الدكتور فاضل حسن شريف
بسم الله الرحمن الرحيم "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" (الفاتحة 1)جاء في البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ذهب ابن عبّاس وابن المبارك وأهل مكّة كابن كثير وأهل الكوفة كعاصم والكسائي وغيرهما ما سوى حمزة وذهب إليه أصحاب الشافعي وجزم به قرّاء مكّة والكوفة وحُكِيَ عن ابن عمر وابن الزبير وأبي هريرة وعطاء وطاووس وسعيد بن جبير ومكحول والزهري وأحمد بن حنبل في بعض الرّوايات عنه وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد القاسم بن سلام ونقله البيهقي عن الثوري ومحمد بن كعب واختاره الرّازي في تفسيره ونسبه إلى قرّاء مكّة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز واختاره أيضًا جلال الدّين السّيوطي مدعيًا التواتر عليه، كلهم اتفقوا على أنّ البسملة جزءٌ من كلّ سورةٍ، هؤلاء كلهم علماء العامّة، كلّ هؤلاء من علماء العامّة وهذا ينقل عنهم أنّهم اتفقوا على أنّ البسملة جزءٌ من كلّ سورةٍ، ذكره الآلوسي والشّوكاني وابن كثير وابن الخازن والسّيوطي في كتابه الإتقان، كلهم ذكروا ذلك في تفسيراتهم أنّ كثيرًا من علماء السّنة ذهبوا إلى نفس هذا الرّأي الذي ذهب إليه كثيرٌ من علماء الشّيعة وهو أنّ البسملة جزءٌ من كلّ سورةٍ. في خصوص كلمة " الرَّحْمَـنِ"، سواء أكانت هيئة فعلان مستعملةً في المبالغة أم لم تكن، فإنَّ كلمة " الرَّحْمَـنِ" في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلّق، فيستفاد منها العموم وأنَّ رحمته وسعت كلّ شيء، ومما يدلنا على ذلك، أنه لا يقال: إنَّ اللّه بالنّاس أو بالمؤمنين لرحمن، كما يقال: إنَّ اللّه بالنّاس أو بالمؤمنين لرحيم. أمّا صفة "الرَّحِيمِ" فهي صيغة مبالغة. ومن خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل غالباً في الغرائز واللوازم غير المنفكّة عن الذات، كالعليم والقدير والشريف والوضيع والسخي والبخيل والعليّ والدنيّ. فالفارق بين الصفتين: أنَّ الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات وعدم انفكاكها عنها، والرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط، ومما يدلّ على أنَّ الرحمة في كلمة «رحيم» غريزةٌ وسجيّةٌ: أنَّ هذه الكلمة لم ترد في القرآن عند ذكر متعلّقها إلاّ متعدية بالباء.
جاء في موقع سماحة العلامة السيد منير الخباز في تفسير سورة الفاتحة: وهناك قراءتان: "مَالِك" و"مَلِك"، "مَالِك يوم الدّين" (الفاتحة 4) و"مَلِك يوم الدّين" (الفاتحة 4)، هناك قراءتان، الآن نحن نبحث بحثًا فقهيًا: هل يجوز القراءة بكلا القراءتين يعني: يجوز للمصلي أنْ يقرأ في صلاته مَالِك ويجوز له أنْ يقرأ مَلِك. سيّدنا الخوئي قدّس سرّه تعرّض لهذه المسألة وقال: نعم يجوز قراءة "مَالِك"، يجوز قراءة "مَلِك".
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: فإن قوله تعالى: "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ" (الفاتحة 7). فيه دلالة على وجود طريق مستقيم سلكه الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ووجود طرق اخرى غير مستقيمة سلكها المغضوب عليهم، من المعاندين للحق، والمنكرين له بعد وضوحه، والضالون الذين ضلوا طريق الهدى بجهلهم، وتقصيرهم في الفحص عنه، وفي اقتناعهم بما ورثوه من آثار آبائهم ، فاتبعوهم تقليدا على غير هدى من الله ولا برهان. والقارئ المتدبر لهذه الاية الكريمة يتذكر ذلك فيحضر في ذهنه لزوم التأسي بأولياء الله المقربين في أعمالهم، وأخلاقهم وعقائدهم، والتجنب عن مسالك هؤلاء المتمردين الذين غضب الله عليهم بما فعلوا، والذين ضلوا طريق الحق بعد اتضاحه.
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: فإن للقرآن في أنظمته وتعاليمه مسلكا يتمشى مع البراهين الواضحة ، وحكم العقل السليم ، فقد سلك سبيل العدل ، وتجنب عن طرفي الافراط والتفريط. فتراه في فاتحة الكتاب يطلب عن لسان البشر من الله الهداية إلى الصراط المستقيم بقوله : "اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ" (الفاتحة 6). وهذه الجملة على وجازتها واختصار ألفاظها واسعة المعنى بعيدة المدى. وقد أمر القرآن بالعدل وسلوك الجادة الوسطى في كثير من آياته.
جاء في البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي: المعروف: أن سورة الفاتحة مكية، وعن بعض أنها مدنية، والصحيح هو القول الأول، ويدل على ذلك أمران: الأول: أن فاتحة الكتاب هي السبع المثاني وقد ذكر في سورة الحجر أن السبع المثاني نزلت قبل ذلك، فقال تعالى: "ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم" (الحجر 87). وسورة الحجر مكية بلا خلاف: فلا بد وأن تكون فاتحة الكتاب مكية أيضا. الثاني: أن الصلاة شرعت في مكة، وهذا ضروري لدى جميع المسلمين ولم تعهد في الاسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب، وقد صرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك بقوله: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) وهذا الحديث منقول عن طريق الامامية وغيرهم. وذهب بعض: إلى أنها نزلت مرتين، مرة في مكة، وأخرى في المدينة تعظيما لشأنها، وهذا القول محتمل في نفسه وإن لم يثبت بدليل، ولا يبعد أن يكون هو الوجه في تسميتها بالسبع المثاني، ويحتمل أن يكون الوجه هو وجوب الاتيان بها مرتين في كل صلاة: مرة في الركعة الأولى ومرة في الركعة الثانية. أن الله تعالى قد جعلها عدلا للقرآن العظيم في آية الحجر المتقدمة، وأنه لا بد من قراءتها في الصلاة بحيث لا تغني عنها سائر السور، وأن الصلاة هي عماد الدين، وبها يمتاز المسلم عن الكافر. روى الصدوق باسناده عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام.
أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب وهي سبع آيات تمامها: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله تعالى قال لي يا محمد: ("ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم" (الحجر 87) فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش).
https://telegram.me/buratha