الدكتور فاضل حسن شريف
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: إن الشرط الوحيد الذي ذكرته الآية الحاضرة لوجوب الحجّ و استقراره هو (الاستطاعة) المعبر عنها بقوله سبحانه مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97). نعم، قد فسرت الاستطاعة في الأحاديث الإسلامية و الكتب الفقهية ب (الزاد و الراحلة أي الإمكانية المالية لنفقات سفر الحجّ ذهابا و إيابا و القدرة الجسدية و التمكن من الإنفاق على نفسه و عائلته بعد العودة من الحجّ) و الحقّ أن جميع هذه الأمور موجودة في الآية، إذ لفظة (استطاع) التي تعني القدرة و الإمكانية تشمل كلّ هذه المعاني و الجهات.
عن كتاب وسائل الشيعة - آل البیت للشيخ حرّ العاملي: باب اشتراط وجوب الحجّ بوجود الاستطاعة من الزاد والراحلة مع الحاجة إليها، وتخلية السرب، والقدرة على المسير، وما يتوقف عليه، ووجوب شراء ما يحتاج اليه من أسباب السفر: ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأَبي جعفر عليه السلام: قوله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) قال : يكون له ما يحجّ به. ٢ ـ ورواه الصدوق في كتاب التوحيد عن أبيه ومحمّد بن موسى بن المتوكّل، عن سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام وذكر مثله، وزاد: قلت: فمن عرض عليه فاستحيى؟ قال: هو ممّن يستطيع . ٣ ـ محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) ما السبيل؟ قال: أن يكون له ما يحجّ به. ٤ ـ وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن يحيى الخثعمي قال : سأل حفص الكناسي أبا عبدالله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عزّ وجلّ : "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) ما يعني بذلك؟ قال: من كان صحيحاً في بدنه مخلّى سربه ، له زاد وراحلة، فهو ممّن يستطيع الحجّ، أو قال: ممّن كان له مال، فقال له: حفص الكناسي : فإذا كان صحيحاً في بدنه، مخلّى في سربه، له زاد وراحلة، فلم يحجّ، فهو ممّن يستطيع الحجّ؟ قال: نعم .ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب ، وكذا الذي قبله .٥ ـ وعن محمّد بن أبي عبدالله، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام وذكر مثله، وزاد: قلت: فمن عرض عليه فاستحيى؟ قال: هو ممّن يستطيع .٣ ـ محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) ما السبيل؟ قال: أن يكون له ما يحجّ به.
جاء في کتاب مناسك الحجّ وملحقاتها للسيد علي السيستاني: مسائل في الاستطاعة المالية: إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحجّ لحاجته إليه ثم استغنى عنه وجب عليه الذهاب إلى الحجّ ولو ببيعه وصرف ثمنه في نفقته، مثلاً: إذا كان للمرأة حلي تحتاج إليه ولا بُدّ لها منه ، ثم استغنت عنه لكبرها أو لأمرٍ آخر، وجب عليها أداء فريضة الحجّ ولو توقّف ذلك على بيعها. إذا كانت له دار مملوكة ، وكانت بيده دار أُخرى يمكنه السكنى فيها كما إذا كانت موقوفة تنطبق عليه ولم يكن في ذلك حرج عليه، ولا في معرض قصر يده عنها، وجب عليه أداء الحجّ ولو ببيع الدار المملوكة، وصرف ثمنها في نفقته إذا كان وافياً بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال، ويجري ذلك في الكتب العلمية وغيرها ممّا يحتاج إليه في حياته. إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحجّ وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك ممّا يحتاج إليه ، فإن كان صرف ذلك المال في الحجّ موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحجّ، وإلاّ وجب عليه. إذا كان ما يملكه دَيناً على ذمّة شخص، وكان محتاجاً إليه في تمام نفقة الحجّ أو في بعضها، فإن كان الدَين حالاً والمدين باذلاً عُدّ مستطيعاً، ووجب عليه أداء الحجّ ولو بمطالبة دَينه وصرفه في نفقته.وكذا إذا كان المدين مماطلاً وأمكن إجباره على الأداء ولو بالرجوع إلى المحاكم الحكومية، أو كان جاحداً وأمكن إثباته وأخذه أو التقاصّ منه، أو كان الدَين مؤجّلاً وبذله المدين من قبل نفسه قبل حلول الأجل، دون ما إذا توقّف بذله على مطالبة الدائن مع فرض كون التأجيل لمصلحة المدين كما هو الغالب. وأما إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً ولا يمكن إجباره، أو كان الاجبار حرجيّاً عليه، أو كان منكراً ولا يمكن إثباته ولا التقاصّ منه، أو كان ذلك مستلزماً للحرج والمشقّة، أو كان الدَين مؤجّلاً والتأجيل لمصلحة المدين ولم يبذل الدَين قبل حلول الأجل، ففي جميع ذلك إن أمكن بيع الدَين بأقلّ منه ما لم يكن مجحفاً بحاله بشرط وفائه بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال، وجب عليه الحجّ، وإلاّ لم يجب. كلّ ذي حرفة كالحدّاد والبنّاء والنجّار وغيرهم ممّن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم يجب عليهم الحجّ إذا حصل لهم مقدار من المال بإرثٍ أو غيره وكان وافياً بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدّة الذهاب والإياب. من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس والزكاة وغيرهما، وكانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقّة، لا يبعد وجوب الحجّ عليه فيما إذا ملك مقداراً من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته، وكذلك من قام أحد بالانفاق عليه طيلة حياته، وكذلك كلّ من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده من جهة المعيشة إن صرف ما عنده في سبيل الحجّ. إذا انتقل إليه ما يفي بمصارف الحجّ بملكيّة متزلزلة فالظاهر كفاية ذلك في تحقّق الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ، إذا كان قادراً على إزالة حق المنتقل عنه في الفسخ بالتصرّف الناقل أو المغيّر في المال كما في موارد الهبة الجائزة وإلاّ فالاستطاعة تكون مراعاةً بعدم فسخ من انتقل عنه، فلو فسخ قبل تمام الأعمال أو بعده كشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة من الأول والظاهر أنّه لا يجب الخروج إلى الحجّ في هذا النحو من الملكيّة المتزلزلة إلاّ مع الوثوق بعدم طروء الفسخ، ولا يكفي مجرّد احتمال عدمه. لا يجب على المستطيع أن يحجّ من ماله، فلو حجّ متسكّعاً أو من مال شخص آخر ولو غصباً أجزأه. نعم، إذا كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطواف مغصوباً فالأحوط وجوباً أن لا يجتزئ به، ولو كان ثمن هديه مغصوباً لم يجزئه إلاّ إذا اشتراه بثمن في الذمّة ووفاه من المغصوب.
https://telegram.me/buratha