الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: وفي الإحتجاج، عن العسكري عن أبيه عليه السلام قال: إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة إذ قال له عبد الله بن أمية المخزومي: لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا ـ فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا، على رجل من القريتين عظيم: إما الوليد بن المغيرة بمكة وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف. ثم ذكر عليه السلام في كلام طويل جواب رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله بما في معنى الآيات. ثم قال: وذلك قوله تعالى "وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ" (الزخرف 31) قال الله "أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ" (الزخرف 32) يا محمد "نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا" (الزخرف 32) فأحوجنا بعضنا إلى بعض أحوج هذا إلى مال ذلك وأحوج ذلك إلى سلعة هذا وإلى خدمته. فترى أجل الملوك وأغنى الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب.
ويقول السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره الميزان عدد من الروايات ذاكرا الامام الحسن بن علي العسكري الامام الحادي عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام: عن محمد بن زياد ومحمد بن سيار عن العسكري عليه السلام أنه قال : كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا: سحر مبين تقوله فقال الله "الم * ذلِكَ الْكِتابُ" (البقرة 1-2) أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو الحروف المقطعة التي منها ألف لام ميم وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم. الحديث. أقول: والحديث من تفسير العسكري وهو ضعيف. ورواية اخرى: وفي تفسير العياشي، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما رأى ملكوت السماوات والأرض التفت فرأى رجلا يزني فدعا عليه فمات ثم رأى آخر فدعا عليه فمات حتى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا فأوحى الله إليه أن يا إبراهيم: إن دعوتك مجابة فلا تدع على عبادي فإني لو شئت لم أخلقهم إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني ولا يشرك بي شيئا، وعبد يعبد غيري فلن يفوتني، وعبد يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني: أقول: والرواية مستفيضة ورواه في الكافي مسندا عن أبي بصير عنه عليه السلام ورواه الصدوق في العلل عنه عليه السلام والطبرسي في الاحتجاج عن العسكري عليه السلام ورواه في الدر المنثور، عن ابن مردويه عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله، وعن أبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله وعن عدة من المفسرين موقوفا. ورواية ثالثة تقول: وفي تفسير البرهان: صاحب ثاقب المناقب أسنده إلى أبي هاشم الجعفري عن محمد بن صالح الأرمني قال: قلت لأبي محمد العسكري عليه السلام عرفني عن قول الله: "لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ" (الروم 4) فقال: لله الأمر من قبل أن يأمر ومن بعد أن يأمر ما يشاء، فقلت في نفسي هذا تأويل قول الله "أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ" (الاعراف 54) فأقبل علي وقال هو كما أسررت في نفسك: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين. أقول: معناه أن قوله "أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ" يفيد إطلاق الملك قبل الصدور وبعده لا كمثلنا حيث نملك الأمر فيما نملك قبل الصدور فإذا صدر خرج عن ملكنا واختيارنا.
وفي الروايات المذكورة في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي قدس سره عن الامام العسكري عليه السلام: في الكافي، بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: انسب لنا ربك فلبث ثلاثا لا يجيبهم ثم نزلت "قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ" (الاخلاص 1) إلى آخرها. أقول: وفي الاحتجاج، عن العسكري عليه السلام: إن السائل عبد الله بن صوريا اليهودي، وفي بعض روايات أهل السنة: أن السائل عبد الله بن سلام سأله صلى الله عليه وآله ذلك بمكة ثم آمن وكتم إيمانه، وفي بعضها أن أناسا من اليهود سألوه ذلك، وفي غير واحد من رواياتهم: أن مشركي مكة سألوه ذلك، وكيف كان فالمراد بالنسبة النعت والوصف. وفي رواية اخرى: في بعض الاخبار عن العسكري عليهالسلام : أن هوى أهل مكة كان في الكعبة فأراد الله أن يبين متبع محمد من مخالفيه باتباع القبلة التي كرهها ، ومحمد يأمر بها، ولما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها والتوجه إلى الكعبة ليبين من يتبع محمدا فيما يكرهه فهو مصدقه وموافقه الحديث، وبه يتضح أيضا فساد ما قيل : إن قوله تعالى التي كنت عليها مفعول ثان لجعلنا، والمعنى: وما جعلنا القبلة، هي الكعبة التي كنت عليها قبل بيت المقدس، واستدل عليها بقوله تعالى إلا لنعلم من يتبع الرسول، وهو فاسد، ظهر فساده مما تقدم.
https://telegram.me/buratha