الدكتور فاضل حسن شريف
1176- جاء في کتاب الحديث النبوي بين الرواية والدراية للشيخ جعفر السبحاني: أخرج البخاري، عن ربعي بن حراش، قال: قال عقبة لحذيفة: ألا تحدثنا ما سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: سمعته يقول: إنّ رجلاً حضره الموت لما آيس من الحياة أوصى أهله إذا متّ، فأجمعوا لي حطباً كثيراً، ثمّ أوْرُوا فيه ناراً حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي، فخذوها فاطحنوها، فذروني في اليمِّ،في يوم حارٍ أو راح، فجمعه اللّه. فقال له: لِـمَ فعلت؟ قال: خَشْيَتَك، فغفر له. أقول:رواها أبو هريرة بلفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كان رجلٌ يسرف على نفسه فلما حضره الموت، قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثمّ أطحنوني، ثمّ ذروني في الريح، فواللّه لئن قدر عليّ ربّي ليعذبني عذاباً ما عذّب أحداً، فلما مات فعل به ذلك، فأمر اللّه الاَرض، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت فإذا هو قائم. فقال: ما حملك على ما صنعت، قال: يا ربّخشيتك، فغفر له، وقال غيره: مخالفتك يا ربّ. وقد رواه البخاري أيضاً عن أبي سعيد الخدريّ. وعلى أيّة حال، فالرواية تنتهي تارة إلى حذيفة بن اليمان، وأُخرى إلى أبي هريرة، وثالثة إلى أبي سعيد الخدري. وفي الرواية تساوَلات أولاً: الظاهر انّ الموصي أوصى بما أوصى لئلا يُحشر ويعذب، وزعم انّه سبحانه لا يقدر على حشره إذا أحرق بدنه وذُرّ رماد بدنه في الريح، كما هو ظاهر قوله على ما نقل أبو هريرة (واللّه لئن قدر عليَّ ربّي ليعذبني عذاباً ما عذّب أحداً) وهذا اعتقاد بعجزه سبحانه من حشره، إذا حرق و ذُرّ. وهذا النوع من العقيدة جهل بقدرته سبحانه "وَما قَدَرُوا اللّه حقّ قَدْرهِِ" (الاَنعام 91) وهو موجب للعقاب لا للغفران، ولما وقف ابن حجر على ذلك اعتذر بأنّ الرجل قال ذلك في حالة دهشته وغلبة الخوف عليه، حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصداً لحقيقة معناه، بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي الذي لا يوَاخذ بما يصدر منه. وأنت خبير بأنّ تلك الوصية بالنحو الوارد في الرواية كاشفة عن أنّه أوصى بذلك وهو في سلامة عقله، فكيف يحمل على أنّه أوصى ذاهلاً وناسياً؟ وانّه سبحانه وتعالى أعرف بالاِنسان من نفسه، فلماذا يأمر الاَرض بجمع رماده ثمّ يحييه ويسأله: لِـمَ فعلت ذلك ؟ ثانياً: انّ ظاهر الآيات انّ الاِنسان إذا مات فلا يرجع إلى الدنيا إلاّ لغايات خاصة، كإحياء الموتى لغاية إثبات النبوة، أو إحياء أصحاب الكهف لغاية إثبات إمكان المعاد. قال سبحانه: "وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ ليعْلَمُوا أنّوَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَأنَّالسّاعَةَ لا رَيْبَفِيها" (الكهف 21) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على إحياء الموتى كإحياء عزير لتلك الغاية أيضاً. وأمّا إذا لم تكن ثمة غاية كإتمام الحجّة فلا يرجع إلى الدنيا، ويترك حسابه إلى الآخرة، قال سبحانه: "حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوت قالَرَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَومِيُبْعَثُونَ" (الموَمنون 99ـ100). فنخلص إلى القول: بأنّ الرواية تخالف الذكر الحكيم، مضافاً إلى أنّها أشبه بالاسرائيليات التي روّج لها مستسلمة أهل الكتاب، ثمّ نشرها السُّذّج في أوساط المسلمين دون وعي.
1177- قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه.
1178- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْخَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ السُّدِّيُّ عَنْ مَنْبَعِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عِيسَى بْنِ مُوسَى عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عليه السلام قَالَ: قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تُقْبِلُ ابْنَتِي فَاطِمَةُ عليه السلام عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ مُدَبَّجَةَ الْجَنْبَيْنِ خِطَامُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ رَطْبٍ قَوَائِمُهَا مِنَ الزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ ذَنَبُهَا مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ عَيْنَاهَا يَاقُوتَتَانِ حَمْرَاوَانِ عَلَيْهَا قُبَّةٌ مِنْ نُورٍ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَ بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا دَاخِلُهَا عَفْوُ اللَّهِ وَ خَارِجُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ وَ عَلَى رَأْسِهَا تَاجٌ مِنْ نُورٍ لِلتَّاجِ سَبْعُونَ رُكْناً كُلُّ رُكْنٍ مُرَصَّعٌ بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ يُضِيءُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَ عَنْ يَمِينِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ عَنْ شِمَالِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ جَبْرَئِيلُ آخِذٌ بِخِطَامِ النَّاقَةِ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا رَسُولٌ وَ لَا صِدِّيقٌ وَ لَا شَهِيدٌ إِلَّا غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ فَتَسِيرُ حَتَّى تُحَاذِي عَرْشَ رَبِّهَا جَلَّ جَلَالُهُ وَ تَرُوحُ بِنَفْسِهَا عَنْ نَاقَتِهَا وَ تَقُولُ إِلَهِي وَ سَيِّدِي احْكُمْ بَيْنِي وَ بَيْنَ مَنْ ظَلَمَنِي اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنِي وَ بَيْنَ مَنْ قَتَلَ وُلْدِي فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ يَا حَبِيبَتِي وَ ابْنَةَ حَبِيبِي سَلِينِي تُعْطَى وَ اشْفَعِي تُشَفَّعِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَا أجازي [جَازَنِي ظُلْمُ ظَالِمٍ فَتَقُولُ إِلَهِي وَ سَيِّدِي ذُرِّيَّتِي وَ شِيعَتِي وَ شِيعَةَ ذُرِّيَّتِي وَ مُحِبِّي وَ مُحِبَّ ذُرِّيَّتِي فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَيْنَ ذُرِّيَّةُ فَاطِمَةَ وَ شِيعَتُهَا وَ مُحِبُّوهَا وَ مُحِبُّو ذُرِّيَّتِهَا؟ فَيَقُومُونَ وَ قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ فَتُقَدِّمُهُمْ فَاطِمَةُ حَتَّى تُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ.
https://telegram.me/buratha