الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب الخمس الأول للسيد أبوالقاسم الخوئي: قوله تعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" صحيحة داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قطايع الملوك كلها للامام وليس للناس فيها شئ. ونحوها موثقة سماعة وغيرها. ومنها المعادن والاقوال فيها ثلاثة: احدها انها من الانفال مطلقا سواءا أكانت في الملك الشخصي ام في الملك العام كالمفتوحة عنوة، غايته انهم عليهم السلام اباحوها لكل من اخرجها فيملكها بعد اداء خمسها وان لم يكن شيعيا. ثانيها انها ليست من الانفال مطلقا استنادا إلى ادلة الخمس فيملك المستخرج بعد اداء الخمس، اربعة اخماس منها بحكم الشارع وتحليل من الله لا بصدور الاذن من الامام عليه السلام. ثالثها التفصيل بين المعدن المستخرج من ارض هي من الانفال وبين المستخرج من غيرها، فالاول من الانفال بتبع الارض دون الثاني. وهذا التفصيل غير بعيد وان لم يكن لهذا البحث اثر عملي لوجوب التخميس بعد الاستخراج على كل حال، والبحث علمي محض، وان تملك الاربعة اخماس هل هو بتحليل من الله تعالى ابتداء أو باذن من الامام عليه السلام؟ وتدل على التفصيل صحيحة اسحاق بن عمار قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الانفال، فقال: هي القرى التي قد خربت إلى قوله.. وكل ارض لا رب لها والمعادن منها (أو) فيها على اختلاف النسخ فان الضمير في منها أو فيها يرجع إلى الارض فعد من الانفال المعادن من هذه الاراضي التي تكون هي بنفسها ايضا من الانفال لا مطلق المعادن فلاحظ. ومنها ميراث من لا وارث له، وهذا ايضا مما لا اشكال فيه، وقد دلت عليه الروايات المعتبرة المذكورة في كتاب الارث، ولم يذكر صاحب الوسائل منها ههنا إلا رواية واحدة وهي موثقة ابان بن تغلب عن ابي عبد الله عليه السلام: في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى، قال: هو من اهل هذه الآية: يسألونك عن الانفال "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ" (الانفال 1) هذا كله في موضوع الانفال. واما حكمها. اما الاراضي فلا شك انهم عليهم السلام حللوها لكل من احياها، قال صلى الله عليه وآله: ثم هي مني لكم ايها المسلمون. وقد ورد ان من احيا ارضا فهي له، فالناس كلهم مرخصون في التصرف فيها أو فيما يتكون فيها أو عليها من المعادن والاشجار والاحجار ونحوها. وقد دلت عليه السيرة القطعية المستمرة من المسلمين فانهم لا يزالون يتصرفون ويتمتعون منها من غير نكير بالضرورة، وان كان في بعض الاخبار انها كذلك إلى زمان ظهور الحجة عجل الله تعالى فرجه لا مطلقا وهذا امر آخر خارج عن محل الكلام وهو من وظائف الامام عليه السلام.
عن كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: القرآن والاخبار بالغيب: أخبر القرآن الكريم في عدة من آياته عن امور مهمة، تتعلق بما يأتي من الانباء والحوادث، وقد كان في جميع ما أخبر به صادقا، لم يخالف الواقع في شيء منها. ولا شك في أن هذا من الاخبار بالغيب، ولا سبيل إليه غير طريق الوحي والنبوة. فمن الايات التي أنبأت عن الغيب قوله تعالى: "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ" (الانفال 7). وهذه الاية نزلت في وقعة بدر، وقد وعد الله فيها المؤمنين بالنصر على عدوهم وبقطع دابر الكافرين، والمؤمنون على ما هم عليه من قلة العدد والعدة، حتى أن الفارس فيهم كان هو المقداد، أو هو والزبير بن العوام والكافرون هم الكثيرون الشديدون في القوة ، وقد وصفتهم الاية بأنهم ذووا شوكة، وأن المؤمنين أشفقوا من قتالهم، ولكن الله يريد أن يحق الحق بكلماته.
جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للسيد أبوالقاسم الخوئي: ان الماء في الآية المباركة نكرة في سياق الاثبات وهي لا تقيد إلا ان فردا من افراد المياه طهور، ولا دلالة فيها على العموم. ويدفعها: ان الله سبحانه في مقام الامتنان على جميع طوائف البشر، لا على طائفة دون طائفة، وهذا يقتضي طهارة جميع المياه. على ان طهورية فرد من أفراد المياه من دون بيانه وتعريفه للناس مما لا نتعقل فيه الامتنان أصلا، بل لا يرجع إلى معنى محصل، فالآية تدل على طهورية كل فرد من أفراد المياه. ومن جملة الآيات التي يمكن أن يستدل بها على طهورية الماء، قوله تعالى: "وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ" (الانفال 11) وهذه الآية سليمة عن بعض المناقشات التي أوردوها على الآية المتقدمة، كاحتمال كون الطهور بمعنى الطاهر. أو بمعنى المبالغة. نعم يرد عليها أيضا مناقشة الاختصاص بماء السماء ومناقشة عدم دلالتها على العموم، لكون الماء نكرة في الآية المباركة، والجواب عنهما هو الجواب فلا نعيد. ثم إنه ربما تورد على استدلال بهذه الآية مناقشة اخرى، كما تعرض لها في الحدائق وغيره. وملخصها عدم دلالة الآية على التعميم، لا لاجل أن الماء نكرة، بل لانها وردت في طائفة خاصة، وهم المسلمون الذين كانوا يحاربون الكفار في وقعة بدر، ومع اختصاص المورد لا يمكن التعدي عنه. والجواب عن ذلك: ان هناك روايات دلتنا على أن ورود آية من "وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ" (الانفال 11).
عن كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: قد ضمن الله تعالى رفع العذاب الدنيوي عن هذه الامة إكراما لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعظيما لشأنه. فقد قال الله تعالى "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ" (الانفال 33). أما أن تكذيب الايات المقترحة يوجب نزول العذاب على المكذبين فلان الاية الالهية إذا كانت مبتدأة كانت متمحضة في إثبات نبوة النبي، ولم يترتب على تكذيبها أكثر مما يترتب على تكذيب النبي من العقاب الاخروي. وأما إذا كانت مقترحة كانت كاشفة عن لجاجة المقترح، وشدة عناده، إذ لو كان طالبا للحق لصدق بالاية الاولى لانها كافية في إثباته، ولان معنى اقتراحه هذا أنه قد التزم على نفسه بتصديق النبي إذا أجابه إلى هذا الاقتراح، فإذا كذب الاية المقترحة بعد صدورها كان مستهزئا بالنبي وبالحق الذي دعا إليه، وبالاية التي طلبها منه، ولذلك سمى الله تعالى هذا النوع من الايات آيات التخويف كما في آخر هذه الاية الكريمة ، وإلا فلا معنى لحصر مطلق الايات بالتخويف، فإن منها ما يكون للرحمة بالعباد وهدايتهم وإنارة سبيلهم. ومما يدلنا على أن المراد من الايات الممنوعة هي آيات التعذيب والتخويف: ملاحظة مورد هذه الاية الكريمة وسياقها
https://telegram.me/buratha