الصفحة الإسلامية

المرجع السيد أبو القاسم الخوئي و شهر رمضان والصيام (ح 4)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في موسوعة الإمام الخوئي للسيد أبو القاسم الخوئي: أنّ الأعميّ كالصحيحي في عدم إمكان التمسك بالإطلاق عند الشك في اعتبار جزء أو قيد، وذلك لأنّ أدلة العبادات جميعاً من الكتاب والسنّة مجملة ولم يرد شي‌ء منها في مقام البيان، فإذا كان المتكلم فيها في مقام الإهمال أو الإجمال، فلا يجوز التمسك باطلاقها، غاية الأمر أنّ عدم جواز التمسك على هذا القول من جهة واحدة وهي عدم ورود مطلقات العبادات في مقام البيان، بل إنّها جميعاً في مقام التشريع والجعل بلا نظر لها إلى خصوصيتها من الكمّية والكيفية. وعلى القول بالصحيح من ناحيتين: وهما عدم ورود المطلقات في مقام البيان وعدم تعلق الحكم بالجامع والمقسم، فالنتيجة عدم صحّة التمسك بالإطلاق على كلا القولين. والجواب عنه: مضافاً إلى أ نّه رجم بالغيب، أنّ الأمر ليس كما ذكره القائل، فانّ من الآيات الكريمة ما ورد في الكتاب وهو في مقام البيان، كقوله تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ" (البقرة 183) فالمفهوم من كلمة الصيام عرفاً كف النفس عن الأكل والشرب، وهو معناه اللغوي، فالصيام بهذا المعنى كان ثابتاً في سائر الشرائع والأديان بقرينة قوله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى‌َ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ" (البقرة 187) حيث لم يعتبر فيه سوى الكف عن الأكل والشرب عند تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود. نعم، إنّ ذلك يختلف كيفيةً باختلاف الشرائع، ولكن كل ذلك الاختلاف يرجع‌ إلى الخارج عن ماهية الصيام، بل قد يعتبر فيه كما في شرع الاسلام الكف عن عدّة اُمور اُخر أيضاً كالجماع والارتماس في الماء والكذب على اللَّه تعالى وعلى رسوله صلّى اللَّه عليه وآله وعلى الأئمة الأطهار عليهم السلام وإن لم يكن الكف عنها معتبراً في بقية الشرائع والأديان. وعلى ذلك فلو شككنا في اعتبار شي‌ء في هذه الماهية قيداً، وعدم اعتباره كذلك، فلا مانع من أن نرجع إلى إطلاق قوله تعالى "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ" (البقرة 183) وبه يثبت عدم اعتباره، فحال الآية المباركة حال قوله تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ ا لْبَيْعَ" (البقرة 275)، فكما أ نّه لا مانع من التمسك باطلاقهما في باب المعاملات عند الشك في اعتبار شي‌ء فيها، فكذلك لا مانع من التمسك باطلاق هذه الآية المباركة في باب الصوم عند الشك في دخل شي‌ء في صحّته شرعاً.

عن كتاب الصوم للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم أو كان حرجا ومشقة فيجوز لهما الافطار، لا اشكال كما لا خلاف في سقوط الصوم عمن كان حرجا ومشقة عليه وكلفة لا تتحمل عادة وإن كان قادرا عليه كالشيخ والشيخة. ويدل عليه بعد عموم دليل نفي الحرج الكتاب العزيز المعتضد بالروايات الخاصة الواردة في المقام الناطقة بأن وظيفته الفداء. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 183-183) تضمنت الآية المباركة تقسيم المكلفين إلى أقسام ثلاثة. فمنهم من يتعين عليهم الصيام اداء وهم الأفراد العاديون من الحاضرين الأصحاء. حيث أن التعبير ب‌ "كُتِبَ" وكذا التعبير ب‌ "فَلْيَصُمْهُ" (البقرة 185) في ذيل الآية اللاحقة ظاهر في الوجوب التعييني. ومنهم من يتعين عليه القضاء: وهو المريض والمسافر. "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 184).

جاء في كتاب الصلاة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: بقي الكلام في شئ وهو أن الآية المباركة أعني قوله تعالى: كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (البقرة 187) دلت على أخذ التبين في موضوع الحكم بوجوب الكف والامساك، وظاهر ذلك أن للتبين موضوعية في تحقق الفجر فما دام لم يتبين ولم ير البياض المنبسط في الافق في ناحية المشرق لم يحكم بحرمة الاكل والشرب في نهار شهر رمضان ولا بجواز الاتيان بصلاة الفجر، فلا أثر لمجرد تحقق البياض في الافق بل الاثر مترتب على تبينه. وبعبارة أخرى أن الاثر إنما يترتب على البياض المنتشر المتبين في نفسه لولا المانع الخارجي. نعم إن عدم الرؤية والتبين إذا استند إلى وجود غيم في السماء أو إلى عمى في البصر أو نحو ذلك من موانع الرؤية لم يمنع ذلك عن الحكم بوجوب الإمساك وجواز الدخول في صلاة الفجر لتحقق الفجر في الواقع وهو متبين في نفسه من غير قصور لأن القصور في الرائي دون المرئي على الفرض، وهذا لعله مما لا شبهة فيه. وإنما الكلام فيما إذا استند عدم رؤية البياض المنتشر إلى ضوء القمر فهل يحكم وقتئذ بطلوع الفجر إذا اقتضته الموازين العلمية ويترتب عليه الحكم بجواز الصلاة ووجوب الامساك أو لا يترتب عليه شئ من ذلك لعدم تحقق الطلوع وعدم تبين البياض المنتشر في الأفق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك