الدكتور فاضل حسن شريف
النون الساكنة هي حرف الهجاء المثبت في بناء الكلمة ولا حركة لها وتكون في الاسم أو الفعل أو الحرف، وتكون وسطا وطرفا. وتثبت خطا ولفظا ووصلا ووقفا. اما التنوين هو نون ساكنة زائدة تلحق آخر الأسماء لفظا لا خطا، ووصلا لا وقفا. و أحكامها أربعة: الإظهار، الإدغام، الإقلاب، و الإخفاء. قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة "فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في اليم وتصبح اليمم) بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" (البقرة 10)، و "صُمٌّ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في صم وتصبح صمم لوجود باء بعدها) بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" (البقرة 18)، و "الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتصبح مم بعد لوجود حرف باء بعدها) بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (البقرة 27)، و "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في انبئوني وتقرأ امبئوني بعد لوجود حرف باء بعدها) بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة 31).
وعن التلاوة جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِ" (الجاثية 6) هل أنّ كلمة "تلك" إشارة إلى آيات القرآن، أم إلى آيات اللّه و العلامات الدالة عليه في الآفاق و الأنفس، و التي مرّت الإشارة إليها في الآيات السابقة؟ كلّ محتمل، إلّا أنّ الظاهر هو أنّ المراد الآيات القرآنية بقرينة التعبير بالتلاوة، غاية ما في الأمر أنّ هذه الآيات القرآنية آيات اللّه سبحانه في كلّ عالم الوجود، و على هذا فيمكن الجمع بين التّفسيرين. و على أية حال، فإنّ (التلاوة) من مادة (تلو) أي الإتيان بالكلام بعد الكلام متعاقبا، و بناء على هذا فإنّ تلاوة آيات القرآن تعني قراءتها بصورة متوالية متعاقبة. و التعبير بالحق إشارة إلى محتوى هذه الآيات، و هو أيضا إشارة إلى كون نبوّة النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و الوحي الإلهي حقّا. و بعبارة أخرى، فإنّ هذه الآيات بليغة معبرة تضمنت في طياتها الاستدلال على حقانيتها و حقانية من جاءها. و حقّا إذا لم يؤمن هؤلاء بهذه الآيات فبأي شيء سوف يؤمنون؟ و لذلك تعقب الآية: "فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ" (الجاثية 6). و على قول الطبرسي في مجمع البيان، فإنّ الحديث إشارة إلى قصص الأقوام الماضين، و أحداثهم التي تبعث على الإعتبار بهم، في حين أنّ الآيات تقال للدلائل التي تميز الحق من الباطل و الصحيح من السقيم، و آيات القرآن المجيد تتحدث عن الإثنين معا. قال الله تعالى في اقلاب النون الى ميم من سورة البقرة "قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في انبئهم وتقرأ امبئهم لوجود حرف باء بعدها) بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في انبأهم وتقرأ امبأهم لوجود حرف باء بعدها) بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" (البقرة 33)، و "وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتقرأ مم بعده لوجود حرف باء بعدها) وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ" (البقرة 51).
الإقلاب لغة: تحويل الشيء عن وجهه. اصطلاحا: جعل حرف مكان آخر. وله حرف واحد وهو (ب) فقط. تعرف النون الساكنة المقلبة بوجود حرف (م) رقعة أعلى حرف النون، قلب حرف الباء في كلمة أو كلمتين مثل: ِمن بعد تعرف نون التنوين المقلبة بوجود حرف (م) رقعة مصاحبا إحدى الحركات الضمة أو الفتحة أو الكسرة على الحرف الأخير مثل: سميع بصير. قال الله تعالى في سورة البقرة "ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتقرأ مم بعد لوجود حرف باء بعدها) ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة 52)، و "ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتقرأ مم بعد لوجود حرف باء بعدها) بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة 56)، و "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في تنبت وتقرأ تمبت لوجود حرف باء بعدها) الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" (البقرة 61).
وردت مشتقات التلاوة في القرآن الكريم: تَتْلُونَ، تَتْلُو، يَتْلُونَ، يَتْلُونَهُ، تِلَاوَتِهِ، يَتْلُو، نَتْلُوهَا، نَتْلُوهُ، فَاتْلُوهَا، تُتْلَى، يُتْلَى، وَاتْلُ، أَتْلُ، تُلِيَتْ، تَلَوْتُهُ، وَيَتْلُوهُ، لِتَتْلُوَ، سَأَتْلُو، أَتْلُوَ، نَتْلُوا اتْلُ، فَالتَّالِيَاتِ. عند تلاوة القرآن الكريم تقلب النون الى ميم كما قال الله تعالى في سورة البقرة "ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتقرأ مم بعد لوجود حرف باء بعدها) بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (البقرة 64)، و "قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في عوان وتقرأ عوانم لوجود حرف باء بعدها) بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ" (البقرة 68)، و "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتقرأ مم بعد لوجود حرف باء بعدها) بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (البقرة 74).
https://telegram.me/buratha