الدكتور فاضل حسن شريف
كما حمل حواريوا عيسى عليه السلام لواء الخير والهداية أمام الاعداء فقد حصل كذلك لحواري علي عليه السلام ومنهم ميثم التمار رضوان الله عليه كما جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّه"ِ و يكون الجواب على لسان الحواريين بمنتهى الفخر و الاعتزاز: "قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ" (الصف 14) و ساروا في هذا الدرب حاملين لواء الخير و الهداية، و متصدّين لحرب أعداء الحقّ و الرسالة، حيث يقول سبحانه: "فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ" (الصف 14). و هنا يأتي العون و النصر و الإغاثة و المدد الإلهي للطائفة المؤمنة حيث يقول سبحانه: "فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ" (الصف 14). و أنتم أيضا يا حواريي محمّد، يشملكم هذا الفخر و تحيطكم هذه العناية و اللطف الإلهي، لأنّكم أنصار اللّه، و إنّ النصر على أعداء اللّه سيكون حليفكم أيضا، كما انتصر الحواريون عليهم، و سوف تكون العزّة و السمو من نصيبكم في هذه الدنيا و في عالم الآخرة. و هذا الأمر غير منحصر أو مختّص بأصحاب و أعوان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فحسب، بل جميع أتباع الحقّ الذين هم في صراع دائم ضدّ الباطل و أهله، إنّ هؤلاء جميعا هم أنصار اللّه، و ممّا لا شكّ فيه فإنّ النصر سيكون نصيبهم و حليفهم لا محالة.
ذكر الشيخ الطبرسي في كتابه مع الركب الحسيني: (وأنا أرى محاولة ياقوت الحموي ردّ كربلاء إلى الأُصول العربية غير مجدية، ولا يصحّ الاعتماد عليها؛ لأنّها من باب الظن والتخمين. وإنّ في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية كبغداد، وحرورا، وجوخا، وبابل، وبعقوبا). والارجح أن تكون هذه التسمية قديمة، أطلقها البابليون أو مَن سبقهم من الأقوام التي سكنت هذه الأرض، لإشارات استفادوها من الأنبياء عليهم السلام الذين مرّوا بهذه البقعة المباركة، كما تذكر ذلك كتب التفاسير والتأريخ وغيرها، مثل ما يُروى عن النبي عيسى عليه السلام وأصحابه الحواريين “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّـهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ” (الصف 14)، أنّهم مرّوا بأرض كربلاء فرأى الظباء مجتمعة وتبكي، فجلس عيسى عليه السلام والحواريون معه وبكوا حيث قالوا له: (يا روح الله وكلمته، ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا:لا. قال: هذه أرض يُقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلى الله عليه وآله، وفرخ الحرّة الطاهرة البتول شبيهة أُمّي). وكذلك مرّ بها النبي إبراهيم وموسى عليهما السلام وغيرهما من الأنبياء، فلا يُستبعد أنّهم أو تلامذتهم أخذوا يتناقلون حرمة وقداسة هذه الأرض، حتى وصلت إلى عامّة الناس وصارت تسمية لها بعد ذلك، فاختلفت التسميات كلٌّ بحسب لغته، آرامية، أو بابلية، أو فارسية، ولكن الكلّ يُشير إلى معنى واحد، وهو قدسية المكان؛ وعلى هذا يمكن الجمع بين هذه التسميات.
كما أخذ حواريوا عيسى عليه السلام علومهم منه فان حواري أمير المؤمنين علي عليه السلام كذلك أخذو العلم منه فقد جاء عن مؤسسة علوم نهج البلاغة للباحث محمد حمزة الخفاجي عن ميثم بن يحيى التمار: وهو من أجلّاء الصحابة والمقربين، الذين عاصروا أمير المؤمنين عليه السلام وأخذوا منه علوما جما، واستشف من ملازمته لعلي عليه السلام صار ميثم من العلماء العارفين بعلم التأويل، وقد أودعه أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا من العلوم الأخرى كعلم المنايا والبلايا. قال ابن أبي الحديد: و قد أطلعه ميثم التمار علي عليه السلام على علم كثير، وأسرار خفية من أسرار الوصية. وأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله، أمير المؤمنين وعن اسمه الأعجمي، وكان رضوان الله عليه من حواري علي ابن أبي طالب عليه السلام، ومن خاصته. قال ابن حجر العسقلاني: نزل الكوفة وله بها ذرية، ذكره المؤيد بن النعمان الرافضيّ في مناقب عليّ عليه السلام، وقال: كان ميثم التمار عبدا لامرأة من بني أسد، فاشتراه عليّ منها، وأعتقه، وقال له: ما اسمك؟ قال: سالم، قال: أخبرني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أن اسمك الّذي سماك به أبواك في العجم ميثم، قال: صدق اللَّه ورسوله وأمير المؤمنين عليهما السلام، واللَّه إنه لاسمي قال: فارجع إلى اسمك الّذي سماك به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ودع سالما، فرجع ميثم. وقد لقب بالتمار لأنه رضوان الله عليه كان يبيع التمر، فهذا الإنسان أحب أمير المؤمنين عليه السلام منذ أن عتقه، فصار ملازما له وكان يعلم ظاهر القرآن وباطنه ومحكمه ومتشابهه، وكل ذلك الفضل يعود لأمير المؤمنين عليه السلام فهو من علم ميثم هذه الأسرار، حتى صار ميثم لسان الشيعة الناطق بالحق.
يعتبر أولاد الشهيد ميثم التمار رضوان الله عليهم من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن الإمام علي عليه السلام. من أولاده: 1ـ شعيب، عدّه الشيخ الطوسي قدس سره من أصحاب الإمام الصادقعليه السلام. 2ـ صالح، عدّه الشيخ الطوسي قدس سره من أصحاب الإمامين الباقر والصادقع ليهما السلام. 3ـ عمران، عدّه الشيخ الطوسي قدس سره من أصحاب الإمامين زين العابدين والإمام الصادقعليهم السلام.
https://telegram.me/buratha