الدكتور فاضل حسن شريف
سبب ان بعض الناس ليس لديهم رغبة العبادة هو مرض الروح حيث القلب يغلف بغشاوة "فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" (الزمر 22) كما ان مريض الجسد لا يشتهي الاكل فان مريض الروح لا يشتهي الصلاة "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ" (البقرة 74). و قساوة القلب احدى عقوبات الله تعالى "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا" (طه 124) وكما قال الامام الباقر عليه السلام: ما ضرب عبد بعقوبة اشد من قساوة القلب، وكما اشار الامام الحجة على طول الامد وقسوة القلب. والفرق بين مرض الجسد ان الانسان يشعر به حال المرض بينما قساوة القلب بينما قساوة القلب على الاخرين تنبيه قاسي القلب حتى يشعر انه على خطأ. وقساوة القلب أو الروح معالجته اصعب من معالجة الجسد. فالقلب السليم يخشع في صلاته "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ" (المؤمنون 1-2) ويحافظ على الصلاة في وقتها "وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" (المؤمنون 9).
في تفسير العياشي، عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام: عن قوله "يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ" (الاسراء 85) قال: إن الله تبارك وتعالى أحد صمد، والصمد الشيء الذي ليس له جوف فإنما الروح خلق من خلقه، له بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين. وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ" (الشعراء 192-193) لو كان القرآن لم ينزله ملك الوحي (الروح الأمين من قبل اللّه) لم يكن بهذا الإشراق و الصفاء و الخلو من الخرافات و الأساطير و الأباطيل. و ممّا يلفت النظر أن ملك الوحي وصف بوصفين في الآية: الأوّل أنّه الروح، و الوصف الثّاني أنّه الأمين. فالروح هي أساس الحياة، و الأمانة، هي شرط أصيل في الهداية و القيادة. أجل، إن هذا الروح الأمين نزل بالقرآن "عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ" (الشعراء 194) واضح هنا أن المراد من القلب هو روح النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لا القلب الذي يعدّ مضخّة للدم، و انتخاب هذا التعبير إشارة إلى أنّك يا رسول اللّه استوعبت القرآن بروحك و قلبك، و هذه المعجزة السماوية مقرّها قلبك. فالهدف هو أن تنذر الناس، و أن تحذرهم من مغبة الانحراف عن التوحيد، ليحذروا من سوء العاقب. إن الهدف من بيان تأريخ السالفين لم يكن مجرّد شرفا فكريا و لملء الفراغ، بل إيجاد الإحساس بالمسؤولية و اليقظة، و الهدف هو التربية و بناء شخصية الإنسان.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً" (الاسراء 85) الروح على ما يعرف في اللغة هو مبدأ الحياة الذي به يقوى الحيوان على الإحساس والحركة الإرادية ولفظه يذكر ويؤنث، وربما يتجوز فيطلق على الأمور التي يظهر بها آثار حسنة مطلوبة كما يعد العلم حياة للنفوس قال تعالى "أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ " (الانعام 122) أي بالهداية إلى الإيمان وعلى هذا المعنى حمل جماعة مثل قوله "يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ" (النحل 2) أي بالوحي وقوله "وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" (الشورى 52) أي القرآن الذي هو وحي فذكروا أنه تعالى سمى الوحي أو القرآن روحا لأن به حياة النفوس الميتة كما أن الروح المعروف به حياة الأجساد الميتة. وكيف كان فقد تكرر في كلامه تعالى ذكر الروح في آيات كثيرة مكية ومدنية ، ولم يرد في جميعها المعنى الذي نجده في الحيوان وهو مبدأ الحياة الذي يتفرع عليه الإحساس والحركة الإرادية كما في قوله "يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا" (النبأ 38)، وقوله "تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر" (القدر 4) ولا ريب أن المراد به في الآية غير الروح الحيواني وغير الملائكة وقد تقدم الحديث عن علي عليه السلام أنه احتج بقوله تعالى "يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ" (النحل 2) على أن الروح غير الملائكة، وقد وصفه تارة بالقدس وتارة بالأمانة كما سيأتي لطهارته عن الخيانة وسائر القذارات المعنوية والعيوب والعاهات التي لا تخلو عنها الأرواح الإنسية. وهو وإن كان غير الملائكة غير أنه يصاحبهم في الوحي والتبليغ كما يظهر من قوله "يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ " (النحل 2) فقد قال تعالى "مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ" (البقرة 97) فنسب تنزيل القرآن على قلبه صلى الله عليه وآله إلى جبريل ثم قال "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" (الشعراء 195) وقال "قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ" (النحل 102) فوضع الروح وهو غير الملائكة بوجه مكان جبريل وهو من الملائكة فجبريل ينزل بالروح والروح يحمل هذا القرآن المقرو المتلو. وبذلك تنحل العقدة في قوله تعالى "وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" (الشورى 52) ويظهر أن المراد من وحي الروح في الآية هو إنزال روح القدس إليه صلى الله عليه وآله وإنزاله إليه هو الوحي القرآن إليه لكونه يحمله على ما تبين فلا موجب لما ذكره بعضهم على ما نقلناه آنفا أن المراد بالروح في الآية هو القرآن.
عن المراحل الستة التي يمر بها الإنسان قبل أخذ روحه من جسده عند الموت من منظور القرآن الكريم للدكتور مسعود ناجي ادريس: المرحلة التي يدخل فيها عزرائيل عليه السلام، وفي هذه المرحلة يفهم الإنسان تمامًا ما إذا كان من أهل الرحمة أو من أهل العذاب. عند هذه المرحلة، يرى نتيجة أعماله. ويطلع على مصيره. وقد وصف نبي الرحمة هذه المرحلة بالتفصيل. خاصة لأولئك الذين ارتكبوا العديد من الذنوب و المعاصي ولم يتوبوا والتقوا بالله بحمل من المعاصي والذنوب. يقول الله تعالى: "وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا" (النازعات 1). هناك قول للنبي بأن مجموعة من الملائكة في الجحيم، هيؤا كفناً من النار ويقبضون روح الأنسان العاصي بشكل مؤلم. نزع الروح بغلظه. فيما يتعلق بصعوبة هذه المرحلة جاء في القرآن الكريم: "فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ" (محمد 27).
https://telegram.me/buratha