الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة الوسيلة في آيتين في القرآن الكريم قال الله تبارك وتعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿المائدة 35﴾ الوسيلة: ال اداة تعريف، وسيلة اسم، الوسيلة تعني القربى والحاجة، وابتغوا اليه الوسيلة اي وابتغوا اليه القربى او الحاجة، و "أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا" ﴿الإسراء 57﴾ يبتغون الى ربهم الوسيلة اي يبتغون الى ربهم القربى. ولغة الوسيلة لها معاني اخرى مثل السرقة. يلاحظ في الآيتين المباركتين وجود كلمة من مشتقات الابتغاء.
قال الله تبارك وتعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ" (ابراهيم 5) هنالك وسائل تقربنا الى الله تعالى ومنها الوسائل الزمانية والمكانية. وما ايام الله في الاية المباركة الا هي احدى الوسائل الزمانية. فالصلاة الواجبة من الوسائل الزمانية التي فيها اوقات محددة وهكذا صلاة الليل وليلة الجمعة وليلة القدر. اما الوسائل المكانية المقربة الى الله هي المساجد والمشاهد المشرفة. فكلما يسرع المؤمن الى اي وسيلة من هذه الوسائل تزداد قوة القربى الى لله جل جلاله، فالاسراع الى الصلاة في وقتها، او ان نكون من الاوائل في الذهاب الى المسجد لصلاة الجمعة اكثر ثوابا من الاخرين. وعبادة مكان المسجد افضل من عبادة مكان البيت. وهنالك اوقات يزداد فيها الثواب ومنها الصيام في شهري رجب وشعبان بالاضافة الى الصيام الواجب في رمضان. فان الازمنة والامكنة تخرج الناس من الظلمات الى النور كما ذكرتها الاية (ابراهيم 5). والصيام في رجب يطوي المسافات وتقربها الى رب العالمين وكما هي ليلة القدر تطوي عبادة 83 سنة "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" (القدر 3).
قال الله تبارك وتعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿المائدة 35﴾ ورد في التفسير المنسوب للامام الحسن العسكري عليه السلام بصدد بيان معنى هذه الاية المباركة قال: قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: حدثني أبى، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قال: يا عباد الله إنّ آدم لمّا رأى النور ساطعاً مِنْ صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا مِنْ ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبيّن الأشباح فقال: ياربّ ما هذه الأنوار؟ قال الله عزوجل: أنوار أشباح نقلتهم مِنْ أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الاشباح. فقال آدم: ياربّ لو بيّنتها لي؟ فقال الله تعالى: إنظر يا آدم إلى ذروة العرش فنظر آدم ووقع نور أشباحنا مِنْ ظهر آدم على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال: ما هذه الاشباح ياربّ؟ فقال الله تعالى: يا آدم هذه الاشباح أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد وأنا المحمود والحميد في أفعالي، شققت له أسماً مِنْ أسمي، وهذا عليٌّ وأنا العلي العظيم شققت له إسماً من أسمي، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والارض فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي وفاطم أوليائي عما يعتريهم ويشينهم فشققت لها إسماً مِنْ أسمي، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت لهما اسماً من أسمي هؤلاء خيار خليقتي وكرام بريتي بهم أخذ وبهم أُعطي وبهم أُعاقب وبهم أثيب فتوسّل إليَّ بهم يا آدم وإذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك فإني آليت على نفسي قسماً حقاً لا أُخيب بهم آملاً ولا أرد بهم سائلاً. فلذلك حين نزلت منه الخطيئة دعا الله عزوجل بهم فتاب عليه وغفر له.
https://telegram.me/buratha