمعته من أكثر من مائة من الفقهاء. فقال: ممن؟ فقلت: سمعته من حنش بن المعتمر، وذكر أنه سمعه من أبي ذر وهو آخذ بحلقة باب الكعبة ينادي به نداء ويرويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: وممن؟ فقلت: ومن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه سمعه من أبي ذر ومن المقداد بن الأسود الكندي ومن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. فقال: وممن؟ فقلت: ومن سعيد بن المسيب وعلقمة بن قيس، ومن أبي ظبيان الجنبي، ومن عبد الرحمن بن أبي ليلى كل هؤلاء حاجين أخبروا أنهم سمعوا من أبي ذر. وقال أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة: (ونحن والله سمعنا من أبي ذر، وسمعناه من علي بن أبي طالب عليه السلام والمقداد وسلمان). ثم أقبل عمر بن أبي سلمة فقال: والله، لقد سمعته ممن هو خير من هؤلاء كلهم، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله، سمعته أذناي ووعاه قلبي. فأقبل علي علي بن الحسين عليه السلام فقال: أوليس هذا الحديث وحده ينتظم جميع ما أفظعك وعظم في صدرك من تلك الأحاديث ؟ اتق الله يا أخا عبد القيس، فإن وضح لك أمر فاقبله وإلا فاسكت تسلم ورد علمه إلى الله، فإنك في أوسع مما بين السماء والأرض. الثالث: وفي الأمالي للشيخ الصدوق ص 341 قال: 408 / 18 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد، عن غياث بن إبراهيم، عن ثابت بن دينار، عن سعد بن طريف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي، أنا مدينة الحكمة، وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك سريرتي، وعلانيتك علانيتي، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك، وفاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم، كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة.
https://telegram.me/buratha