الدكتور فاضل حسن شريف
هنالك أنواع من المدود أقل أهمية من المدين المتصل والمنفصل ومنها المد العارض للسكون كما جاء في الموسوعة الحرة: القاعدة أنه لا يبدأ بساكن ولا يوقف على متحرك. والمد العارض للسكون تعريفه هو أن يأتي بعد حرف المد أو اللين حرف متحرك في آخر الكلمة ثم يسكن هذا الحرف المتطرف لأجل الوقف، لأن الوقف لا يكون على متحرك كما أشارت القاعدة المتقدم ذكرها فيكون هذا السكون عارضا لأجل الوقف فقط، ولذلك سماه المحقق الإمام الجزري المد للساكن العارض مثال الوقف على كلمة "العالمين" مد طبيعي وصلا وعرض له السكون لأجل الوقف و "شفتين" "النجدين" "الخوف" "القوم" حرف لين لا مد فيه وصلا وعرض السكون للحرف الواقف بعد حرف اللين من أجل الوقف. فهذا النوع يسمى بالمد العارض للسكون أو مد لين عارض للسكون. وحكمه جواز المد والقصر، والمد يكون بمقدار ست حركات أو بمقدار أربع حركات فيكون فيه ثلاثة أوجه هي: القصر بمقدار حركتين أو بمقدار أربع حركات أو بمقدار ست حركات. ولنعلم أن حرفي اللين هما "الواو والياء" الساكنتان المفتوح ما قبلهما، ولقد ذهب بعض العلماء إلى أن حرفي اللين فيهما القصر فقط عند الوقف، ومنعوا فيهما التوسط والإشباع نظرا لضعفهما بانفتاح ما قبلهما، ولكن جرى العمل على عدم التفرقة بين حرفي اللين وحروف المد عند الوقف على المد العارض للسكون، ففيهم الأوجه الثلاثة عند الوقف بالسكون المجرد أما عند الوقف بالإشمام أو بالروم فلا يسوى بين حروف المد وحرفا اللين.
قال الله تعالى في سورة البقرة وفيها تتوضح مواضع المد المتصل الذي قيمته أربع حركات "بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الياء لورود الهمزة بعده) فَأُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 81) في الغالب يكون الحرف المتصل الممدود الألف مثل أولائك المتصل رسما، بينما الواو والياء مثل خطيئته أقل الحصول في المد المتصل، "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 82)، و "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الياء لورود الهمزة بعده) إِسْرَائِيلَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ" (البقرة 83) كلمة اسرائيل ترد في القرآن في آيات عديدة حيث يمد فيها حرف الألف، و "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ" (البقرة 84) ) لاحظ جمع دم دماء التي فيها مد متصل للألف.
وحول تلفظ حروف القرآن الكريم جاء في تفسير روح البيان عن القرآن الكريم: ورد في حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام: (لولا تيسيره لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القرآن، و أنى لهم ذلك و هو كلام من لم يزل و لا يزال). قال الله جل جلاله في سورة البقرة "ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (البقرة 85) كلمة "هؤلاء" فيها حرفا مد، الحرف الأول ألفٌ مديةٌ تقع بعد حرف الهاء، وهو مدٌّ جائزٌ منفصلٌ، يمد عند حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، بمقدار 4 حركات وهو المقدم أداءً أو 5 حركات، والحرف الثاني في كلمة "هؤلاء"، ألفٌ مديةٌ وقعت قبل الحرف الأخير منها، بعد حرف اللام، ونوع المد فيها، يعتبر مداً واجباً متصلاً. يُمد من رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، 4 حركاتٍ وهو المقدم أداءً، أو 5 حركات، والسبب في ذلك، أنَّ حرف المد الأول في كلمة "هؤلاء"، جاء منفصلاً انفصالاً حكمياً، فهناك نوعان في المد المنفصل، الذي ينفصل فيها حرف المد عن الهمزة، وهما كما يأتي: حقيقي: ويكون حرف المد فيها ثابتاً رسماً ولفظاً، كقوله تعالى: "يَدَا أَبِي" (المسد 1). حُكمي: ويكون حرف المد محذوفاً رسماً ثابتاً لفظاً، كقوله تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا" (التوبة 119) وكالمد الأول في قوله تعالى: "هَٰؤُلَاءِ" (الاعراف 38). وأما حرف المد الثاني، الذي يُمد مداً واجباً متصلاً، في كلمة "هؤلاء"، فهو ثابتٌ رسماً ولفظاً، ومتصلٌ مع الهمزة في نفس الكلمة، لذا فهو يمد مداً واجباً متصلاً.
قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة "أُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ" (البقرة 86) أولئك من الكلمات المتصلة رسما في القرآن الكريم والمتكررة فيه والتي فيها مد متصل، ومقدار المد اربع حركات، جاء في موقع موضوع: إنَّ حرف المد في كلمة "أولئك" هو الألف المدية، كمثل قوله تعالى: "أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (البقرة 5) وقد جاء بعدها همزةٌ في نفس الكلمة، فاتصلت الألف المدية بالهمزة في نفس الكلمة، لذا فالمد فيها يندرج ضمن أنواع المد الفرعي، وهو المد المتصل، وحكمه الوجوب، لأن القُرَّاء اتفقوا على مده، واختلفوا في مقداره. ومقدار مد الواجب المتصل في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية له وجهين: الوجه الأول: التوسط بمقدار أربعة حركات وهو المقدم أداءً. الوجه الثاني: فويق التوسط بمقدار خمس حركات. والألف في هذه الكلمة في المصاحف العثمانية تكتب على شكل ألفٍ خنجريةٍ على حسب الرسم القرآني، الذي يختلف بقواعده عن الرسم الإملائي، والألف فيها ثابتةٌ لفظاً ونطقاً لأنها أصلية، ورسمها محذوفٌ روايةً.
وعن المد المتصل في سورة البقرة قال الله جلت قدرته "وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ" (البقرة 89)، و "بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ (~: لزوم المد الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ" (البقرة 90)، و "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (البقرة 91) كلمة أنبياء هي مد واجب متصل في الألف قبل الهمزة.
https://telegram.me/buratha