الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية في كتاب نظرات معاصرة في القرآن الكريم للدكتور محمد حسين الصغير (ح 18)


الدكتور فاضل حسن شريف

ويصف الدكتور محمد حسين علي الصغير رحمه الله في كتابه الموسوم نظرات معاصرة في القرآن الكريم حياة أهل الجنة والنار قائلا: ويصف القرآن حياة أهل الجنة في مئات من الآيات البيّنات، ويصف أيضاً حياة أهل النار في مئاتٍ من الآياتِ البينات ، وفي سورة الواقعة عرضٌ تفصيل للملذّات الحسية والنعيم المادي السرمدي لاصحاب اليمين وهم أهل الجنة"وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكارًا (36) عُرُبًا أَتْرابًا (37) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)" (الواقعة 27-40). وفيها دليل على تواجد اللذائذ بمختلف أصنافها المعددة هناك وهو ردّ على من قال بأن النعيم روحي فقط ، أو قال بأن البعث روحاني لا جسماني روحاني ، فالنعيم كالبعث روحي مادي بأبرز صوره ، والحياة الروحية هناك تتجلى أيضاً بقوله تعالى "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)" (الفجر 27-30).

وعن أهل النار يقول الدكتور القصير: فهذه النفس قد إطمأنت لله تعالى فوصفت بأنها راضية، وإذا رضي العبد عن ربه عمل له عملاً صالحاً مستقلاً لا شائبة معه ، ولا رياء فيه ، وإذا كان كذلك رضي الله عنه، وما بعد رضى الله تعالى من درجة ، وحينئذٍ يصدر الأمر الالهي لتلك النفس بالدخول في عباده ، وهي منزلة عليا إذ إستعمال لفظ العبد في القرآن يوحي بأنهم الطبقة العليا الحائزة على مقام العبودية الخالصة، وعادة ما يستعمل هذا اللفظ صفة وإسماً لمن بلغوا أقصى مراتب الزلفىٰ عند الله، فلا أمر ولا نهي عندهم إلا أمر الله ونهي، فالدخول في هذه الصفوة مقدم على الدخول في الجنة، فهو مقام روحي كبير فيه من الشرف والرفعة والعزة ما لا يدانيه أي ملحظ آخر في السمو والارتقاء والمنزلة، إذ الحشر مع محمد وآل محمد والأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين، وهم العباد المنتقون حقاً فيه من القرب لله عز وجل ما فيه من المعاني الروحية البهيجة، وإذا تم هذا فقد تعيّن الدخول إلى الجنة، وهذه الجنة مضافة إليه سبحانه وتعالى تشريفاً لها وتعظيماً لشأنها، إذ لم تضف الجنة لله في القرآن إلا في هذا الموضع. وكما تضمنت سورة الواقعة تفصيل حياة أهل الجنة، فقد تضمنت حديث أهل النار، وهم أصحاب الشمال في لوحة قاتمة فظيعة في مناخها، وسمومها، وظلها، وأكلها، وشربها، وصفتهم وخصائصهم بالترف، والاصرار على كبائر الذنوب، والتكذيب بيوم الدين والحشر والنشر كما قال الله تعالى "وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكانُوا يَقولونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)" (الواقعة 41-56).

ويختتم الدكتور محمد حسين الصغير رحمه الله كتابه بقوله: أعاذنا الله وإياكم من هذا العذاب الأليم، ووقانا شر ذلك اليوم، ورزقنا خيره وسروره وحبوره، بقي علينا أن نتذكر قول الامام العظيم علي بن أبي طالب عليه‌السلام: (إِعمَلُوا لِلجَنَّةِ عَمَلَها فإنّ اللهَ لا يُخْدعُ عن جَنَتِهِ). كتبنا الله وإياكم في أهل الجنة إنه سميع الدعاء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك