الصفحة الإسلامية

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن القرآن الكريم من سورة غافر (ح 85)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: انها أسماء للسور التي جاءت فيها الحروف المتقطعة. وقد أختار هذا الرأي أكثر المتكلمين وجماعة من اللغويين واستحسنه الشيخ الطوسي كما رجحه الطبرسي ودافعا عنه بعد أن أوردا عليه بعض الشبهات كما اختاره أيضا الشيخ محمد عبده. وانما هما من الرجم بالغيب فلا مناسبات الظروف الموضوعية، ولا مناسبات الكلام اللغوية هي التي تشير إلى هذا المعنى، وحالهما حال كل تفسير أو فرضية أخرى يمكن أن تذكر في هذا المجال، شريطة أن لا تتنافى مع بديهيات العقيدة القرآنية. أن هذه الحروف مقتطعة من أسماء لها دلالة معينة بحسب الواقع، وهي مجهولة لنا معلومة للنبي صلى الله عليه وآله، ويؤيد ذلك أن هذه الطريقة كانت معروفة لدى بعض العرب في مخاطباتهم وأحاديثهم، وقد روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجماعة من الصحابة. كما أن ما ذهب إليه الطبري وروي عن ابن أنس يكاد يتفق مع هذا المذهب أيضا، وهذا المذهب قريب إلى المذهب الأول الذي روي عن ابن عباس أيضا. ويمكن ان يناقش هذا المذهب بنفس مناقشتنا للمذهبين السابقين. قد أختار هذا الرأي أكثر المتكلمين وجماعة من اللغويين واستحسنه الشيخ الطوسي كما رجحه الطبرسي ودافعا عنه بعد أن أوردا عليه بعض الشبهات كما اختاره أيضا الشيخ محمد عبده. وتحمس الفخر الرازي في تأييده وأطنب في بيان الشبهات التي أوردوها عليه ونقضها وأهم ما اورد عليه الشبهتان التاليتان: الشبهة الأولى: أن الاسم انما يوضع للتمييز بين المسميات، وهذا لا يتفق مع تسمية عدة سور باسم واحد كما حدث في "حم" (غافر 1) . الشبهة الثانية: أن الاسم لا بد ان يكون غير المسمى في الوقت الذي قام الاجماع على أن هذه الحروف جزء من السور التي جاءت فيها. وقد أجاب الشيخ الطوسي عن الشبهة الأولى: بأنه لا مانع من تسمية عدة أشياء باسم واحد مع التمييز بينهما بعلامة مميزة، وقد وقع هذا في الاعلام الشخصية كثيرا. كما أجاب عن الشبهة الثانية بأنه لا مانع من تسمية الشئ ببعض ما فيه، كما حدث في تسمية سورة البقرة وآل عمران والأعراف من السور.

جاء في رسالة التقريب للشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: حياة نوح: ويبدو من القرآن الكريم أن من نتائج قصة نوح عليه السلام كانت: أولاً: الإيمان بالرسالة من قبل عدد محدود من الطبقة السفلى من الناس، وكذلك أهله باستثناء زوجته وأحد أبنائه. وبقي سائر الناس على عنادهم وإصرارهم في تكذيبه. اليأس وصنع الفلك: وقد يئس نوح عليه السلام من هداية قومه وإيمانهم بعد أن أخبره الله تعالى، وكان قد تبين العناد والإصرار على التكذيب في قومه، فنادى ربه بذلك ثم حصل له اليأس من هدايتهم بعدم إيمانهم بعد أن أخبره الله تعالى بذلك، كما أشارت إلى ذلك الآية السابقة، وقد كان قومه يطالبونه بما كان يعدهم من إنزال العذاب وهو يوكل ذلك إلى الله تعالى، وفي الوقت نفسه يواصل دعوته لهم. وبعد إخبار الله تعالى له بذلك، نجد نوحاً عليه السلام يعبر عن هذا اليأس في عدة مواقف. أ - إعلان القطيعة والبراءة من قومه، كما أشارت إلى ذلك الآيات الكريمة السابقة. ب - الدعاء والطلب من الله تعالى بإنزال العذاب عليهم تنفيذاً للسنة الإلهية التي كانت تفرض نزول العذاب بالأقوام الذين يكذبون رسلهم مع تهديدهم باستخدام القوة ضدهم، إما بقتلهم أو إخراجهم من ديارهم أو تعذيبهم بالسجن وغيره. وقد كان نوح ينذر قومه بنزول هذا العذاب: ﴿كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب * وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار﴾ (غافر 5-6). ج - الاستعداد لنزول العذاب من خلال صنع الفلك والسفينة.

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: اختصاص القصة بأنبياء الشرق الأوسط: وأما الظاهرة الثانية فمن الملاحظ ان القرآن الكريم تحدث عن مجموعة من الأنبياء يشتركون في خصوصية: أنهم يعيشون جميعا في منطقة الشرق الأوسط، أي المنطقة التي كان يتفاعل معها العرب الذين نزل القرآن في محيطهم ومجتمعهم. وقد تفسر هذه الظاهرة لأول وهلة بأن النبوات لما كانت بالأصل في هذه المنقطة ومن خلالها انتشر الهدى في جميع أنحاء العالم، حيث كانت البشرية تعيش في البداية بهذه المنطقة ولا يوجد في المناطق الأخرى نبوات وأنبياء، كما قد يفهم ذلك من خلال الاستعراض التأريخي للنبوات وتأريخ الانسان في التوراة، وحينئذ لا تعني هذه الخصوصية ظاهرة تحتاج إلى تفسير، بل هي قضية فرضتها الحقيقة التأريخية ويكفي في تفسيرها هذا الواقع التأريخي. الرسالات الإلهية لا تختص بمنطقة الشرق الأوسط: ولكن توجد شواهد في القرآن الكريم تنفي هذا التفسير لهذه الظاهرة، فالقرآن يشير في بعض آياته إلى أن هناك مجموعة أخرى من الأنبياء لم يتحدث عنهم، مع أن حياتهم لا بد وأنها كانت زاخرة بالاحداث شأنهم في ذلك شأن الأنبياء الآخرين: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ" (غافر 78).

"مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ" (غافر 31) جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن التَّطوُّر في الأوضاع الإقليمية وتأثيره على المرجعية للسيد محمد باقر الحكيم: لقد ورثنا أوضاعاً عاصرها آباؤنا في هذا القرآن الذي انتهى؛ حيث كان المستعمر البريطاني هو المسيطر على العراق بعد سقوط الدولة الإسلامية، فنهض علماء الإسلام يدعون إلى النهضة والتحرُّر من سيطرة الاستعمار البريطاني بعد ثلاث سنوات من سقوط بغداد بيده، وذلك في الثورة المعروفة بـ (ثورة العشرين) التي قادها المراجع، فتصدَّى المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي رضي الله عنه ومن بعده المرحوم «شيخ الشريعة الأصفهاني» لهذه المهمَّة. ونتيجة لهذه المواجهة الجهادية اضطرَّ المستعمر الإنجليزي لأن يستجيب ولأوَّل مرة بعد الحرب العالمية الأولى ـ ويوافق على قيام حكومة وطنية ـ حسب المصطلح السياسي المعروف ـ وعندما قامت هذه الحكومة في العراق، كان رأي العلماء أن تكون حكومة إسلامية، لكن الاستعمار البريطاني فرضها حكومة وضعية غير إسلامية، وكان أوَّل موقف اتخذته هذه الحكومة هو الموقف ضد المرجعية الدينية التي قادت الشعب إلى الاستقلال، فقامت بنفيها وإخراج العلماء من النجف الأشرف إلى إيران. أما العلماء غير الإيرانيين، فنفوا إلى مناطق أخرى، بعضهم إلى الجزر المستعمرة من قبل بريطانيا في المحيط الهندي، وبعضهم إلى مناطق أخرى، وهذا عمل لم يجرؤ الاستعمار البريطاني نفسه على القيام به، ولكن قام به هؤلاء الوطنيون الذين حكموا العراق برعاية بريطانية. والأمر نفسه نراه في إيران، فقد قامت حركة واسعة في إيران باسم الحركة «المشروطة» بقيادة العلماء. وقد أرادت هذه الحركة أن يكون الحاكم فيها مقيَّداً بالقوانين الإسلامية، وأن لا يعمل بحسب رغباته وميوله ومصالحه الخاصة، بل يكون مقيداً ومشروطاً بقوانين الإسلام ومصالح الشعب والمؤسسات الدستورية، وهي حركة واسعة جداً قادها العلماء أيضاً، وفي مقدمتهم آية الله الشيخ محمد كاظم الخراساني وآية الله الشيخ فضل الله النوري. ثم لمَّا انتصرت هذه الحركة والتزم الشاه في البداية بها صورياً، ثم أطيح به بانقلاب عسكري كان شعاره تنفيذ الدستور، تحوَّلت الحكومة إلى حكومة وضعية، وجاء إلى السلطة رضا خان بهلوي، وكان أوَّل أعمال هذا الحاكم قيامه بعملية قمع واسعة للإسلام ولعلماء الإسلام معاً، في عملية أشد وأقسى ممَّا جرى في العراق نفسه، ففي العراق تركَّزت القضية في فصل الدين عن السياسة والحكم، أما في إيران فإنه، مضافاً إلى ذلك، تدخل الحاكم في تفاصيل حياة الناس ومنع إقامة الشعائر الدينية والمجالس الحسينية، وحارب الحوزة العلمية، وتدخّل في السلوك الاجتماعي العام للأفراد، وفرض اللباس الموحَّد الغربي على الرجال، والسفور على النساء، مستخدماً أساليب القمع الواسعة لتنفيذ هذه العملية. وشهدت تركيا بقيادة الضابط مصطفى كمال أوضاعاً مماثلة قاسية، أعلن فيها الحاكم سقوط الدولة الإسلامية والتنكُّر للهوية الإسلامية، ومعاداتها بصورة رسمية؛ مضافاً إلى ذلك المناطق الأخرى التي بقيت تحت السيطرة الغربية. وبصورة إجمالية: وجدت أنظمة وضعية في عالمنا الإسلامي قامت بعملين رئيسيين: الأول: محاصرة الإسلام وإبعاده عن الحياة. الثاني: استخدام القمع لتنفيذ هذه السياسة على خلاف رغبة الأمَّة. ومن الطبيعي أن تفرض هذه التحوُّلات وتلقي بظلالها الثقيلة والمعقدة على المرجعية وأوضاعها، الأمر الذي يقتضي إعادة النظر والتجديد في صياغتها ومنهجها وأساليبها وطريقة أدائها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك