الدكتور فاضل حسن شريف
يستمر الدكتور محمد حسين علي الصغير رحمه الله في كتابه كتاب نظرات معاصرة في القرآن الكريم متحدثا عن البعد العالمي للقرآن وآثار ظلم الناس في هذا العالم: 3 ـ بعد ما سيره القرآن من النعم وإستثمار الأرض، وما أظهره له من التوسع وبحبوحة النعيم حذرهم الله ظلمهم في الحياة الدنيا، وأنذرهم العذاب في الحياة الأخرى، ووجه العناية بهذا الملحظ ليكف الناس عن الباطل ، وليتوجه الجمع نحو الحق. قال تعالى "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ" (النحل 61). وقال تعالى "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً" (الفرقان 27). وقال تعالى "وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً" (الانبياء 11). وقال تعالى "وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ" (هود 102) وقال تعالى "وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ" (الانعام 93). وقال تعالى "وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ" (ابراهيم 42). وقال تعالى "وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" (القصص 59). وقال تعالى "وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ" (البقرة 270). وقال تعالى "وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (ال عمران 86). وقال تعالى "فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" (الاعراف 44). وقال تعالى "فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ" (يونس 39). وهذا التقريع على الظلم، والوصف له، والتحدث عن مآله لا يخص مجتمعاً دون آخر، ولا يختص بأمة دون أمة، فهو موجه للناس كل الناس للابتعاد عن معالمه ومهالكه.
وعن الظواهر الكونية في البعد العالمي للقرآن يقول الدكتور الصغير: 4 ـ ويتحدث القرآن عن الظواهر الكونية، والآيات السماوية ويجعل من ذلك مناراً لأولى النهىٰ، وحديثاً للتدبر والتفكر والتبصر والاعتبار لذوي الألباب والعقول :قال تعالى "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (ال عمران 191). وقال تعالى "اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى" (الرعد 2). وقال تعالى "وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الرعد 3). وقال تعالى "هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ (13)" (الرعد 12-13). وقال تعالى "قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ" (يونس 101). وقال تعالى "وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)" (يس 37-40). قال تعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ" (البقرة 189). إن هذه الإرهاصات في عالم السموات والأرض والعرش والشمس والقمر ومدّ الأرض وخلق الرواسي واصطفاق الأنها وزوجية الكائنات والثمرات وحياة الشمس والقمر والأهلة، كل أولئك ما سخره الله للناس بعامة، وللمؤمنين بخاصة بقصد الاعتبار والاستبصار.
وعن قتل النفس في هذا العالم يقول الاستاذ محمد حسين الصغير رحمه الله: 5 ـ وأخيراً أمر القرآن الناس بدرء الفساد والمكر في الأرض، ونعى جريمة القتل، فاعتبر قتل النفس قتلاً للناس، وعدّ إحياء الفرد الانساني إحياء للناس أيضاً، وبذلك تتكامل الصورة العالمية للقرآن في أرسخ حدودها الأفقية: قال تعالى "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة 32). وقد يكون هذا القتل وذلك الإحياء مادياً أو معنوياً، وكلاهما واردان في مقام التفصيل، والتعليل ليس هذا موقعه.
وعن عالمية الحج يقول الدكتور الصغير: 6 ـ ولك أن تعجب كل العجب لترى القرآن يجعل أهم شعيرة من شعائره وهو الحج، والبيت الحرام وهو أول بيت وضع للناس، والأذان إلى الحج كل أولئك للناس كافة لا للمسلمين وحدهم قال تعالى "وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً" (ال عمران 97). والحج كما يجب على المسلمين ، فإنه واجب على الكافرين ، إلا أن الكافر يجب عليه الحج ولا يصح منه لا شتراط الايمان في الأداء ، وقال تعالى "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا" (البقرة 125). وقال تعالى "وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ" (التوبة 3).
https://telegram.me/buratha