الدكتور فاضل حسن شريف
عن كتاب الخمس الأول للسيد أبوالقاسم الخوئي: قوله تعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" سورة الانفال الآية 1 في رسالة شيخنا الوالد قدس سره التي كتبها في الخمس ما لفظه (قد تسالم الاصحاب على ان ما يؤخذ من غير ان يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو من الفئ والانفال وهو لله ولرسوله وبعده للقرابة والمال المأخوذ من بني النضير).
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ونحن إذا سبرنا الايات القرآنية يظهر لنا ظهورا تاما لا يقبل التشكيك أن المشركين كانوا يقترحون إنزال العذاب عليهم، أو يقترحون آيات اخرى نزل العذاب على الامم السابقة بسبب تكذيبها. فمن القسم الاول قوله تعالى: "وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" (الانفال 32-33).
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: لا بد للنبي من إقامة المعجز : تكليف عامة البشر واجب على الله سبحانه ، وهذا الحكم قطعي قد ثبت بالبراهين الصحيحة ، والادلة العقلية الواضحة ، فإنهم محتاجون إلى التكليف في طريق تكاملهم ، وحصولهم على السعادة الكبرى ، والتجارة الرابحة. فإذا لم يكلفهم الله سبحانه ، فإما أن يكون ذلك لعدم علمه بحاجتهم إلى التكليف ، وهذا جهل يتنزه عنه الحق تعالى ، وإما لان الله أراد حجبهم عن الوصول إلى كمالاتهم ، وهذا بخل يستحيل على الجواد المطلق ، وإما لانه أراد تكليفهم فلم يمكنه ذلك ، وهو عجز يمتنع على القادر المطلق ، وإذن فلا بد من تكليف البشر ، ومن الضروري أن التكليف يحتاج إلى مبلغ من نوع البشر يوقفهم على خفي التكليف وجليه : "لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ" (الانفال 42). ومن الضروري أيضا أن السفارة الالهية من المناصب العظيمة التى يكثر لها المدعون ، ويرغب في الحصول عليها الراغبون ، ونتيجه هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب، ويختلط المضل بالهادي. وإذن فلا بد لمدعي السفارة أن يقيم شاهدا واصحا يدل على صدقه في الدعوى، وأمانته في التبليغ، ولا يكون هذا الشاهد من الافعال العادية التي يمكن غيره أن يأتي بنظيرها ، فينحصر الطريق بما يخرق النواميس الطبيعية. وإنما يكون الاعجاز دليلا على صدق المدعي، لان المعجز فيه خرق للنواميس الطبيعية، فلا يمكن أن يقع من أحد إلا بعناية من الله تعالى، وإقدار منه ، فلو كان مدعي النبوة كاذبا في دعواه، كان إقداره على المعجز من قبل الله تعالى إغراء بالجهل وإشادة بالباطل، وذلك محال على الحكيم تعالى. فإذا ظهرت المعجزة على يده كانت دالة على صدقه، وكاشفة عن رضا الحق سبحانه بنبوته.
قال الله تعالى "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الانفال 46) جاء في موقع وكالة انباء براثا صفحة دراسات عن المرجعية الدينية الشيعية و خلاف المنهجيات المحافظة و الاصلاحية و الثورية للدكتور علي المؤمن: وهناك أمثلة قريبة تاريخياً بشأن الخلاف المنهجي الصحي المتعارف بين المرجعيات في الموضوعات الفقهية والنظرة الى الشأن العام وتشخيص كل مرجع للمصالح والمفاسد، وأساليب جلبها ودفعها. ومنها نموذج ظاهرة الثنائية بين مرجعية السيد محسن الحكيم الإصلاحية ومرجعية السيد الخوئي المحافظة في خمسينات و ستينات ومطلع سبعينات القرن الماضي، والتي استطاع خلالها السيد محمد باقر الصدر إيجاد منهجية ثالثة فاعلة، لكنها لم منظورة حينها، إذ ظلت تتمظهر غالباً في الفعاليات والنشاطات المحسوبة على مرجعية السيد الحكيم وجماعة العلماء في النجف الأشرف وكلية الفقة. وبذلك؛ بات الاجتماع الديني النجفي في عقد الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي، ينقسم إلى ثلاث منهجيات رئيسة: 1 - المنهجية الوسطية الإصلاحية المتمثلة في مرجعية السيد محسن الحكيم، وقاعدتها: ولاية فقيه واسعة في الأمور الحسبية و رعاية النظام العام، وسمتها التطبيقية: إصلاح شامل في الأمة وإصلاح مقيد في السلطة. ومن الفقهاء المتماهين مع هذه المنهجية في النجف: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ مرتضى آل ياسين والشيخ محمد أمين زين الدين والشيخ محمد رضا المظفر والسيد عبد الله الشيرازي، وحالياً السيد علي السيستاني. وتماثلها في قم مرجعيات السيد محمد رضا الگلپايگاني والسيد كاظم الشريعتمداري والسيد شهاب الدين المرعشي النجفي. وهي منهجية متأثرة بمدرسة الشيخ الأخوند الخراساني والشيخ فتح الله الإصفهاني والشيخ الميرزا النائيني والسيد أبي الحسن الإصفهاني. 2 - المنهجية التقليدية المحافظة المتمثلة في مرجعية السيد أبي القاسم الخوئي، وقاعدتها: ولاية فقيه محدودة في الأمور الحسبية، وسمتها التطبيقية: إصلاح تقليدي في الأمة وانكفاء في موضوعة السلطة. وهي متأثرة بمدرسة السيد كاظم اليزدي والشيخ ضياء الدين العراقي. ومن المتماهين مع هذه المنهجية في النجف: مرجعيتا السيد عبد الهادي الشيرازي والسيد محمود الشاهرودي. وتماثلهما في قم مرجعيتا الشيخ عبد الكريم الحائري والسيد حسين البروجردي، وحالياً مرجعية الشيخ حسين الوحيد الخراساني. 3 - المنهجية التغييرية الثورية المتمثلة في الفقيه الشاب السيد محمد باقر الصدر، وقاعدتها: ولاية فقيه عامة ورعاية مطلقة للشأن العام، وسمتها التطبيقية: إصلاح شامل في الأمة وتحول جذري في السلطة وإنخراط في العمل التغييري الثوري. أما في قم فإن هذه المنهجية أسسها الإمام الخميني. وأبرز المراجع والفقهاء المتماهين مع هذه المنهجية هم تلاميذ السيد محمد باقر الصدر والإمام الخميني، كالسيد محمد الصدر والسيد محمود الهاشمي والسيد كاظم الحائري والشيخ حسين علي المنتظري والشيخ الفاضل اللنكراني والسيد علي الخامنئي والشيخ جعفر السبحاني والشيخ عبد الله الجوادي الآملي. فضلاً عن مراجع آخرين أحياء تتلمذوا في مدرسة السيد حسين البروجردي، لكنهم خالفوا أستاذهم في مسألة ولاية الفقيه العامة؛ فقالوا بها وانخراطوا في الحراك الثوري التغييري الذي قاده الإمام الخميني، كالشيخ ناصر مكارم الشيرازي والسيد موسى الشبيري الزنجاني والشيخ لطف الله الصافي الگلپایگاني، رغم أنهم ليسوا من تلاميذ الإمام الخميني. والملاحظ في النجف في ستينات القرن الماضي، أن المنهجيات الفقهية والتطبيقية المختلفة الثلاث، والمتمثلة في السيد محسن الحكيم والسيد أبي القاسم الخوئي والسيد محمد باقر الصدر، كانت تتبادل الحماية والدعم والتأييد. وحصل الأمر نفسه في أوائل عقد الستينات من القرن الماضي، حين مارست مرجعيات قم المحافظة والإصلاحية دور الحماية لمرجعية الإمام الخميني التغييرية الثورية. وقد يرى بعض المراقبين مفارقة في هذا المجال؛ فكيف يدعم التيار الديني التقليدي المحافظ تياراً إصلاحياً وآخر ثورياً، أو العكس. لكن من يعرف قواعد تفكير المرجعية العليا التي تمثل الخط العام، وأساليب حركتها؛ سيدرك بأن هذه المرجعية تمارس - عادة - دور الأبوة لكل التيارات والوجودات في الوسط الشيعي، وتعمل على حمايتها وعدم التفريط بها، وشدّها إليها بهدوء وصبر؛ للحؤول دون انكفائها خارج النظام الديني الشيعي، سواء كانت المرجعية العامة نفسها ثورية أو إصلاحية أو محافظة.
https://telegram.me/buratha