الصفحة الإسلامية

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن القرآن الكريم من سورة الفرقان (ح 67)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: يمكن أن نلاحظه في تكرار قصة موسى والفرق بين روحها العامة في القصص المكي وروحها في القصص المدني، فإنها تؤكد في القصص المكي منها العلاقة العامة بين موسى من جانب وفرعون وملئه من جانب آخر، دون أن تذكر أوضاع بني إسرائيل تجاه موسى نفسه، إلا في موردين يذكر فيهما انحراف بني إسرائيل عن العقيدة الإلهية بشكل عام، وهذا بخلاف الروح العامة لقصة موسى في السور المدنية فإنها تتحدث عن علاقة موسى مع بني إسرائيل ، وتتحدث عن هذه العلاقة وارتباطها بالمشاكل الاجتماعية والسياسية. وهذا قد يدلنا على أن هذا التكرار للقصة في السور المكية انما كان يعني نزول القصة لمعالجة روحية تتعلق بحوادث مختلفة كانت تواجه النبي والمسلمين، ومن أهداف هذه المعالجة توسعة نطاق المفهوم العام الذي تعطيه قصة موسى في العلاقة بين النبي والجبارين من قومه أو القوانين التي تحكم هذه العلاقة، وان هذه العلاقة مع نهايتها لا تختلف فيها حادثة عن حادثة أو موقف عن موقف. ولعل إلى هذا التفسير تشير الآيات الكريمة التي جاءت في سورة الفرقان: "وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة، كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا * ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا * الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا * ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا" (الفرقان 32-35). فان من الملاحظ في هذه الآيات أن القرآن يذكر ان السبب في التدرج والترتيل في القرآن الكريم هو التثبيت للنبي من ناحية، والاتيان بالحق والتفسير الأفضل للوقائع والاحداث والامثال من ناحية أخرى، ثم يأتي بهذا التفسير الأحسن من قصة موسى عليه السلام.

جاء في كتاب تفسير سورة الحمد للسيد محمد باقر الحكيم قدس سره: التفسير لغة: البيان والكشف، فتفسير الكلام هو الكشف عن مدلوله وبيان معناه، وقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم بهذا المعنى أيضا، في قوله تعالى: "وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا" (الفرقان 33). وبناء على هذا التعريف، فهل يختص التفسير بحالة ما إذا لم يكن للفظ ظهور فيكون إظهاره تفسيرا؟ أم أن التفسير عام وشامل لحالة بيان المعنى الظاهر؟ هناك اتجاهات مختلفة في الإجابة عن هذا التساؤل، نذكر منها اتجاهين: الأول: الاتجاه الذي يمثل الرأي السائد لدى علماء أصول الفقه والذي يرى أن التفسير لا يكون إلا في: أ - إظهار أحد محتملات اللفظ مع تساويها، وإثبات أنه هو المعنى المراد. ب - إظهار المعنى الخفي غير المتبادر، وإثبات أنه هو المعنى المراد بدلا من الظاهر المتبادر. وأما ذكر المعنى الظاهر المتبادر من اللفظ فلا يكون تفسيرا.

جاء في موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن آثار الإمام محمد باقر الحكيم في الاقتصاد الاسلامي للباحثين محمد حسين الشويطي وعلي خوير مطرود: أثر الفرد في التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية. يؤمن السيد الحكيم إيماناً مطلقا بان الإنسان هو سبب المشكلة الاقتصادية التي ترتب عليها التمايز الطبقي والاجتماعي، فللإنسان يد مباشرة بطريقة أو أخرى في إحداث أو الإبقاء على الخلل في التوازن الذي يعاني منه النظام الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء من خلال محاولاته السيطرة على كل شيء لنفسه دون إنفاق شيء منه، لاسيما وان الإنفاق هنا يسهم في إعادة السيولة النقدية التي تؤثر تأثيراً مباشراً في إدارة المجتمع، ولعل قوة التأثير تلك هي الأساس في تحريم كنز الذهب والفضة التي كانت العملة الأساسية المتداولة وقت نزول القران. قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" (الفرقان 67) أي الإنفاق المتوازن الذي عبر عنه القرآن الكريم بالقوام. ويرى السيد الحكيم أن الإنفاق على نوعين، هما الواجب والمستحب، ويشمل الأول فريضة الزكاة التي فرضت على أموال معينة ومشخصة، وفريضة الخمس التي وضعت على كل غنيمة وفي دفع الأموال للجهاد إذا كان المسلم متمكناً. والنوع الثاني هو الإنفاق المستحب، ومنه الزكاة المستحبة وهي كل عطاء يقدمه الإنسان بشكل استحبابي ومندوب، وقد ذكر القران الكريم في بعض موارده صوراً أخرى من الإنفاق المستحب كقول الكلمة الطيبة والحسنة.

عن كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: إن الرسالة الاسلامية كانت تواجه الشبهات والاتهامات والمواقف السياسية والأطروحات الثقافية والاثارات والأسئلة المختلفة من قبل المشركين، وكان النبي صلى الله عليه وآله بحاجة إلى أن يواجه كل ذلك بالموقف والتفسير المناسبين، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بشكل تدريجي، لان طبيعة هذه المواقف والنشاطات المعادية هي طبيعة تدريجية وتحتاج إلى معالجة ميدانية مستمرة، وهذا لعله المراد من سياق قوله تعالى: "وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا" (الفرقان 33).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك