الدكتور فاضل حسن شريف
اثنى الله تعالى على رسوله الكريم ذلك الشاب الصادق الامين قبل نبوته "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (القلم 4) مما جعل السيدة خديجة عليه السلام تكون زوجة له. كما حصل مع النبي موسى عليه السلام قال الله تعالى "وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا" (القصص 14) مما جعل النبي شعيب عليه السلام يزوجه ابنته "قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ" (القصص 27). وفي الحديث النبوي (اغتنم شبابك قبل هرمك) و (اذا حفظت الله في شبابك حفظك الله في شيخوختك) و (ما اكرم شاب شيخا لسنه الا قبض الله له من يكرمه عند سنه) ومن العلماء من قال ان في هذا دليل على اطالة عمر الشاب الذي يكرم المسنين. وفي الحديث النبوي (اعدلوا بين اولادكم). وتعليم الصبيان له اجر كما جاء في الحديث الشريف (اذا قال المعلم للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم فقال الصبي بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله براءة للصبي وبراءة لابويه وبراءة للمعلم). واوضحت الدراسات ان افضل مراحل عمر الانسان لتربيته هي مرحلة الطفولة والصبا ومنها تعليمه عبادة الله وعدم الشرك به والاحسان الى الوالدين ولذي القربى وعدم التفاخر والتكبر "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا" (النساء 36). والرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم نموذج للشاب المخلص لزوجته حيث لم يتزوج غير خديجة عليها السلام في شبابه حتى وفاتها وعمره نحو 50 عاما.
الاحسان من صفات الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو القائل (احسنوا اذا وليتم)، و (افضلكم ايمانا، احسنكم اخلاقا)، و (ان اكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق). ومن اخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم انه كان عبدا شكورا. عن الإمام زين العابدين عليه السلام: (إن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد له، وتعبّد حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً). اكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الاصلاح بين الناس وهو القائل (صلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام، و (اصلح الناس اصلحهم للناس)، و (افضل الصدقة اصلاح ذات البين).
ان المهاجر بنظر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم غير المهاجر الذي يهاجر من بلد لآخر وهو القائل عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (المهاجر من هجر السيئات). وكان الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم همه مداراة الناس ومحبتهم (اعقل الناس اشدهم مداراة للناس)، و (احب عباد الله الى الله، انفعهم لعباده)، و (احبب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا). وكان مبدأ الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم عدم اكراه الناس على فعل شيء، وانما استخدام الموعظة الحسنة كما علمه ربه تبارك وتعالى "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ" (الغاشية 21-22)، و "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" (البقرة 256).
وكان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يتحمل المشاق الجسام والتضحية في سبيل المبادئ السامية التي حملتها رسالة الاسلام الخالدة ومنها محاصرته في شعاب ابي طالب مع عمه وأهل بيته من الهاشميين حيث وصف امير المؤمنين علي عليه السلام تلك الظروف بقوله (فأراد قومنا قتل نبينا، واجتياح أصلنا، وهمّوا بنا الهموم، وفعلوا بنا الأفاعيل، ومنعونا العذب، وأحلسونا الخوف، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، فعزم الله لنا على الذب عن حوزته، والرمي من وراء حومته). قال الله تبارك وتعالى "وَمِنْهمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ" (التوبة 61).
https://telegram.me/buratha