الصفحة الإسلامية

عصمة الأنبياء قبل وبعد بعثتهم والقرآن الكريم (ح 6)


الدكتور فاضل حسن شريف

في کتاب العصمة للمؤلف السيد علي الحسيني الميلاني: تعريف العصمة الاصل في معنى هذه الكلمة هو المعنى اللغوي، فإنك إذا راجعت لسان العرب وتاج العروس والصحاح للجوهري، وجدتهم يفسّرون كلمة العصمة بالمنع أو كلمة عَصَمَ بمَنَعَ. وهذه المادة استعملت في القرآن الكريم أيضاً في قوله تعالى عن لسان ابن نوح: "قَالَ سَآوِي إلَى جَبَل يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أمْرِ اللهِ" (هود 43)، وأيضاً في قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا" (ال عمران 103)، وفي غير هذه الموارد. وإذا راجعتم كتب التفسير في ذيل هذه الايات المباركات، وجدتم المفسّرين يفسّرون كلمة العصمة أو مادة العصمة مثل هذه الايات بالتمسّك. ويقول الراغب: العصم هو الامساك، الاعتصام الاستمساك. والذي يظهر لي أن بين المسك والتمسك والاستمساك، وبين المنع، فرقاً دقيقاً ربما لا يلتفت إليه، وهكذا توجد الفروق الدقيقة بين ألفاظ اللغة العربية، فإن بين الحفظ والمنع والحجر والعصم وأمثال هذه الالفاظ المتقاربة في المعنى، توجد فوارق، تلك الفوارق لها تأثير في فهم المطلب في كل مورد تستعمل فيه لفظة من هذه الالفاظ. فالمعصوم، الله سبحانه وتعالى قد جعل فيه قوةً، تلك القوة تمنعه كما يقول أولئك، وتمسكه كما يقول الراغب. "قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أمْرِ اللهِ" (هود 43) أي لا مانع من أمر الله، أو لا ماسك من أمر الله، والفرق بينهما دقيق. تلاحظون، لو أن أحداً أراد أن يسقط من مكان عال ومنعه أحد من الوقوع يقولون: منعه من الوقوع، لكنْ إذا مدّ يده ومسكه كان هذا المنع أخص من ذلك المنع الذي ليس فيه مسك. لا نطيل عليكم، فلتكنْ العصمة بمعنى المنع. العصمة شرط في النبي بلا خلاف بين المسلمين في الجملة، وإنما قلت: في الجملة، لان غير الامامية يخالفون الامامية في بعض الخصوصيات التي اشترطها واعتبرها الامامية في العصمة، كما أن غير الامامية أيضاً قد اختلفوا فيما بينهم في بعض الخصوصيّات، إلاّ أن الاجماع قائم على اعتبار العصمة بنحو الاجمال بين جميع الفرق من الامامية والمعتزلة والاشاعرة. يشير العلامة الحلي رحمة الله عليه إلى رأي الامامية بالاجمال وإلى بعض الاقوال الاُخرى يقول: ذهبت الامامية كافّة: إلى أن الانبياء معصومون عن الصغائر والكبائر، منزّهون عن المعاصي، قبل النبوّة وبعدها، على سبيل العمد والنسيان، وعن كلّ رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة، وخالفت أهل السنة كافّةً في ذلك، وجوّزوا عليهم المعاصي، وبعضهم جوّزوا الكفر عليهم قبل النبوّة وبعدها، وجوّزوا عليهم السهو والغلط، ونسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى السهو في القرآن بما يوجب الكفر، ونسبوا إلى النبي كثيراً من النقص.

جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم ‌السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: مفسروا القرآن الكريم أخضعوا جميع الآيات القرآنية التي تنفي العصمة للبحث والمناقشة، وردّوا على الشبهات الواردة بشأنها، وقد وردت أجوبة كلية في هذا المجال: الآيات الواردة في عصمة الأنبياء هي من محكمات القرآن والآيات النافية من المتشابهات، وينبغي إرجاعها إلى محكمات الآيات لتخضع للتفسير وبيان المعنى. إذا وجد دليل بخلاف مقتضى الأدلة القطعية القائمة، فإمّا أن نَدَعه ونُهمِله، وإمّا أن يخضع للتأويل؛ وعلى هذا فإنّ الآيات التي لا تتضارب في الظاهر مع عصمة الأنبياء، يلزم تأويلها. إذا أخذنا بنظر الاعتبار جواز ترك الأولى للأنبياء، فيمكن أن نحمل جميع الآيات التي لا تتوافق مع عصمة الأنبياء والرّسل، على أنها ترك الأولى؛ لكن إذا لم نقل بجواز ترك الأولى لهم عليه السلام، فنقول أنّ تلك القضايا قد كمنت في نفسها مصلحة، لا ندركها نحن، كقصة النبي موسى عليه السلام والنبي خضر عليه السلام. وأشارت بعض الروايات إلى الآيات التي تُوهِم بنفي العصمة وردّت عليها، منها رواية عن الإمام الرضا عليه السلام عندما كان في مجلس المأمون، وقد حضره علماء دين من شتى الفرق والمذاهب، فسأل شخص اسمه علي بن جهم الإمام عليه السلام، هل أنّكم تعتقدون بعصمة الأنبياء؟ أجاب الإمام عليه السلام: نعم. ثم سأل ابن جهم عن تفسير الآيات 121 من سورة طه "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى"، و87 من سورة الأنبياء "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" (الانبياء 87)، والآية 24 من سورة يوسف "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ". في وقتها نهى الإمام الرضا عليه السلام أن يُوصف الأنبياء بصفات شنيعة تقل من مكانتهم وأن يُفسّر القرآن بالرأي، وبدأ بتفسير كل من الآيات التي سأل عنها ابن جهم. جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم ‌السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: مفسروا القرآن الكريم أخضعوا جميع الآيات القرآنية التي تنفي العصمة للبحث والمناقشة، وردّوا على الشبهات الواردة بشأنها، وقد وردت أجوبة كلية في هذا المجال: الآيات الواردة في عصمة الأنبياء هي من محكمات القرآن والآيات النافية من المتشابهات، وينبغي إرجاعها إلى محكمات الآيات لتخضع للتفسير وبيان المعنى. إذا وجد دليل بخلاف مقتضى الأدلة القطعية القائمة، فإمّا أن نَدَعه ونُهمِله، وإمّا أن يخضع للتأويل؛ وعلى هذا فإنّ الآيات التي لا تتضارب في الظاهر مع عصمة الأنبياء، يلزم تأويلها. إذا أخذنا بنظر الاعتبار جواز ترك الأولى للأنبياء، فيمكن أن نحمل جميع الآيات التي لا تتوافق مع عصمة الأنبياء والرّسل، على أنها ترك الأولى؛ لكن إذا لم نقل بجواز ترك الأولى لهم عليه السلام، فنقول أنّ تلك القضايا قد كمنت في نفسها مصلحة، لا ندركها نحن، كقصة النبي موسى عليه السلام والنبي خضر عليه السلام. وأشارت بعض الروايات إلى الآيات التي تُوهِم بنفي العصمة وردّت عليها، منها رواية عن الإمام الرضا عليه السلام عندما كان في مجلس المأمون، وقد حضره علماء دين من شتى الفرق والمذاهب، فسأل شخص اسمه علي بن جهم الإمام عليه السلام، هل أنّكم تعتقدون بعصمة الأنبياء؟ أجاب الإمام عليه السلام: نعم. ثم سأل ابن جهم عن تفسير الآيات 121 من سورة طه "فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى"، و87 من سورة الأنبياء "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" (الانبياء 87)، والآية 24 من سورة يوسف "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ". في وقتها نهى الإمام الرضا عليه السلام أن يُوصف الأنبياء بصفات شنيعة تقل من مكانتهم وأن يُفسّر القرآن بالرأي، وبدأ بتفسير كل من الآيات التي سأل عنها ابن جهم.

وفي كتاب رفع الشبهات عن الانبياء عليهم السلام للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: داوود وسليمان عليهما السلام: قال تعالى: "فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ" (ص 24-25) الظاهر من سياق الاية الايات المتقدمة على هذه الاية الكريمة، يعتقد مفسرون ان نبي الله داوود عليه السلام قد ارتكب المعصية وإلا لما أستغفر وندم. وإلا لما استغفر وندم . وإلا بماذا تخرجون لنا ذلك؟ والجواب على ذلك لم يحصل منه شيء سوى انه خالف القاعدة العامة في القضاء، وهي مطالبة المدعي بالبينة، وإنما لم يطالبه لانه علم ان الحق معه في تلك الواقعة فاستغنى عن البينة. وهذه من الذنوب الدقية التي لا تنافي العصمة وليس من الذنوب العامة التي تنافيها. مضافا ً الى إمكان ان يقال: انه باستغفاره أعتبر نفسه مذنبا ً. فغفرنا له الذنب الذي أعتبره على نفسه ولم مجازا ً أو تنزيلا ً .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك