الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب من فقه الكومبيوتر والانترنت للسيد محمد سعيد الحكيم عن الضابط الشرعي بالنسبة إلى الحوار في الشبكة الانترنتية: ما هو الضابط الشرعي بالنسبة إلى الحوار في الشبكة الانترنتية، والذي منه ما يدور مع المتربصين بالموالين لأهل بيت العصمة عليهم السلام، سواء بالسباب لإيذائهم عمداً، أو إحداث التشكيك في نزاهة علماءهم العظام، كالطوسي والكليني ونظائرهما. وهذا خلافاً للحوار مع من يترقب المؤمن في حوارهم خيراً، فما هو الضابط الشرعي لأنواع الحوارات، لاسيما مع الوقيعة المتعمدة في مذهب الحق وأهله؟ أما الحوار مع من يترقب منه الخير فلا ريب في حسنه، بل قد يجب، لما فيه من ترويج الحق والسعي لرفع شأنه وإعلاء كلمته، أو الدفاع عنه وردّ عادية المعتدين عليه. أما الحوار مع من لا يترقب منه الخير فهو في نفسه ليس محرماً. إلا أن يخشى من ترتب بعض المحاذير الشرعية عليه. منها: إغراق الطرف المقابل ــ صاحب الموقع ــ في غيه، وإكثاره من نشر الباطل عناداً، كردّ فعل على فتح الحوار معه ونقده. ومنها: تشجيع الموقع ورفع شأنه بفتح الحوار معه ولو بنحو النقد له، إذ قد يكون الحوار معه سبباً لشعور من يقف وراءه أو شعور غيره بأن الموقع من الأهمية بحيث يحتاج الخصم لنقده والرد عليه والحوار معه، بخلاف ما إذا أهمل، حيث قد يشعرهم بأنه من التفاهة بحيث لا يراه الخصم أهلاً للحوار والنقد، نظير قولـه تعالى: "وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِين" (القصص 55). أو أن الحق من القوة وظهور الحجة بحيث لا يؤثر عليه التهريج والتشنيع غير المنطقيين. وقد يؤدي ذلك إلى شعورهم بالخيبة والفشل، ويكون سبباً في تخفيف غلوائهم وكبح جماحهم. وهو ما نرجحه غالباً مع كل من يشنع على الحق بعناد وإصرار خارج حدود الحساب والمنطق.
وعن الضابط الشرعي في المشاركة في البرامج الحوارية الانترنتية يقول المرجع السيد الحكيم قدس سره: ما هو الضابط الشرعي في المشاركة في البرامج الحوارية الانترنتية خاصة الإباحية على أنواعها؟ وما حكم سماع أو رؤية المحرمات فيها بين المتخاطبين، أو إذا وجه له كالسباب أو الجرح أو نظائر ذلك، سواء مع معروفية المكلف أو كونه مجهولاً لا يعرف إلا بمجرد اسم رمزي مستعار، ما هو الضابط الشرعي للجواز وعدمه؟ وما هو الذي يجوز المشاركة فيه مع أولئك أصلاً؟ السماع والرؤية ليسا محرمين في نفسيهما. وقد يحرمان بعنوان ثانوي، كالتشجيع على الفساد وترويجه إذا كان لدخول المكلف في الموقع أثر لذلك، وكما إذا ترتب عليها التهييج الجنسي المحرم. وأما الرد على السباب والجرح فهو جائز. لكن يجب الاقتصار على المثل إذا كان الطرف المقابل محترم العرض. وإن كان الأولى بالمؤمن أن ينزه نفسه عن ذلك، كما أدبه الله تعالى حين يقول: "وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ" (القصص 55)، أو يحاول الرد بالتي هي أحسن، كما قال عز من قائل: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (فصلت 34-36).
وعن المدير والمراقب في الشبكة الانترنتية يكون السيد محمد سعيد الحكيم في كتابه: لو كان المكلف مديراً لموقع حواري أو مراقباً في الشبكة الانترنتية، فما هو حكمه بالنسبة لما يدور في تلك الساحات من توهين لمذهب أهل البيت وسباب من أعداء مذهب الحق للدين، أو للمذهب، أو لعلمائنا الأبرار، أو لشيعة أهل البيت وذلك بالنسبة إلى السباب والإعلان عن عناوين ما يسمى فضائح العلماء علناً من قبل بعض المؤمنين ونظائر ذلك؟ ما هو الحكم بالنسبة لأخذ الأجرة على رعاية تلك الصفحات والمواقع لمن يعمل بأجر؟ وما حكم أصل العمل في ذلك الموقع حتى لو كان مجانياً أي بدون مقابل؟ وما حكم السكوت أو القبول بذلك التوهين أو ذكر ما يسميه المتكلم مثلاً فضيحة للعلماء ما حكم السكوت؟ وهل يجب الحذف إذا كان من حقه ذلك وبإمكانه ذلك وهو من الاتفاق أصلاً بين المشترك وبين الصفحة نفسها، فما حكم المدير والمراقب، وما الضابط لعمله الشرعي؟ كل من يشارك في موقع إدارة أو تنفيذاً أو مراقبة أو غير ذلك يشارك في أجر ما يدور في ذلك الموقع إن كان ما يدور فيه طاعة لله تعالى، وكان عمله بقصد التقرب له سبحانه. كما يشارك في وزره إن كان ما يدور فيه معصية لله تعالى، لأن ذلك ليس من الإعانة على البر أو الإثم، بل من التعاون عليهما، والمشاركة فيهما، لأن عمل الموقع لا يقوم إلا بالهيئة العاملة فيه، وقد قال عزوجل: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2). وعلى ذلك يجب حذف الحديث المحرم أو ترك الموقع حذراً من المشاركة في وزره. ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لنا ولكم ولجميع المؤمنين، والعصمة من الضلال بعد الهدى، والزيغ بعد الاستقامة، ونعوذ به من مضلات الفتن، ومن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. قال عز من قائل: "وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" (النحل 9). وهو حسبنا ونعم الوكيل.
https://telegram.me/buratha