الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: تركيز الأديان على الثواب والعقاب الأخرويين: وعلى هاتين الحقيقتين البديهيتين الفطريتين ترتكز الأديان عامة في حمل الناس على سماع دعوتها والنظر في أدلته، ثم اعتناقها والالتزام بتعاليمها بعد ثبوتها ووضوح حجته. وذلك بعد أن أكدت الأديان على معاد الإنسان بعد الموت، ثم نيله الجزاء بالثواب العظيم على الإيمان بالدين والتزام تعاليمه، والعقاب الشديد على التسامح في ذلك والتفريط فيه. وفي القرآن المجيد مضامين عالية في الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، تهز الناظر فيها شوقاً للثواب وفَرَقاً من العقاب. نماذج من العرض القرآني للثواب والعقاب الأخرويين: قال عزّ من قائل: "المُلكُ يَومَئِذٍ الحَقُّ لِلرَّحمَنِ وَكَانَ يَوماً عَلَى الكَافِرِينَ عَسِيراً* وَيَومَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيهِ يَقُولُ يَا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يَا وَيلَتَى لَيتَنِي لَم أتَّخِذ فُلاَناً خَلِيلاً* لَقَد أضَلَّنِي عَن الذِّكرِ بَعدَ إذ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيطَانُ لِلإنسَانِ خَذُول" (الفرقان 26-29) إلى غير ذلك من ما يضيق المقام عن استقصائه.
جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: وقال عز وجل: "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ" (الفرقان 77). وفي رسالة الإمام الصادق عليه السلام للشيعة التي كانوا يضعونها في مساجدهم ويتدارسونها: (وعليكم بالدعاء فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء، والرغبة إليه، والتضرع إلى الله والمسألة، فارغبوا في ما رغبكم الله فيه، وأجيبوا الله إلى ما دعاكم، لتفلحوا وتنجحوا من عذاب الله. وفي حديث الفضيل عنه عليه السلام : (قلت له أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وحسن الصحابة لمن صحبك، وإذا كان قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فعليك بالدعاء، واجتهد، ولا يمنعك من شيء تطلبه من ربك، ولا تقول: هذا ما لا أعطاه، وادع فإن الله يفعل ما يشاء" إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة. وقد تظافرت النصوص بأن الدعاء يرد القضاء والبلاء وقد أبرم إبرام. فعليكم أن لا تغفلوا هذا الجانب العظيم الذي مَنّ الله تعالى به على عباده رحمة منه بهم، وهو يزيد من ارتباطكم بالله تعالى ويوثق علاقتكم به، ويعرّضكم لرحمته ولطفه. كما أنه يرفع من معنوياتكم، ويشعركم بالقوة والرفعة، ويزيدكم طمأنينة وصلابة، وعزماً وتصميم. وقد قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه في وصيته لولده الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام: (وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن أنت أخذت به". ولا تغفلوا تعاهد ذلك في ممساكم ومصبحكم. ولاسيما في أوقاته المعروفة، ومواسمه المعهودة، كأدبار الصلوات، وأيام الجمع ولياليه، وشهر رمضان المبارك، والأعياد، وليلة النصف من شعبان إلى غير ذلك. ولأهل البيت صلوات الله عليهم من ذلك كنوز ثمينة، ولآلي مكنونة، وجواهر منضدة، حملها عنهم شيعتهم، وحافظوا عليها وتعاهدوه، حتى عرفوا به، فكانت عنوان فخرٍ لهم، ووسام عز وشرف يشهد بانتمائهم لأهل البيت صلوات الله عليهم حقاً وركوبهم لسفينتهم، وبتمسكهم بهم، وبخوعهم لهم، واختصاصهم بهم، حتى خصهم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بالعلوم والمعارف الإلهية التي أودعها الله تعالى عندهم، وأعطاهم مفاتيحه. ويؤكد ذلك عليكم أنكم في بلاد أطبق عليها ظلام الضلال والغفلة، لا يعرف فيها الله تعالى، ولا يذكر، فاجهدوا أن تكثروا من ذكره لتكونوا نوراً في ذلك الظلام، ومصابيح لله تعالى في تلك البلاد. وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: (قال: يا أبا ذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين في سبيل الله) ونحوه نصوص كثيرة. وقد ورد في حديث غزوة مؤتة: "فلما ودّع عبدالله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: مرني بشيء احفظه عنك. قال: إنك قادم غداً بلداً السجود به قليل، فأكثر السجود. فقال عبدالله: زدني يا رسول الله. قال: أذكر الله فإنه عون لك على ما تطلب).
https://telegram.me/buratha