الدكتور فاضل حسن شريف
عن الكليني: قال: ولد عليه السّلام في شهر رمضان من سنة خمس و تسعين و مائة و قبض عليه السّلام سنة عشرين و مائتين في آخر ذي القعدة و هو ابن خمس و عشرين سنة و شهرين و ثمانية عشر يوما، و دفن ببغداد في مقابر قريش عند قبر جدّه موسى عليه السّلام و قد كان المعتصم أشخصه إلى بغداد في أوّل هذه السنة الّتي توفّي فيها عليه السّلام و أمّه أمّ ولد، يقال لها: سبيكة نوبيّة و قيل أيضا: إنّ اسمها كان خيزران. و روي أنّها كانت من أهل بيت مارية أمّ إبراهيم بن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله. جاء في دلائل الامامة: أما اسم السيدة أم الإمام الجواد عليه السلام فقد اختلف الرواة فيه اسمها ريحانة. وعن الارشاد: اسمها سبيكة. وعن عمدة الطالب: اسمها أمّ ولد.
جاء في دلائل الامامة: ابن رستم الطبري وهو من أعاظم علماء القرن الرابع الهجري إذ كتب يقول: (ولما بلغ عمره الجواد ست سنين وشهور قتل المأمون أباه، وبقيت الطائفة في حيرة واختلفت الكلمة بين الناس، واستصغر سن أبي جعفر، وتحير الشيعة في سائر الأمصار). ولم يقتصر أمر التشكيك والحيرة في إمامة الإمام الجواد على عوام الشيعة بل امتد إلى علمائهم، فقد ذكر أبن رستم الطبري أيضاً: اختلف الناس في جميع الأمصار، واجتمع الريان بن الصلت وصفوان بن يحيى ومحمد بن حكيم وعبد الرحمن بن الحجاج في بركة زلزل يبكون ويتوجعون من المصيبة. فقال لهم يونس: دعوا البكاء من لهذا الأمر؟ يفتي المسائل إلى أن يكبر هذا الصبي أي الجواد وكان له ست سنين وشهور ثم قال: أنا ومن مثلي. فقام إليه الريان بن الصلت فوضع يده في حلقه ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه ثم قال له: إن كان أمر من الله جل وعلا كابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة أو بعضه وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه، وأقبلت العصابة على يونس تعذله.
جاء في مركز الاشعاع الاسلامي عن ولادة الامام الجواد و نشأته للشيخ باقر شريف القرشي: نشأ الإمام محمد الجواد عليه السلام في بيت النبوة والإمامة ذلك البيت الذي أعزّ الله به المسلمين وقد ترعرع عليه السلام في ظلاله وهو يتلقّى المثُل العليا من أبيه، وقد أفاض عليه أشعة من روحه العظيمة، وقد تولى بذاته تربيته، فكان يصحبه في حلّه وسفره، ويطعمه بنفسه، وقد روى يحيى الصنعاني قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وهو بمكة، وكان يقشّر موزاً، ويطعم أبا جعفر، فقلت له: جعلت فداك، هذا المولود المبارك؟ قال عليه السلام: نعم يا يحيى هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مولود أعظم بركة على شيعتنا منه. إن هذا اللون من التربية المطعّم بالحبّ والتكريم له أثره البالغ في التكوين النفسي وازدهار الشخصية حسبما قرّره علماء التربية والنفس.
جاء في كتاب الإمام الجواد عليه السلام قدوة وأسوة لآية الله السيد محمد تقي المدرسي: لماذا صاهر الإمام الخليفة؟ ونتساءل لماذا أقدم الإمام الجواد عليه السلام على الزواج من بنت المأمون العباسي؟ ولكي نعرف الإجابة عن مثل هذا السؤال لابدّ أن نلقي نظرة على الحركة الرسالية التي كان الأئمة عليهم السلام يقودونها ويوسعونها، في عصر الإمام الرضا ونجله الإمام الجواد عليهما السلام. في عهد المأمون تحوَّلت الحركة الرسالية إلى حركة تستطيع أن تتداخل مع النظام وتستفيد من مظلته أو حتى تكوّن ما يسمى اليوم بحكومة ائتلافية، مع أي دولة من الدول، والأئمة عليه السلام كانوا يقبلون بالحماية من قبل الدولة بدون أن يفقدوا رسالتهم. والأئمة المعصومون عليهم السلام لم يحلوا حركتهم، أي أنهم لم يقبلوا بالخلافة ولم يشتركوا فيها، والدليل على ذلك موقف الإمام الرضا من ولاية العهد حيث قبلها بشرط عدم التدخل في شؤون النظام. أما الإمام الجواد عليه السلام فحينما خطب أبنة المأمون وتزوجها، أصبح صهر الخليفة واستفاد من ذلك لأجل رسالته فماذا يعني أن يصبح شخص صهراً للخليفة؟ إن من يدخل البلاط يمكن أن يصير والياً على منطقة، أو حاكماً على بلد، أو قاضي القضاة لا أقل، ولكن الإمام الجواد لم يفعل شيئا من ذلك، بل أخذ بيد زوجته وذهب إلى المدينة وبقي هناك حتى مات المأمون العباسي.
جاء في مطالب السؤال في مناقب آل الرسول: قال الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة: (أما مناقب أبي جعفر الجواد فما اتّسعت حلبات مجالها، ولا امتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها فقلّ في الدنيا مقامه، وعجّل القدوم عليه كزيارة حمامه فلم تطل بها مدّته ولا امتدّت فيها أيامه).
جاء في بحار الانوار: فقد روى محمد بن الحسن بن عمارة قال: كنت عند عليّ بن جعفر جالساً بالمدينة وكنت أقمت عنده سنتين أكتب ما سمع من أخيه يعني الإمام أبا الحسن موسى إذ دخل أبو جعفر محمد بن عليّ الرضا عليه السلام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء، فقبّل يده وعظّمه، والتفت إليه الإمام الجواد قائلاً: (اجلس يا عمّ رحمك الله). وانحنى عليّ بن جعفر بكل خضوع قائلاً: (يا سيدي، كيف أجلس وأنت قائم؟). وانصرف الإمام الجواد عليه السلام ورجع عليّ بن جعفر إلى أصحابه فأقبلوا عليه يوبخونه على تعظيمه للإمام مع حداثة سنّه قائلين له: أنت عمّ أبيه، وأنت تفعل به هذا الفعل؟). فأجابهم عليّ بن جعفر جواب المؤمن بربّه ودينه، والعارف بمنزلة الإمامة قائلاً: (اسكتوا إذا كان الله وقبض على لحيته لم يؤهل هذه الشيبة يعني الإمامة وأهّل هذا الفتى، ووضعه حيث وضعه، نعوذ بالله ممّا تقولون. بل أنا عبد له).
قال يحيى بن أكثم: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما أحْتُبس الوحي عنّي قط إلاّ ظننته قد نزل على آل الخطاب، فقال الامام الجواد عليه السلام: وهذا محال أيضا لأنه لا يجوز أن يشك النبي في نبوته. قال اللـه تعالى: "اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ" (الحج 75) فكيف يمكن أن تنقل النبوة ممن اصطفاه اللـه إلى من أشرك به.
جاء عن دار السيدة رقية للقرآن الكريم في استفتاءات المراجع للمرجع السيد محمد سعيد الحكيم: السؤال: ما معنى النبي الأمي؟ هل الأمي بمعنى عدم القراءة والكتابة؟ الجواب: ذكروا فيه أكثر من تفسير: فذهب بعضهم إلى أن الأمي هنا بمعنى غير العارف بالقراءة والكتابة ، ويستدل أصحاب هذا القول بظاهر بعض الآيات القرآنية ، كقوله تعالى : "وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" (العنكبوت 48)، وباتخاذه صلى الله عليه وآله الكُتَّاب للوحي والرسائل، بالشهرة المستفيضة بعدم معرفته صلى الله عليه وآله وسلم الكتابة ، حتى كادت تكون من الضروريات. وذهب بعضهم إلى أنها نسبة إلى أم القرى، وهي مكة، ويستدلون على ذلك بخبر مروي عن الإمام الجواد عليه السلام، والله العالم.
https://telegram.me/buratha