الدكتور فاضل حسن شريف
الوسيلة او التوسل موضوع سفكت من أجله الدماء فان مذاهب اسلامية تفسره من القرآن الكريم والسنة بان احد مصاديقه وسيلة او التوسل بالانبياء والاولياء والصالحين لانهم الاقرب الى الله تعالى من عباده الآخرين والشفعاء يوم القيامة، ولكن هنالك بعض الفرق الاسلامية تكفر من يفعل ذلك باعتقادهم انه شرك، ودليلهم لا ينهض امام القرآن والسنة. الوسيلة لها أهمية في الشريعة توصل الانسان للتقوى، والذي لا يعترف بها كأنما يحارب الله ورسوله ويسعى في الارض فسادا. عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال: (في الجنة لؤلؤتان إلى بطن العرش إحدهما بيضاء والاخرى صفراء في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة أبوابها وأكوابها من عرق واحد فالبيضاء الوسيلة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام والصفراء لابراهيم عليه السلام وأهل بيته). قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (الائمة من ولد الحسين، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة الى الله تعالى). كما قال الله تعالى "فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا" (البقرة 256). قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ" (المائدة 35): (أنا وسيلته).
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" (البقرة 275)، تفريع على قوله: "وأحل الله البيع" (البقرة 275) الخ، والكلام غير مقيد بالربا، فهو حكم كلي وضع في مورد جزئي للدلالة على كونه مصداقا من مصاديقه يلحقه حكمه، والمعنى: ان ما ذكرناه لكم في امر الربا موعظة جائتكم من ربكم ومن جائه موعظة الخ فان انتهيتم فلكم ما سلف وأمركم إلى الله. ومن هنا يظهر : ان المراد من مجئ الموعظة بلوغ الحكم الذي شرعه الله تعالى، ومن الانتهاء التوبة وترك الفعل المنهي عنه انتهائا عن نهيه تعالى : ومن كون ما سلف لهم عدم انعطاف الحكم وشموله لما قبل زمان بلوغه، ومن قوله: فله ما سلف وأمره إلى الله، انه لا يتحتم عليهم العذاب الخالد الذي يدل عليه قوله: ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون، فهم منتفعون فيما اسلفوا بالتخلص من هذه المهلكة، ويبقى عليهم: ان امرهم إلى الله فربما اطلقهم في بعض الاحكام، وربما وضع عليهم ما يتدارك به ما فوتوه. واعلم : ان أمر الآية عجيب، فان قوله: فمن جائه موعظة إلى آخر الآية مع ما يشتمل عليه من التسهيل والتشديد حكم غير خاص بالربا، بل عام يشمل جميع الكبائر الموبقة، والقوم قد قصروا في البحث عن معناها حيث اقتصروا بالبحث عن مورد الربا خاصة من حيث العفو عما سلف منه، ورجوع الامر إلى الله فيمن انتهى، وخلود العذاب لمن عاد إليه بعد مجئ الموعظة، هذا كله مع ما تراه من العموم في الآية. إذا علمت هذا ظهر لك : ان قوله : فله ما سلف وأمره إلى الله لا يفيد الا معنى مبهما يتعين بتعين المعصية التي جاء فيها الموعظة ويختلف باختلافها ، فالمعنى: ان من انتهى عن موعظة جائته فالذي تقدم منه من المعصية سواء كان في حقوق الله أو في حقوق الناس فإنه لا يؤاخذ بعينها لكنه لا يوجب تخلصه من تبعاته ايضا كما تخلص من أصله من حيث صدوره ، بل أمره فيه إلى الله، ان شاء وضع فيها تبعة كقضاء الصلوة الفائتة والصوم المنقوض وموارد الحدود والتعزيرات ورد المال المحفوظ المأخوذ غصبا أو ربا وغير ذلك مع العفو عن أصل الجرائم بالتوبة والانتهاء، وان شاء عفى عن الذنب ولم يضع عليه تبعة بعد التوبة كالمشرك إذا تاب عن شركه ومن عصى بنحو شرب الخمر واللهو فيما بينه وبين الله ونحو ذلك، فإن قوله: فمن جائه موعظة من ربه وانتهى، مطلق يشمل الكافرين والمؤمنين في اول التشريع وغيرهم من التابعين وأهل الاعصار اللاحقة.
جاء في كتاب التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده للسيد محمد تقي المدرسي: كما ان كلمة البخس أبلغ من أكل المال، لانه حتى إذا شك في أن يكون الموضوع من مصاديق قوله سبحانه: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 188) فان آية قرآنية اخرى تصدق على الموضوع وهي قوله سبحانه: "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ" (الاعراف 85)، لأن البخس قد يكون في جزء من المال او في جزء من الحق. من هذه القاعدة الفقهية العامة نستفيد انه يحرم الاضرار بالناس، فلا يجوز ان نسن قوانين في البلد تضر بحق احد المواطنين أنى كان. فلو كان مثلًا من مصلحة البلد فتح طريق، فلا يجوز ان يتم ذلك ببخس اصحاب البيوت. واذا كان من مصلحة البلد منع زراعة معينة، او فتح ابواب الاستيراد لبضاعة معينة، وكان في ذلك اضرار وبخس حق لصاحب ارض او صاحب مصنع، فعلينا ان نعوّضه. وهكذا يجب اعادة النظر في كثير من الأنظمة المرعية في بلادنا، والتي تضر بمصالح خاصة، وعلينا ان نصلحها بتعويضات أو ارضاءات بطريقة أو بأخرى.
جاء في كتاب أضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: قد يرد على بعض الألسن من أن الحسين عليه السلام القى نفسه في التهلكة، والقاء النفس في التهلكة حرام بنص القرآن في سورة البقرة 195 "وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (البقرة 195). أنه من الممكن أن لا يراد من التهلكة المنهي عنها في الآية الكريمة. التهلكة الدنيوية بمعنى تحمل الموت أو المصاعب العظيمة، كما يريد الناس ان يفهموا منها. بل يراد منها الهلاك المعنوي وهو الكفر والقاء النفس في الباطل و العصيان والانحراف. لا يحتمل فقهاً وشرعاً في الدين الأسلامي، أن تكون كل تهلكة محرمة. بل الآية الكريمة أو وجد لها اطلاق وشمول، فهي مخصصة بكثير من الموارد . مما يجب فيه القاء النفس في المصاعب الشديدة أو القتل أو يستحب كالجهاد بقسميه الهجومي والدفاعي ومثل كلمة الحق عند سلطان جائر. ومثل تسليم المجرم نفسه إلى القضاء الشرعي ليقام عليه الحد الذي قد يؤدي به إلى الموت كالرجم والجلد والقطع وغيرها. وكلها جزماً من مصاديق التهلكة بالمعنى العام، ولكنها واجبة حيناً ومستحبة أحياناً. إذن، فليس كل تهلكة محرمة، فكما أصبحت الأمور المذكورة جائزة. مستثناه من عموم الآية الكريمة، فلتكن ثورة الحسين عليه السلام كذلك.
جاء في موقع المكتبة الشيعية عن هوية التشيع للشيخ الدكتور احمد الوائلي: الإمام حجة الله في تبليغ الشرع للعباد وهو لا يقرب العباد من الطاعة ويبعدهم عن المعصية من حيث كونه إنسانا، ولا من حيث سلطته فإن بعض الرؤساء الذين ادعو الإمامة كانوا فجرة لا يصح الاقتداء بهم فإذا أمروا بطاعة الله كانوا مصداق قوله تعالى: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" (البقرة 44). وفي مثل هذه الحالات لا يثق المكلف بقولهم وله عذره، فثبت أن تقريب الناس من طاعة الله لا من حيث كون الإمام إماما، وإنما من حيث كونه معصوما حيث لا يكون للناس عذر عصيانه.
https://telegram.me/buratha