الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب مسائل معاصرة في فقه القضاء للسيد محمد سعيد الحكيم: لو لم يجز حكم الحاكم بعلمه لزم إما فسقه، أو إيقاف الحكم، و هما معا باطلان، و ذلك لأنه إذا حكم بخلاف ما يعلم كان حاكما بالباطل فيفسق، و إذا توقف عن الحكم لزم إيقاف الحكم لا لموجب. بل يلزم تركه إنكار المنكر و إظهار الحق مع إمكانه، و هو محرم. و فيه: أنه إن استفيد من الأدلة موضوعية قيام الحجج التي يرتكز عليها القضاءكالبينة و اليمين و اليدو إن لم تكن حجة على الحاكم كان الحكم على طبقها حقا لازما غير موجب للفسق و إن كان مخالفا للواقع. و إن لم يتم ذلك تعين التوقف عن الحكم. و كفى بذلك موجبا له. و لا محذور في عدم إظهار الحق، إذا كان الخارج عنه متسترا بذلك، بل يجب ستره عليه حينئذ، و يحرم فضحه، فضلا عن عقوبته بعد عدم تمامية شروطها الشرعية. و لذا قد لا تجوز الشهادة عليه إذا لم يتم النصاب، و قد يحدّ الشهود حدّ الفرية. غاية الأمر أن ينكر المنكر عليه سرّا حينئذ. الخامس: ما تضمن الخطاب بالحكم عند تحقق موضوعه، كالخطاب بالحدود و القصاص عند تحقق أسبابها، في قوله تعالى: "الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ" (النور 2) و غيرها. فمع علم الحاكم بتحقق الموضوع يتعين عليه ترتيب الحكم، و العمل عليه. و فيه: أنه حيث لا ريب في عدم السلطنة على ترتيب تلك الأحكام إلا لخصوص بعض الناس، و في خصوص بعض الحالات، و البناء على عدم الإطلاق للخطابات المذكورة و عدم نظرها لمقام العمل، و أنها واردة لسببية هذه الأسباب في الجملة، أو لبيان مجرد كونها مقتضيات من دون أن تكون عللا تامة، أولى من البناء على إطلاقها، ثم تخصيصها، لاستلزامه كثرة موارد التخصيص، بنحو قد يكون مستهجنا. و لا سيما مع اختلاف أحكام بعض هذه الموضوعات باختلاف طرق الإثبات، مثل ما أشير إليه في السؤال الآتي من لزوم الحدّ مع البينة و جواز العفو مع الإقرار. و ما في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل محصن فجر بامرأة فشهد عليه ثلاثة رجال و امرأتان، قال: فقال: إذا شهد عليه ثلاثة رجال و امرأتان. وجب عليه الرجم، و إن شهد عليه رجلان و أربع نسوة فلا تجوز شهادتهم، و لا يرجم، و لكن يضرب حدّ الزاني». و غيرهما. فإن اختلاف الحكم باختلاف الطريق شاهد بعدم تمامية موضوع الحكم قبل قيام الطريق.
جاء في كتاب مصباح المنهاج / التجارة للسيد محمد سعيد الحكيم: وبذلك يظهر أنه لو أكره الولي على إيقاع المعاملة عن المولى عليه، وهو لا يحرز على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه، يستتبع الإضرار. لكن الخبر ـ مع ضعفه في نفسه، لأن في طريقه عبد الله بن القاسم المشترك بين الموثق والضعيف والمجهول لابد من الاقتصار فيه على مورده، وهو اليمين، لظهور أن الإكراه يعمّ ما يقع من السلطان ويستتبع الضرر الفادح، وليس مقابلاً للجبر الحاصل من السلطان، كما تضمنه الخبر. ولاسيما بملاحظة مثل قوله تعالى: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا" (النور 33)، لظهور أن حمل المولى للأمة يبتني على التخويف، نظير حمل السلطان للرعية. بل مادة الكره بالفتح تناسب القسر، ولذا تقابل بالطوع كما في كثير من الآيات الشريفة، وهو مناسب لحمل الإكراه على الدفع نحو المطلوب من طريق التخويف بالضرر الفادح، بحيث يشبه القسر الرافع للاختيار. ومن ثم لا مجال للخروج بالخبر المتقدم عن جميع ذلك.
جاء في شبكة الضياء عن صفحات من حياة السيد محمد سعيد الحكيم للسيد ضياء الخباز: وأمّا أدوار مرجعيّته فمن أهمّها الاهتمام بتعمير وتشييد المراقد المقدّسة في العراق والنجف الأشرف والكوفة وكربلاء، فإنَّه لمّا آلت إليه المرجعية، ووجد أنَّ المشاهد والمراقد الشريفة لسوء العناية والرعاية قد كان حالها يحتاج إلى الصيانة والتعمير، جعل ذلك من أولويات مرجعيّته، جزاه الله تعالى عن ذلك خير الجزاء. فليسمع أولئك الذين يقولون: لا دليل عندنا على استحباب تعمير المشاهد والمراقد. ولماذا نصرف كلّ هذه الأموال من أجل مراقد أئمتنا ومشاهدهم؟ فليسمع هؤلاء كيف هي سيرة مراجعنا في الاهتمام بتعمير مراقد ومشاهد أئمتنا عليهم السلام، وقد قال تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ" (النور 36)، أي: أذن الله أن تُرْفَع رفعةً معنويةً، وأذن الله أن تُرْفَع رفعةً ماديةً فتعمَّر وتعظَّم.
جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: شمولية نظام الكون ودقته وروعته: ويزيد في تجلي هذه الحقيقة العظيمة ووضوحها هو دقة الصنع وإتقانه، وتناسقه وإحكامه، وروعة الكون وشمولية نظامه، وما فيه من طرف وعجائب، بنحو يبهر العقول ويحيّر الألباب، ويضطر العاقل للبخوع والإذعان، لا بوجود الخالق المدبر فحسب، بل بعظمته وحكمته، وقدرته المطلقة وإحاطته. وابدأ في الملاحظة والتدبّر بالإنسان في تطوره من مبدأ خلقه إلى منتهى حياته، ودقائق جسده، وإدراكه ومنطقه، وعواطفه وانفعالياته، وغرائزه وعقله، ومرضه وشفائه. إلى غير ذلك. ثم توجه في مثل ذلك إلى الحيوان إلى النبات إلى الماء والهواء إلى الأنهار والبحار إلى السهول والجبال إلى الغلاف الجوي إلى الكواكب السابحة في الفضاء إلى ما لا يحصى من آيات مذهلة، وبدائع خلقة مروعة، تخرس ألسنة المعاندين، ولا تدع لقائل مقال. وَفِي كُلّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ * تَدُلُّ عَلى أنهُ واحِدُ. نماذج من العرض القرآني لآيات الله تعالى: قال عزّ من قائل: "ألَم تَرَ أنَّ اللهَ يُزجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِن السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأبصَارِ* يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبرَةً لِأُولِي الأبصَارِ" (النور 43-44). إلى غير ذلك من آيات الله تعالى الباهرة، ونعمه الباطنة والظاهرة، التي تعرضت لها الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، ويدركها عامة الناس وخاصتهم.
https://telegram.me/buratha