الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة عن كتاب الحسين عليه السلام في سورة الفجر للسيد سامي البدري: قال العلامة الطباطبائي رحمه الله: قوله : "وَ الْفَجْرِ" المراد به مطلق الفجر و لا يبعد أيضا أن يراد به فجر يوم النحر و هو عاشر ذي الحجة . و قوله: "وَ لَيالٍ عَشْرٍ" لعل المراد بها الليالي العشر من أول ذي الحجة إلى عاشرها و التنكير للتفخيم . و قوله "وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ" يقبل الانطباق على يوم التروية و يوم عرفة و هو الأنسب على تقدير أن يراد بالفجر و ليال عشر فجر ذي الحجة و العشر الأول من لياليها. و قوله: "وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ" أي يمضي فهو كقوله: "وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ" (المدثر 33) و ظاهره أن اللام للجنس فالمراد به مطلق آخر الليل. و قوله: "هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ" الاستفهام للتقرير، و المعنى أن في ذلك الذي قدمناه قسما كافيا لمن له عقل يفقه به القول و يميز الحق من الباطل، و إذا أقسم الله سبحانه بأمر و لا يقسم إلا بما له شرف و منزلة كان من القول الحق المؤكد الذي لا ريب في صدقه. و جواب الأقسام المذكورة محذوف . انتهى كلام العلامة الطباطبائي رحمه الله تعالى.فهمنا لمصداق الآيات قوله تعالى "وَ الْفَجْرِ * وَ لَيالٍ عَشْرٍ" : الفَجْر ضوء الصباح و هو حُمْرة الشمس في سواد الليل وهو الفجر الصادق، و الفَجْر: تَفْجيرُكَ الماء. و انْفَجَر الماءُ و الدمُ و نحوهما من السيّال و تَفَجَّرَ: انبعث سائلًا. ليس من شك ان الله تعالى حين يقسم بمخلوقاته فهو يريد ان يلفت نظرنا الى اهمية خاصة بذلك المقسم به ، وقد اقسم بالليل والنهار والسماء والارض والشمس والقمر ؛ لكونها آيات الهية تبين حكمة صنعه تعالى ، فهل يا ترى الفجر المقسم به هنا هو مطلق ظاهرة الفجر اليومية او فجر يوم خاص ، والظاهر هو انه اراد فجر يوم خاص لمكان الليالي العشر التي اعقبته ، فإنها ليالي مبهمة لا يزيل ابهامها الا فجر يومها العاشر الذي يأتي بعدها، وغير خفي على احد من المطلعين على تاريخ اقوام الجزيرة العربية من عهد ا براهيم والى اليوم ان فجر يوم العاشر من ذي الحجة هو فجر يوم تقديم القرابين لله تعالى من الحجاج وايضا ممن لم يوفق للحج إذ يستحب له ان يذبح اضحية في بلده . فهو فجر اعظم يوم في ايام السنة كلها على الاطلاق . وهو فجر اقدام ابراهيم ليذبح ولده اسماعيل لرؤيا رآها واستجاب له اسماعيل وصبر لأبيه يذبحه، وفي ضوء ذلك فان الليالي العشر هي الليالي العشر من ذي الحجة وفجر عاشورائها، ويبدو ان الايام التسعة كانت لبناء البيت من اسماعيل وابراهيم فقط، وانتهى البناء بآية الهية وهي تأثر الحجر بقدمي ابراهيم على كبره وضعفه فهو ابن مائة سنة ولكن شاء الله تعالى ان يجعل الحجر يلين عند قدمي ابراهيم ليطبع صورة قدميه المباركتين، وهي باقية الى اليوم رغم مرور اربعة الاف سنة عليها. وإذا قدَّرنا ان ابراهيم كان قد اعلن عن فريضة الحج منذ ان شرع في بناء البيت ، واراه الله تعالى ان قربانه يوم العاشر من ذي الحجة هو ولده اسماعيل "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الصافات 102) واعلن الخبر للمسلمين آنذاك، ومن ثم صارت الليالي العشر ليالي عبادة مركزة من ابراهيم واسماعيل ليستقبلا الابتلاء برحابة صدر ، وحين يحاورهما الناس الذين من حولهما لا يجدون منهما الا الثبات على التسليم لأمر الله والاستعداد ا لتام لإنفاذ امره. واقدم ابراهيم على ذبح ابنه وأَمَرَّ السكين على رقبته جادا في ذبحه والناس يضجون تالماً ورقّةً، ولم تؤثر السكين وفدى الله تعالى اسماعيل بكبش عظيم نزل من الجبل امام الحجيج يقصد اسماعيل ورمى بنفسه الى جنبه وادرك الناس انهم امام اية الهية لان الكبش الوحشي عادة يشرد من الناس وهذا الكبش قصدهم ورمى بنفسه عند اسماعيل ، ونزل الوحي ليكرم ابراهيم واسماعيل بالإمامة الالهية الهادية ثم اكرمه بان جعل اعظم الانبياء وخاتمهم واهل بيته الاثني عشر من صلبه.
جاء في موقع اسلام ويب عن حكمة الأرقام في القرآن الكريم: لا شك أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه الحكيم، وأن أقواله وأفعاله وخلقه وتدبيره لا يصدر كل ذلك إلا عن علم وحكمة، لذلك قرن الله تعالى بين هذين الاسمين في القرآن الكريم: "وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً"، وقوله: "إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ". فقد يتكرر رقم معين في عدة مواضع في القرآن والسنة، ولا شك أن وراء ذلك حكمة، ولكن لاشك أنه لا يمكن الجزم بأن هذا الشيء المعين.
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ" (البقرة 196) فعلى هذا فلو لم يجد الإنسان أضحية أو أنّ وضعه المالي لا يطيق ذلك فيجب عليه جبران ذلك بصيام عشرة أيّام، يصوم ثلاثة أيّام منها (يوم السابع و الثامن و التاسع من ذي الحجّة) في أيّام الحجّ و هذه هي من الأيّام الّتي يجوز فيها الصوم في السفر و يأتي بصيام سبعة أيّام بعد ذلك حين العودة إلى الوطن. واضح أن مجموع ثلاثة أيّام في الحج و سبعة بعد الرجوع يساوي عشرة، لكنّ القرآن عاد فأكّد بأنّها عشرة كاملة. بعض المفسّرين قال في تفسير هذه الجملة أن الواو تأتي للجمع و تأتي أحيانا للتخيير بمعنى (أو)، و من أجل رفع توهّم التخيير أكّدت الآية على رقم عشرة، و يحتمل أيضا أن التعبير بكلمة (كاملة) إشارة إلى أنّ صوم الأيّام العشرة يحلّ محل الهدي بشكل كامل، و لهذا ينبغي للحجاج أن يطمأنّوا لذلك و أنّ جميع ما يترتّب على الأضحية من ثواب و بركة سوف يكون من نصيبهم أيضا. و قال بعضهم: إنّ هذا التعبير إشارة إلى نكتة لطيفة في العدد (عشرة) لأنّه من جانب أكمل الأعداد، لأنّ الأعداد تتصاعد من واحد يتصل إلى عشرة بشكل تكاملي، ثمّ بعد ذلك تترتّب من عشرة و أحد الأعداد الاخرى لتكون أحد عشر و اثني عشر حتّى تصل إلى عشرين أي ضعف العدد عشرة ثمّ ثلاثين و هكذا.
تكملة للحلقة السابقة جاء في كتاب الإعجاز العددي في القرآن الكريم عن رحلة مع العدد عشرة في القرآن الكريم والسنة للمؤلف سعيد صلاح الفيومي: 6- "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ومَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وهُمْ لا يُظْلَمُونَ" (الأنعام 160). 7- "وواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وأَصْلِحْ ولا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" (الأعراف 142). 8- "وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ والسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وما ظَلَمُونا ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (الأعراف 160). 9- "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (التوبة 36). 10- "أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ" (هود 13). 11- "إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشَّمْسَ والْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ"(يوسف 4). 12- "يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً" (طه 103). 13- "قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ" (القصص 27). 14- "عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ" (المدثر 30). 15- "وَلَيالٍ عَشْرٍ" (2) (الفجر 2). 16- "وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ" (سبأ 45).
https://telegram.me/buratha