الدكتور فاضل حسن شريف
وردت مشتقات كلمة هبوط في القرآن الكريم: اهْبِطُوا، يَهْبِطُ، فَاهْبِطْ، اهْبِطْ، اهْبِطَا. جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (هبط) "يهبط من خشية الله" (البقرة 74) أي ينحدر من مكانه وهبطه فهبط لازم ومتعد، و "اهبطوا منها جميعا" (البقرة 38) الهبوط: يقال للانحطاط من علو إلى سفل، و "اهبطوا مصرا" (البقرة 61) أي إنزلوا مصر وانحدروا إليه من التيه فيمكن أن يريد به العلم وصرفه مع اجتماع السببين العلمية والتأنيث لسكون وسطه وإن يريد به البلد فما فيه إلا سبب واحد. "تعرج الملائكة والروح إليه" (المعارج 4) أي إلى عرشه ومهبط أوامره. "ذو مرة فاستوى" (النجم 5) يعني جبرئيل عليه السلام استقام على صورته الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان يأتيه بصورة الآدميين فأحب رسول الله صلى الله عليه وآله أن يراه في صورته التي جبل عليها فاستوى له.
عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: وقوله "فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير" (الشورى 7) في مقام التعليل ودفع الدخل كأنه قيل: لما ذا ينذرهم يوم الجمع؟ فقيل : "فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" (الشورى 7) أي إنهم يتفرقون فريقين: سعيد مثاب وشقي معذب فلينذروا حتى يتحرزوا سبيل الشقاء والهبوط في مهبط الهلكة. قوله تعالى فقد بان من ذلك أن الخطاب بالهبوط في هذه الآية مع ما يرتبط به من سلام وبركات وتمتيع موجه إلى عامة البشر من حين هبوط أصحاب السفينة إلى يوم القيامة ، ووزانه وزان خطاب الهبوط الموجه إلى آدم وزوجته عليهالسلام ، وفي هذا الخطاب إذن في الحياة الأرضية ووعد لمن أطاع الله سبحانه ووعيد لمن عصاه كما أن في ذلك الخطاب ذلك طابق النعل بالنعل. قوله تعالى "قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ" (هود 48) معناه والله أعلم يا نوح انزل مع سلامة من العذاب الطوفان ونعم ذوات بركات وخيرات نازلة منا عليك أو أنزل بتحية وبركات نازلة منا عليك. خطاب عام شامل للبشر من لدن خروجهم منها إلى يوم القيامة نظير ما صدر من الخطاب الإلهي يوم أهبط آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض وقد حكاه الله تعالى في موضع بقوله "وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ" (الاعراف 24) إلى أن قال"قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ" (البقرة 38-39) وفي موضع آخر بقوله "قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ" (الاعراف 25).
جاء في بحار الأنوار للعلامة المجلسي: عن الصدوق بإسناده، عن إبراهيم بن محرز، عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام قال: إن آدم عليه السلام نزل بالهند فبنى الله تعالى له البيت وأمره أن يأتيه فيطوف به أسبوعا، فيأتي منى وعرفات ويقضي مناسكه كما أمر الله، ثم خطا من الهند فكان موضع قدميه حيث خطا عمران، وما بين القدم والقدم صحارى ليس فيها شئ، ثم جاء إلى البيت فطاف به أسبوعا وقضى مناسكه فقضاها كما أمر الله، فقبل الله منه توبته وغفر له، فقال آدم عليه السلام: يا رب ولذريتي من بعدي، فقال: نعم من آمن بي وبرسلي. بيان: المشهور في أخبار أهل البيت عليهم السلام أن نزول آدم عليه السلام كان على الصفا، ونزول حواء على المروة، وهذا الخبر وأمثاله يخالفها، ويمكن حملها على التقية، إذ المشهور بين العامة أن آدم عليه السلام هبط على جبل في سرنديب يقال له: نوذ، وحواء هبطت في جدة، ويمكن الجمع أيضا بأن يكون هبوطهما على الصفا والمروة بعد دخولهما مكة من قبيل "اهْبِطُوا مِصْرًا" (البقرة 61).
روايات اشارت ان آدم عليه السلام عاش ومات في العراق، يعد النبي شيت ابن ادم عليهما السلام اول من اهتم بعمارة الارض ومنها الري والزراعة وتجميع المياه، وهو اخ قابيل وهابيل “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ” (المائدة 27) ولكنه نبي. ولو ان كثير من الانبياء لم يذكرهم القرآن الكريم بالاسم ” وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ” (النساء 164). والصابئة المندائيين “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ” (الحج 17) يقدسون النبي شيت عليه السلام ولهم اهتمام بالمياه في عباداتهم. وكونهم عراقيون فهذا يعتبر احد الادلة بان النبي شيت عليه السلام عاش في العراق، ولهذا عند زيارة الامام علي عليه السلام يقول الزائر (والسلام على ضجيعيك آدم ونوح). كان بين الطوفان ومولد إبراهيم عليه السلام ألف سنة وتسع وتسعون وقيل ألف ومائتا سنة وثلاث وستون وذلك بعد خلق آدم عليه السلام بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وسبع وثلاثين سنة. وجاء عن الكاتب العراقي قاسم عجرش: الميثالوجيا الشعبية العراقية، تقول ان مكان هبوط ابونا آدم كان في حافات الأهوار قرب كرمة علي، هناك كانت بدايات الخليقة وبدايات الأديان أيضا. بعض الروايات اعتبرت ديانة الصابئة تصل الى أولاد آدم عليه السلام. وورد ان اول ما طاف حول البيت العتيق الملائكة وهم المؤسسين للبيت العتيق قبل آدم عليه السلام الذي طاف بعدهم. وهنالك رواية اخرى تقول ان اول من طاف بالبيت العتيق هو آدم عليه السلام لانه هو الباني الاول للبيت العتيق حسب الرواية. روي ان آدم عليه السلام عاش فترة في بيت المقدس الذي هو ضمن ارض فلسطين. ويروى ان اول ما صلى وتعبد في المسجد الاقصى آدم عليه السلام "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" (الانبياء 71). وفي رواية ان ادم عليه السلام اول من رجم الشيطان وقد رماه بمنى فاسرع اي اجمر فسميت الحصاة وموقع الرمي بالجمرة. ان ادم عليه السلام نبي عند اغلب المفسرين، ورسول كذلك عند مفسرين، ورجل صالح عند القلة القليلة منهم. وان ادم عليه السلام هو من الانبياء الرسل ال 25 الذين ذكرهم القرآن الكريم وهو اجماع المذاهب الاسلامية.
https://telegram.me/buratha