الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب القصص القرآنى للسيد محمد باقر الحكيم: أخذ إبراهيم عليه السلام يتبرأ بشكل علني و واضح من الآلهة، و يظهر العداوة لهم، و يتوعد، و يهدد بالكيد لهم و القضاء عليهم؛ ليثبت بشكل واضح عجزها عن الدفاع عن نفسها، أو قدرتها على أن تفعل شيئا لنفسها، بل هي أدنى و أعجز من الإنسان نفسه الذي يتمكن من الأكل و الشرب و الكلام، و هي لا تتمكن من ذلك كلّه. "فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ" (الشعراء 77).
وكذلك عن كتاب القصص القرآنى للسيد محمد باقر الحكيم: مرحلة الدعوة و المواجهة: لم يحدّد القرآن الكريم الوقت الذي خوطب به إبراهيم بالرسالة و الدعوة، كما هو الحال بالنسبة إلى موسى عليه السّلام، و لكن يبدو و اللّه أعلم أنّ الخطاب بالرسالة كان بعد فترة العزلة عن أبيه و مجتمعه، حيث اتسم موقف إبراهيم بعدّة سمات جديدة: أ- المواجة بعد المهادنة. ب- البراءة من أبيه بعد الاستغفار له. ج- الشدّة في التعامل مع عبادة الأصنام، بعد أن كان الموقف السابق يتصف بالاحتجاج الكلامي اللين، أو السخرية الفردية الخاصة. و هذا التطور في الموقف يعبّر عن وضع جديد يتسم بالمسئولية الكبيرة و تحمل الأعباء و الأخطار، و هو ينسجم مع افتراض توجه الخطاب الإلهي له بالنبوّة و الرسالة. و يبدو ذلك واضحا من خلال المقارنة بين ما ورد في سورة الأنعام و مريم، مع ما ورد في سورة الأنبياء و الشعراء و العنكبوت و الصافات. 1- قد أخذ ينتقد بشكل علني و واضح عبادة قومه للاصنام، و يستنكر عليهم ذلك، و يحتج على هذا الانحراف و الضلالة بأنّ هذه الأصنام لا تنفع و لا تضر، و لا تملك الرزق، و لا تسمع الدعاء، و لا تبصر الأشياء، و أنّها إفك قد افتراه الناس على اللّه تعالى و الحقيقة. و لم يجد جوابا عن هذا الاحتجاج و الاستنكار إلّا جوابا واحدا، و هو: أنّهم يقلّدون آباءهم الاقدمين في هذه العبادة. 2- و لمّا ألحّ عليهم بالاحتجاج و الطلب أخذوا يستغربون منه ذلك، و يتعجبون من حديثه، و هل هو حديث جدّ و حقّ أو كان يلعب و يمزح معهم. و لكنّه عليه السّلام أكّد أنّه جاء بالحقّ و أنّ الربّ هو اللّه تعالى ربّ السماوات و الأرض الذي فطرهن، و أنّه هو الشاهد على الحقيقة المطلع على هذا الواقع الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ * وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" (الشعراء 78-82). ثمّ أخذ يتوجه إلى ربّه بالدعاء مؤكدا ذلك "رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَ اجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَ اغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" (الشعراء 83-89). 3- و في تطور آخر آخذ يعظهم، و يذكّرهم بالآخرة و النشأة الآخرة.
جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن نزول القرآن باللغة العربية للسيد محمد باقر الحكيم: أنزلَ اللهُ تعالى القرآن الكريم هدايةً للعالَمين، ومن أجل أن يحدِّد معالم الطّريق لكلّ البشريّة، من غير أن يختصّ بقومٍ دون قوم، أو بزمانٍ دون آخَر، لكنّه مع ذلك أُنزل باللّغة العربيّة، وهي اللّغة الّتي كانت سائدة في شبه الجزيرة العربيّة، مبعث الرَّسول الخاتم صلّى الله عليه وآله. ولعلّ مردّ ذلك إلى أنَّ الجماعة الأولى الّتي كان يُراد مخاطبتها بالقرآن هم من العرب، وكانت مشيئة الله تعالى أن توجَد ضمن هذه الجماعة القاعدة الّتي ينطلق منها الإسلام، ولولا ذلك لأمكن أن نفترض -والله العالم- نزول القرآن بلغةٍ أخرى. وقد تطرّق القرآن الكريم في مطاوي آياته إلى تعليل هذه الظّاهرة، مبيّناً جملة من الأسباب «الدّاعية» إلى إنزال الكتاب العزيز باللّغة العربيّة، منها: اللّغة العربيّة عاملٌ مؤثِّر في استجابة العرب الأوائل للقرآن: فلو أنّ القرآن الكريم أُنزل بغير اللّغة العربيّة لكان من الممكن أن لا يَستجيب العربُ لهدايته ونوره، بسبب حاجز (الأنا) والتّعصُّب الّذي كانوا يعيشونه في الجاهليّة، كما تشير إلى ذلك بعض الآيات القرآنيّة، كقوله تعالى: "وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ" (الشعراء 198-199).
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: فواتح السور من الموضوعات القرآنية التي تناولها الباحثون هو فواتح السور، ونعني بفواتح السور هذه الحروف المقطعة الموجودة في فاتحة بعض السور القرآنية، وتزداد أهمية هذا الموضوع عندما نلاحظ ما أثير حوله من مشاكل وشبهات قد تؤدي إلى الشبهة في القرآن الكريم نفسه. وسوف يعالج هذا البحث تفسير هذه الظاهرة في القرآن الكريم، ومن خلال ذلك نعرف الجواب الاجمالي على الشبهات التي أثيرت حول هذا الموضوع، ونترك معالجة الشبهات حولها تفصيلا إلى بحث قرآني آخر. وقد جاءت هذه الحروف المقطعة في سور متعددة من القرآن وعلى أشكال مختلفة. وحين نأتي لمعالجة هذه الظاهرة في القرآن الكريم لا نجد العرب قد عرفوا الأسلوب عند افتتاح كلامهم، كما اننا لا نجد لهذه الحروف معنى بإزائها غير مسمياتها من الحروف الهجائية. ولم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وآله شئ صحيح في تفسير هذه الحروف بل يكاد لا يؤثر عنه شئ في ذلك مطلقا إلا النزر القليل ليكون هو القول الفصل فيها، ولعل هذا هو السبب في تعدد آراء العلماء واختلاف وجهات النظر فيما بينهم بصدد تفسير هذه الحروف الامر الذي زاد من غموض هذه الظاهرة. وهناك اتجاهان رئيسان في تفسير هذه الحروف: الاتجاه الأول: هو الذي يرى أن هذه الحروف من الأشياء التي استأثر الله سبحانه بعلمها، ولذا فليس من الممكن لاحد أن يصل إلى معرفة المراد منها، ويؤيد هذا الاتجاه ما روي عن عدد من الصحابة والتابعين من أن الفواتح سر القرآن وأنها سر الله فلا تطلبوه، وذهب إليه كثير من العلماء والمحققين، كما جاء ذلك أيضا في بعض الروايات عن طريق أهل البيت عليهم السلام. والاتجاه الثاني: هو الذي يرى أنه ليس في القرآن الكريم شئ غير مفهوم لنا أو غير معروف لدى العلماء والمحققين، وذلك انطلاقا من حقيقة أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بصفات متعددة لا تتفق مع هذا الخفاء والاستتار، فهو جاء "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" (الشعراء 195)، وهدى للناس وغير ذلك، وحين يكون القرآن بهذه الصفة لا يمكن إلا أن يكون مفهوما للناس وواضحا لهم. وقد نسب هذا الاتجاه إلى المتكلمين من علماء الاسلام. وعلى أساس هذا الاتجاه نجد كثيرا من العلماء يحاولون تفسير هذه الحروف المقطعة، الامر الذي استلزم تعدد مذاهبهم في ذلك، وقد ذكر الشيخ الطوسي مذاهب مختلفة في تفسير هذه الحروف، وعد منها الفخر الرازي واحدا وعشرين تفسيرا، وسوف نقتصر على ذكر المهم منها، إضافة إلى أن بعضها يمكن إرجاعه إلى بعض الاخر.
https://telegram.me/buratha