الدكتور فاضل حسن شريف
ورد ان الاف الكتب وردت الى الحسين عليه السلام من الكوفة تحثه على القدوم اليها لانقاذهم من الامويين وخمسون كتابا من اشراف الكوفة منها (إلى الحسين بن علي، من شيعته من المؤمنين والمسلمين. أما بعد، فجئ أهلاً، فان الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل، ثم العجل العجل، والسلام). وجاء في بعضها : (أما بعد فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، واعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فإذا شئت فاقبل على جند لك مجندة والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى أبيك من قبلك). لقب الحسين مسلم بن عقيل عليهما السلام بانه ثقته.
وورد ايضا ان معاوية بعد استشهاد الحسن عليه السلام قد افرغ العشائر الكوفية الموالية لعلي عليه السلام و ابعدهم الى خراسان واستبدلهم بعشائر الشام الموالية له الا القلة القليلة. فاهل الكوفة الذين غدروا بالحسين ومن قبله مسلم عليهما السلام معظمهم اتباع معاوية بالاضافة الى جيشه الشامي. وعمل معاوية على تدريب وتجنيد اتباعه في الكوفة وحول الكوفة من منطقة مدنية الى منطقة اهلها مدربين ومهيئين للدفاع عن بني امية، وهذا ما حصل. وخلال حكم يزيد ازداد عدد الموالين لبني امية نتيجة الولادات الجديدة وقدوم موالين من امصار اخرى. لذلك فان الكوفة كان خليط من موالين وغير موالين للحسين عليه السلام.
كتبت رسالة الى يزيد عن مسلم بن عقيل (أما بعد فإن مسلم بن عقيل قد قدِم الكوفة، وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن أبي طالب، فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قوياً، ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يَتَضَعَّف) فاختار يزيد عبيد الله بن زياد ليرسله الى الكوفة.
وذكر ابو جعفر الطبري في كتابه تأريخ الطبري أحس النعمان بن بشير بخطورة الوضع قام فخطب بالناس ونصحهم بعدم المسارعة الى الفتنة والفرقة وقال اني لم اقتل من لم يقاتلني. وقد كان النعمان رجلا مسالما فاثارت سياسته حفيظة احد الامويين فقام الى النعمان بن بشير وبين ان طريقته طريقة المستضعفين وعليه ان ينهج سياسة البطش والقوة الا انه رد عليه بأنه يراقب الله في سياسته. وصلت هذه الاخبار الى يزيد ولم تعجبه سياسة النعمان فعزله عن ولاية الكوفه وعين بدله عبيد الله بن زياد وكتب اليه ان توثق او تقتل او تنفي مسلم بن عقيل والسلام ولما وصل الكتاب الى ابن زياد تهيأ وسار فورا الى الكوفه واقبل عليها متلثما وقد ظن الناس انه الحسين بن علي وقالوا مرحبا بك يا ابن رسول الله قدمت خير مقدم فلما نزل ابن زياد في قصر الكوفه نودي الصلاة جماعة فاجتمع الناس وخرج اليهم ثم خطبهم ووعد من اطاع منهم خيرا وتوعد من خالف بالشر.
قيد جسد مسلم بن عقيل بعد ان قتله ابن زياد بالحبال ليسحب في اسواق الكوفة. هذه هي الخلافة الاموية لا انسانية لها وخارجة عن الدين الاسلامي واعمالها منافية للشريعة الاسلامية التي لا تسمح بالتمثيل بالموتى. يروى ان مرت جنازة يهودي فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله انه يهودي، فقال: انه الموت، فهو انسان وحدثت له حادثة الموت الخطيرة التي لا تدع مخلوقا الا ما شاء الله، فاحتراما لانسانية الانسان وتوقيرا للموت وملك الموت، والايمان باليوم الاخر بعد الموت، وقف النبي صلى الله عليه واله وسلم حتى مرت الجنازة. وبنو امية لا تنطبق عليهم الاية الكريمة "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" (ال عمران 110).
https://telegram.me/buratha