الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله عز وجل "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" (البقرة 3) روى الخزاز بالإسناد عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمتقين على محجتهم، أولئك وصفهم الله تعالى في كتابه وقال: "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" (البقرة 3).
عن السيد عبد العظيم الحسني رضي الله عنه، قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى عليه السلام: إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما؟ فقال عليه السلام: (يا أبا القاسم، ما منا إلا وهو قائم بأمر الله عز وجل، وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملؤها عدلا وقسطا، هو الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وكنيه، وهو الذي تطوى له الأرض، ويذل له كل صعب، ويجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل: "أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة 148). فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل). ان ذلك يحتاج الى صبر المؤمنين "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة 155)
يقول المفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره (ان الانتظار إلهامٍ فطريٍّ أدرك الناس من خلاله على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب أنَّ للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير. وحينما يدعم الدين هذا الشعور النفسي العام ويؤكد أنَّ الأرضَ في نهايةِ المطاف ستمتلئ قسطاً وعدلاً بعد أنْ ملئت ظلماً وجوراً. الإيمان بالمهدي إيمانٌ برفضِ الظلمِ والجورِ. وأنَّ الظلم مهما تجبَّر وامتدَّ في أرجاء العالم وسيطر على مقدراته، فهو حالة غير طبيعية ولا بد أنْ ينهزم. وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمةِ مجده، تضع الأمل كبيراً أمامَ كل فردٍ مظلومٍ، وكل أمةٍ مظلومةٍ في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء). يتضح من مقالة الشهيد الصدر ان من يريد الانتظار ان يكون سباق في مقاومة الظلم لانها فطرة الانسان التي فطر الناس عليها. قال الشهيد الصدر ان الانتظار الهام فطري. ومن البديهي ان الامام المهدي عجل الله فرجه هو عدل القرآن الكريم يطلب من اعوانه في اي وقت ان يخشوا الله ولا يخشوا الظالم "إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي" (البقرة 150). وتأتي المرحلة التالية استخدام اليد بتدريبها لتقوى على الظالم وزمرته كما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). فاعداد القوة فرض كفائي ليكون المنتظر مستعد ليكون جندي الامام المهدي ضد الاعداء.
كان الامام العسكري عليه السلام خلال امامته يتجنب الاختلاط بالسلطة الحاكمة وكان اسلوبه الكتمان، كما هو شأن الانبياء والائمة من قبله، حتى في مراسلاته لتهديده بالقتل والسجن والنفي ومنها خوفا على ابنه الامام المهدي عليه السلام. وقد وقف الامام العسكري عليه السلام امام الفرق الضالة منهم الثنوية والصوفية وحركة التنصير. وقال الامام العسكري في وصيته في التمهيد لدولة ابنه الامام المهدي: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه. ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر اي يظهر. وبعد ان حصل انفتاح في بداية الخلافة العباسية على اتباع اهل البيت زمن الامام جعفر الصادق عليه السلام شهد بعده تراجع واضطهاد في إمامة موسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري ومحمد المهدي المنتظر. وكان سن الامام المهدي عجل الله فرجه عند استشهاد أبيه الامام الحسن العسكري عليه السلام خمس سنين واصبح اماما كما حصل لانبياء من قبله كيحيى وعيسى عليهما السلام حينما اتاهما الحكم في الصبى.
https://telegram.me/buratha