الدكتور فاضل حسن شريف
قال الشيخ جلال الدين الصغير: ورد بأسانيد موثوقة وصحيحة منها ما عن الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت له: "وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" (الانعام 75) قال: كشفت له السماوات والأرض حتى رآها ورأى ما فيها والعرض ومن عليه قال: قلت: فأوتي محمد مثل ما أوتي إبراهيم؟ قال: نعم وصاحبكم هذا. وروي قريب منه بإسناد أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن مسكان، عن الإمام الصادق عليه السلام. وكذا عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي بصير. وفي صحيحة ثقة الإسلام الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله الحجال، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فلت: جعلت فداك إني أسألك عن مسألة إلى أن قال: يا أبا محمد سل عما بدا لك، قال: قلت: جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم علم عليا عليه السلام بابا يفتح له منه ألف باب قال: فقال: يا أبا محمد علم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا عليه السلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب. إلى أن قال عليه السلام: إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال: قلت: جعلت فداك هذا وآله هو العلم، قال: إنه علم وليس بذلك. قال: قلت: جعلت فداك فأي شئ العلم؟ قال: ما يحدث بالليل النهار، الأمر بعد الأمر، والشئ بعد الشئ إلى يوم القيامة. هذه باقة من مجموعة مئات الأحاديث والروايات الصحيحة والموثوقة والحسنة والمعتبرة التي تجمع على وجود الولاية التكوينية لدى المعصوم عليه السلام وبعدها هل يبقى لنا كر من حجة؟
واستطرد الشيخ الصغير في كتابه الولاية التكوينية الحق الطبيعي للمعصوم: في الواقع تظهر لنا آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا" (المائدة 55) وكذا الآيات التي تحدثت عن تعلق الوجود بوجود المعصوم عليه السلام، وكذا جملة كثيرة من الروايات أن الرسول صلى الله عليه واله وسلم الذي بلغ في عمله أعلى درجة الحسن في العمل وبالتالي تعلقت غاية الخلق بوجوده وفق مفاد الآية الكريمة "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" (هود 7) أنه يستحق أن تكون ولايته مطلقة، فمن علق كل الكون بوجوده ما أسهل تصور أن ينقاد له هذا الكون كله، سيما وأنه بلغ من المنزلة عند الله ما لم يبلغها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما تظهر آيات سورة النجم الأولى، ولهذا يمكن القول أن ولاية الرسول صلى الله عليه واله وسلم على هذا الكون هي ولاية مطلقة، ومن ولايته نستنج تماثل ولاية أهل البيت عليه السلام مع ولايته صلى الله عليه واله وسلم بناء على دلالات الآية الكريمة:"أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ" (ال عمران 61).
وفي باب شبهات وردود يقول الشيخ جلال الدين الصغير: قال أهل الإنكار بأن التفويض يستلزم التعارض مع قدرة الله لأنهم تصوروا أن الولاية تعني أن الله خلق ثم فوض شؤونهم إلى الأنبياء والأوصياء، مما يستلزم تعطيل القدرة الإلهية، هذا الكلام مرادف لكلام اليهود حينما قالوا: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ" (المائدة 64). فيما تصور الغلاة أن التفويض يستلزم وجود ولاية عرضية في قبال ولاية الله، وليست هي ولاية بالتبع لولاية الله، الأمر الذي يفترض لأصحاب الولاية التكوينية نمطا من القدرات الخالقية والفاعلية بمعزل عن إرادة الله، ولهذا فرضوا لهم مقامات يغر مقاماتهم، وأنزلوهم منازل تبرؤوا من ادعائها. وليس تفنيد حجة الغلاة بعسير سيما إذا تطلعنا إلى إصرار القرآن على التأكيد على بشرية الرسل وبالتالي الأوصياء كما في قوله تعالى: "وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا" (الاسراء 90-93)، وكذا قوله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ" (الكهف 110) وأمثال ذلك كثير.
https://telegram.me/buratha